أثير- موسى الفرعي
لا يضيع الحق وإن تأخر موعده قليلا، وأما الخيانة فهي رمح يعود إلى عنق صاحبه. كم مرة حاولوا إلباس الحق بالباطل، وكم من مرة حاولوا تدنيس الثوب العُماني الناصع باتهامات عديدة من بينها تهريب الأسلحة إلى الفصائل والميليشيات المتقاتلة في اليمن عبر الحدود العُمانية، وتظل عُمان ثابتة ثبات الواثق في وقت التجاذبات والترهات؛ لأنها تؤمن بما هي عليه من الحق، وضعف الآخر بما يلفه من الباطل، وأما الشعب العماني فهو في كل مرة يعبر تلك الترهات وكأنها لا شيء، وذلك نتيجة إيمانه بحكمة السياسة العمانية وجوهر الإنسان العماني الأصيل الذي لم تلوثه الصراعات والأطماع والأهواء.
إن الله يقيّض في كل مرة لعمان من خارجها، من يجيء بالحقيقة ويتتبع الأكاذيب ليفندها فيغرق في أحقاده كل من أراد بها سوءًا بمثل تلك الأكاذيب والشائعات، فمن قبل نفى محافظ المهرة وعلى الهواء مباشرة ما أورده مذيع قناة “أبوظبي” الذي حاول تمرير اتهام السلطنة بتهريب الأسلحة من خلال منفذ صرفيت العماني إلى اليمن، كما أكدت قناة DW الألمانية بالأدلة الدامغة الآلية الكاملة لقضية شراء وتهريب الأسلحة ومن هو المستخدم الأخير لها، وها هي منظمة العفو الدولية تنشر في السادس من فبراير الجاري تقريرًا يُبرئ عمان من هذه التهمة اللاإنسانية، وتتهم الإمارات المشاركة في التحالف العسكري ضد اليمن بتزويد الأسلحة وتهريبها للميليشيات اليمنية المتهمة بارتكابها لجرائم حرب، مثل ” ألوية العمالقة وقوات النخبة والحزام الأمني “. إن الجغرافيا تكذبهم والعقل والمنطق يكذبهم وآفاتهم تطاردهم وتُنقصهم شيئا فشيئا.
هذا نصر من الله ضد المتلونين التائهين في خارطة العداء المحموم الخفي، وإيمانٌ على إيمان للعُمانيين بما هم عليه من الحق في وقت العبث والتحشيد الذي يحاول أن يحرك الصخرة العمانية الثابتة المتمثلة بقيادة رشيدة وإنسان قويم في تقديره للأمور.
ويبقى السؤال العصي: ما الذي يرتجيه مروجو هذه الشائعات؛ بسط نفوذهم على عمان التي عجز في حضرتها الكبار والقوى المتصارعة على المصالح في منطقتنا، أم هز ثقة الإنسان العماني، الذي لم تستطع على فعل ذلك أعتى الظروف، أم هز الصورة المثالية لعُمان في أعين المحيط الإقليمي والعالمي الذي في كل مرة يؤكد حرصه على تعزيز العلاقة معها، ويراهن على حكمتها.. !
قال الله عز وجل في كتابه العزيز ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض” فما بال هؤلاء يتسابقون إلى الدماء ويتلذذون برائحة الحروب والقطيعة والكوارث الإنسانية.
إن اليمن الكبير يمثل في أيامنا هذه حكمًا بالإدانة الكاملة، حكمًا لا يقبل النقض ضد من ينتهك الإنسانية فيها، حكمًا ضد كل من تنصل من إنسانيته ولعب دور سمسار الحروب، كما يُثبت هذا الحكم براءة عُمان من هذه اللعبة التي يقطع فيها العرب أوصالهم بأكفهم، ويفتحون صدور بعضهم بأيديهم، براءةً نؤمن بها من قبل ومن بعد، وإدانةً مَن لا يراها فهو أعمى.