أثير – مكتب صلالة
كتبت: إيمان بنت الصافي الحريبي
شكى عددٌ من الحرفيات العاملات في مجال تصنيع اللبان والبخور ارتفاع سعر شراء اللبان من التجار مقارنة بالسعر المعتاد لشرائه سابقا وذلك وفق ملاحظاتهم لحال الأسعار خلال الفترة الأخيرة.
وقالت رائدة الأعمال أثير بنت مسلم تبوك صاحبة مشروع “لبانية” – وهو مشروع رائد في مجال تصنيع اللبان والتوعية بأهميته- لـ “أثير” بأن هذه الأشجار تتعرض للكثير من المخاطر البيئية والاقتصادية والتي أثرت سلبًا على سهولة توفر اللبان، فضلا عن زيادة ارتفاع الأسعار بشكل خارج عن السيطرة، وكذلك انخفاض جودة اللبان، وفتح المجال للجوء إلى استيراد اللبان اليمني والصومالي كتعويض للنقص الذي بدأ يلازم المستهلك والتاجر العماني؛ لافتة إلى أن هذه المرحلة تمثل ناقوس خطر حول وفرة اللبان العماني وأهمية حماية أشجاره والتوعية السليمة للمجتمع للاهتمام به كسلعة بيئية و تاريخية واقتصادية.
وأوضحت أثير تبوك أن شجرة اللبان العريقة التي تتميز بها محافظة ظفار، لها أهميتها التاريخية والبيئية والاقتصادية؛ فهي كنز موروث على مد التاريخ، فاللبان العماني، خاصة اللبان الحوجري يتمتع بخصائص علاجية لأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي، وفوائده العديدة على صحة الجسم ومناعته وكذلك جمال ونضارة البشرة، لهذا يعد اللبان مصدرا طبيعيًا مهمًا للعديد من الاستخدامات مثل تحضير منتجات العناية الطبيعية والزيوت العلاجية والعطور والبخور.
وذكرت بأن أسعار اللبان للجونية الواحدة (حوالي ٤٠ كجم) قد ارتفع من متوسط ١٢٠ ريالًا إلى ٢٠٠ ريال، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على اللبان والانتظار قد يصل بين ٥ شهور إلى سنة للحصول على كمية مقبولة من اللبان النظيف .
وتُرجِع أثير تبوك أسباب ارتفاع أسعار اللبان خلال الفترة الماضية إلى عدة عوامل حددتها في تصريحها لــ” أثير” على أنها عوامل بشرية والتي تتمثل وفق ما سردت بأن هناك عمليات لاستخراج اللبان بطرق غير مرخصة أو قانونية من قبل العمالة الوافدة.
وتشير إلى أن العامل الآخر لارتفاع الأسعار ذو جانب اقتصادي ويتمثل في محاولة تلك العمالة الوافدة التي تستخرج اللبان خلسة لاحتكار السوق في ظل غياب الرقابة والتشريع الذي ينظم عملية بيع اللبان واستخراجه فضلا عن أن هناك ميلًا أكثر لبيع اللبان لقرائنهم وللمصانع الكبيرة بدلا من البيع المباشر للسوق والمواطنين الذين يبحثون عن المنتج.
وتؤكد تبوك بأن هناك آثارًا مترتبة جراء الارتفاع الذي يشهده سعر اللبان مؤخرا منها التأثير على جودة اللبان العماني ( الحوجري) وذلك بقيام بعض الوافدين بالاحتيال وخلطه باللبان اليمني والصومالي وذلك لزيادة الكمية ورفع السعر وبيعه على أساس أنه لبان حوجري صافي. موضحة بأن بعض الآثار الاقتصادية التي تُعزى كذلك لارتفاع أسعار اللبان تتعلق بجهل أولئك التجار بقيمة اللبان الحقيقية ويفضلون الربح على الجودة وبيعها للوافد أو للمصانع وتجاهل الحرفيين والمستهلكين المحليين وبذلك يتم التلاعب في الأسعار ومضاعفتها مؤثرين بذلك بشكل كبير على أصحاب المشاريع الصغيرة و المتوسطة وصانعي البخور الذين يعتمدون في تجارتهم على اللبان ويبحثون عن أجود الأنواع.
وتضيف بأن العامل الثالث فهو عامل بيئي ويتمثل في عدة محاور منها تراجع إنتاجية أشجار اللبان من ١٠ كجم إلى حوالي ٤ كجم للشجرة الواحدة، و كذلك فقدان عدد من أشجار اللبان في موطنها بمحافظة ظفار إبان الأنواء المناخية الماضية “مكونو” ، بالإضافة إلى ارتفاع عدد أشجار اللبان السائبة الموجودة في المنحدرات والشوارع في المناطق التي تعرض هذه الشجرة للتلوث، مما يعرض المنتج لانخفاض جودته.
وتقول أيضأ: بالرغم من وجود جهود كبيرة وحثيثة لحماية اللبان وأشجاره وإنشاء محميات لأشجار اللبان مثل محمية جبل سمحان ومحمية وادي دوكة، إلا أن اللبان ما يزال يتعرض يومًا بعد يوم لمخاطر انقراضه، والحل هو وضع قوانين مثل حماية المستهلك تحث مزارعي وحاصدي وتاجري اللبان بأولوية بيعه للمواطن بسعر مقبول، بالإضافة إلى توعية المجتمع بقيمة اللبان الصحية والتاريخية والتجميلية والاقتصادية، وكذلك توعيتهم بأهمية دورهم في حماية أشجار اللبان، و أخيرًا استزراع اللبان يدويًا وحث المجتمع للإسهام في ذلك.
يُذكر أن “أثير تبوك” قد أسست مشروع مؤسسة لبانية منذ العام 2016 حيث يقوم المشروع باستخدام اللبان الحوجري كأساس لصنع منتجات عناية طبيعية، ويقوم أيضا بإعادة تدوير اللبان واستغلاله بكافة مشتقاته، بالإضافة إلى توعية الزبائن والمجتمع بأهمية اللبان وتذكيرهم بدورهم في حماية هذه الأشجار، و تثقيف المجتمع بالخلفية العلمية والدراسات المتعلقة باللبان وصحة البشرة. وأثير مسلم تبوك هي خريجة تخصص الأحياء الدقيقة والعلوم الحيوية من جامعة ميشيغان الأمريكية، وقد دفعها حبها لتصوير الطبيعة بأن ترى بعينيها عن كثب مدى أهمية وفعالية المواد العضوية الطبيعية على صحة الإنسان وصحة البشرة بشكل خاص.
