أثير- موسى الفرعي
بمثل هذا العنوان يبدأ يوسف علاونة وضع سيناريو تخريب السفن الاقتصادية أمام إمارة الفجيرة حيث أطلق ولاءاته في شكل مقطع مرئي يحمل عنوان “هل انطلق العدوان على السفن من مياه تابعة لسلطنة عمان” وقد اشتد به الولاء في آخر المقطع حيث ارتفع صوته مؤكدا قيمة السعودية والإمارات، حتى أن كل من يراه ويسمعه يراه إماراتيا سعوديا أكثر من السعوديين والإماراتيين أنفسهم، وقد سوّد مكانة الإمارات والسعودية في جزيرة العرب، ثم جعل عمان في ذيل القائمة حيث لا يمكنها قيادة المنطقة إضافة إلى بذور فتنة حاول نثرها، وسوف نأتي على ذلك تباعا.
أولا من السهل التنظير ووضع السيناريوهات الجاهزة لأي حادثة كيف ما كانت والأسهل قلب الحق إلى باطل والعكس ومردّ ذلك كله هو ذات الإنسان ممن يتعاطى مع قضية معينة، فكما يرى علاونة بأن ثمة قوارب لها دوافعها الإيرانية عبرت المياه العمانية لتصيب السفن الاقتصادية السعودية، فمن الممكن أيضا خروج تلك القوارب من داخل الإمارات لتقف خارج ميناء الفجيرة ولأنها لا تملك الجرأة على عبور المياه ذات السيادة العمانية والإيرانية في مضيق هرمز فقد أجرت عملية التخريب بين الداخل الإماراتي وخارج المضيق، وقد تكون لعبة أمريكية/خليجية لشد الحبل حول العنق الإيرانية، وقد تكون العملية بمجملها خليجية لإيجاد الدافع والسبب لتدخل أمريكي – طبعا بعد أن يُدفع له – لنصرة أصحاب الشأن والانتصاف من إيران.
هناك العديد من الصور التنظيرية والأشكال اللغوية التي يمكن أن يضعها الإنسان لكل قضية، ولكن كيف هو الحال إن كانت السفن التي تم تفجيرها سفنا متهالكة “سكراب” تباع كقطع غيار مستعملة في الأسواق العالمية، فإن كان كذلك سيكون من السهل على الإنسان البسيط استنتاج أن هذه العملية برمتها عملية استخباراتية فاشلة، لذلك لم تحظَ برصد إعلامي لعمليات إنقاذ وإصابات، والأمر الأكثر إثارة للضحك والاستغراب هو أن مشهد السفن يدل بشكل واضح أن الخزانات التي عليها فارغة ولولا ذلك لتسرب النفط في المياه بشكل ملحوظ واشتعلت النيران بشكل أكبر .
إن حديث علاونة كعادته ينم عن جهل تام بموازين القوى وضعف متكامل الأركان في اختياره كممر لرسائلهم، إنه سبب للسقوط أكثر من الارتفاع، وسبب للهزيمة اكثر من الانتصار، وسبب للفشل والإساءة أكثر من النجاح والإصلاح والمنفعة، فليعتبر أصحاب العقول، أو من يُفترض أن يكونوا كذلك.
وليس أدل على جهله التام بموازين القوى أكثر من حديثه عن إيران وكأنها لحم أضحية يقابلها تعظيم القوة الأمريكية، والحديث عن عمان التي لا تملك القدرة على قيادة المنطقة على حد تعبيره يقابله تعظيم السعودية والإمارات، ومن قال إن عمان تريد ذلك رغم كل المقومات التي تملكها لقيادة المنطقة سياسة وتاريخا وقوة وعقولا راجحة واعية للواقع، إلا أن هذا الأمر أعني قيادة المنطقة والعرب كان يمكن أن يكون في ستينيات القرن المنصرم نزولا، أما الآن في ظل السيادات الدولية والجغرافيا السياسية ومؤسسات القانون الدولي واستقلالية اتخاذ القرارات لم يعد الأمر ممكنا إلا في العقول الواهمة أو بالتدخل الباطني في شؤون الآخرين بهدف السيطرة على اتخاذ القرار لدى الآخر وامّحاء شخصيته، نعم “استقلالية اتخاذ القرارات” دون خوف من أحد أو رجاء في خير يملكه، تلك مقومات ومعطيات ما تملكه عمان فليتقدم يوسف علاونة ليكشف لنا معطيات الآخر وحسبنا منه مقياس اتخاذ القرار، وهنا لا بد من التأكيد على ألا مصلحة عمانية مع إيران ضد الأشقاء ولا تقربا من إيران ضد أمريكا أو العكس، فلا شيء يجعل عمان تساوم على موقفها وثبات رأيها وحسب الآخرين أن عمان تساويهم بنفسها، أما فيما يتعلق بمضيق هرمز وإغلاقه فقد أجاب جلالة السلطان عن ذلك عام 2012 في حديث مع الصحفي جوديث ميلر مراسل شبكة فوكس نيوز، حيث “أكد جلالته أن لا أحد سيغلق مضيق هرمز وقال إن السلطنة بعثت تحذيرا من أعلى المستويات إلى الحكومة الإيرانية حول الآثار الضارة المحتملة من إغلاق المضيق” هذه عمان التي تريد وتفعل تحت الضوء بلا أقنعة ولا جلابيب، أما بذور الفتنة التي حاول نثرها يوسف علاونة فيما يخص إخوتنا الشيعة في عمان فهي محاولة فاشلة لأن لا قيمة لها فنحن أعلم بإخوتنا منه ونعلم أن الروح عمانية وأن الوطن هو محرك كل فرد في هذه الأرض، ومحاولة مضحكة من علاونة لأنه لم يعتبر من المحاولات البائسة التي قام بها من قبل هو وغيره، فحين يتعلق الأمر بعمان يصبح كل فرد فينا هو الكل.
ختاما إن الصراخ باسم العروبة سيقلب السحر على الساحر فالإعلام فضيحة كبرى فاحذر يا يوسف علاونة لأنك ستوقع نفسك وأحبابك في هاوية صريحة وفاضحة.