مسقط-أثير
إعداد: الباحث محمود محمد صادق من جمهورية مصر العربية
يقع جامع البياضة بالجزء الشمالي الغربي من داخل أسوار قلعة الرستاق المهيبة، بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، وهو واحد من أقدم المعالم التراثية والآثارية المهمة بالسلطنة والذي عبّر وبشكل حيوي على عراقة وأصالة الشعب العُماني في التمسك بقيمه وعاداته وأخلاقه وفي الحفاظ على مقدراته التراثية عبر التاريخ.

ويرجع تاريخ إنشاء هذا المسجد إلى فترة أوائل القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي أي إنه يعود إلى فترة عصر اليحمد، كما تم العناية به عبر العصور المتلاحقة وقد حافظ ذلك على قوة بنيانه القديم من جدران وعقود وأساطين ومحراب جصي مزخرف، كما تولت أعمال الترميم التي أجريت عليه من قبل وزارة التراث والثقافة للحفاظ عليه كخطوة رشيدة، حيث تم ترميمه في عام 1989م، ثم أعيد ترميمه بعناية شاملة في عام 1999م، ويعد هذا المسجد واحدًا من أقدم المساجد الآثارية في السلطنة وقبلة براقة في العلوم الدينية والأدبية حيث خرج من بين أروقته الكثير من علماء عُمان وشيوخها.

وقد لعب هذا المسجد دورا حيويًا وبارزًا في تاريخ عُمان الحافل، إذ كان يُعرف بأنه مجمع لمهمات المسلمين، كما كان هذا المسجد مقرا شهد العديد من بيعات العقد للأئمة والشيوخ، فضلا عن اتفاقيات وبنود أُبرمت فيه بين رجال المسلمين للمصالح العامة في تاريخ عُمان، كما كان هذا المسجد صرحا علميا لتدريس العديد من العلوم الشرعية والآداب وعلوم اللغة، وقد تخرج من بين أروقته الكثير من علماء عُمان وشيوخها وأئمتها، ونذكر منهم على سبيل المثال الإمام ناصر بن مرشد اليعربي 1034- 1059هــــــ/ 1624-1649م، والشيخ العلامة خميس بن سعيد بن على الشقصي، والشيخ جاعد بن خميس الخروصي، والشيخ راشد بن خميس الشقصي، والإمام العلامة نور الدين السالمي، كما تم فيه أيضا بداية عهد الإمامة للإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي 1054هـــــ/ 1741م،وقد كان وما يزال تقام في هذا المسجد صلوات الجمعة والصلوات الخمس، كما كان مقرًا تعقد فيه مجالس الشورى لاختيار الأئمة العادلين.
التخطيط المعماري
يتألف التخطيط المعماري العام لجامع البياضة من مساحة مستطيلة القطاع إذ يتراوح طوله حوالي 28.5 متر، فيما يصل مساحته عرضا إلى أكثر من 17.5 متر، ويتألف المسجد من الداخل من مجموعة من البائكات عبر مجموعة من الأعمدة أسطوانية الشكل بهيئة قصيرة الارتفاع يعلوها سقف المسجد، حيث احتوت كل بائكة على أربعة أعمدة أسطوانية الشكل تتوجها عقود مدببة الهيئة keel Arch، كما إنها في بعض الأحيان تصبح منفرجة الشكل نتيجة لقصر ارتفاع الأعمدة الذي لا يتعدى ارتفاعه أكثر من 1.32متر، وتكون البائكات المذكورة تسع بلاطات موازية لجدار القبلة الذي يتوسطه محراب جصي مزخرف يحتوي من الداخل على مجموعة من الزخارف الفنية ذات الصبغة العُمانية.

كما يتوسط المسجد فتحة في سقف البلاطة السادسة تمتد بطول المسجد للإضاءة والتهوية، ومن الجدير بالذكر أن هذا المسجد يحتوي في جوهر تخطيطه المعماري وعناصره المعمارية إسلامية الطابع على الكثير من الخصائص والمميزات والسمات الخاصة منها في السلطنة على وجه الخصوص والعامة منها طبقا لعالمية العمارة الإسلامية في البلاد الإسلامية علي وجه العموم.
المصادر:
– بدر، حمزة عبد العزيز، (2001) الرستاق ومعالمها الأثرية في العصر الإسلامي، بحث مشارك به ضمن الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي (الرستاق عبر التاريخ) في الفترة 23ــ 24 أكتوبر 2001، الطبعة الثالثة، 2013.
– البهنسي، صلاح أحمد (2008). استمرارية بعض الأساليب المعمارية والفنية اليمنية القديمة في العمارة الإسلامية في اليمن، بحث مشارك به ضمن كتاب تذكاري (للأستاذ عبد الرحمن محمود عبد التواب). دراسات وبحوث في الاثآر والحضارة الإسلامية، الطبعة الاولي، الكتاب الأول، ج2: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.
– Derrico,E. (1983). Introduction to Omani military architecture of the 16, 17th and18th centuries, g. Oman st.6, part 2.