أثير – سيف المعولي
كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساءً عندما وصلت الرسالة عبر الواتساب مختومةً بكلمة وقعت عليها عيني أولاً؛ “وداعًا”، وكأن الغياب مُقدّرٌ له أن يُزاحم النظر ليبرز هو دون البقية، معلنةً نهاية مبادرة “مصنعتنا” التي تميزت في بث أخبار ولاية المصنعة بشكل مستمر.
عدت إلى بداية الرسالة لأقرأها على مهل فكانت المفاجأة ” أصدقاء مصنعتنا الأوفياء، بعد مسيرة زاخرة بالعطاءات المتفانية بروح التضحية، وبالأفكار الخلاقة المتطلعة بشغف إلى إثراء الحراك الثقافي والاجتماعي والرياضي بولاية المصنعة. تعلن مصنعتنا عن توقفها لأسباب خارجة عن الإرادة.وداعا”.
لم أصدّق، وأحسست بأن عطلًا ما في “الواتساب” حدث، فقد تعوّدت أن تصلني من هذا الرقم أخبار وتغطيات وتصاميم وتهاني وتعازي…لكن بحثًا سريعًا على حسابات “مصنعتنا” في “تويتر” و”الانستجرام” أكّد لي خطأ إحساسي، وأن الخبر صحيح، والوداع قد حان، لكن يا تُرى ما السبب؟
“الشباب تعبوا”، باختصار قالها لي الزميل أحمد بن جميل النعماني المشرف على مبادرة مصنعتنا عندما حادثته هاتفيًا، واصفًا لي الجهد الذي بذلوه “بلا مقابل” طيلة سنوات منذ انطلاقة المنصة حتى الأمس؛ فعاليات، تغطيات، أخبار، تهاني، أخبار الجنازات، التفاعل مع الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية، وغيرها الكثير من الجهود التي جعلت مواطنين من ولايات أخرى يتمنون أن يكون عندهم كـ “مصنعتنا”.
إذًا، المادة هي السبب، وهي من أخمدت جذوة النشاط مع هؤلاء الشباب الذين أرادوا صناعة منبر إعلامي لولايتهم ونجحوا، بل تميزوا فيه كثيرًا، فأن تأتي بمسؤولين جداولهم اليومية مزحومة بشكل متواصل وتجعلهم يشاركون في فعالياتك بالولاية فهذا تميز، وأن تبرز نجاحات أبناء ولايتك وبناتها عبر أخبار وتصاميم فهذا نجاح، وأن تغطي مناشط الولاية بالصوت والصورة والفيديو فهذا إبداع، وأن تصل إلى كل منزل في ولايتك وتستقطب أكثر من ٦٠٠٠ شخص في خدمتك الواتسابية فهذا إنجاز.
فلماذا لا يتعب الشباب؟ ونحن الذين نعمل في المجال الصحفي وتحديدًا في “أثير” ندرك ما يواجه هذا العمل من مشقة وجهد، وما يضحي به القائمون عليه من وقت وتفكير وهمّ ذهني قبل الجسدي، فكيف سيواصلون بالمجان، وكيف سيطورون أدواتهم ومهاراتهم إن كانوا سيصرفون من جيوبهم ووقتهم وجهدهم على مشروع غير ربحي؟ ودون مساعدة تعينهم على مواصلة الدرب. بالطبع هم لا يفكرون في الأرباح، وإنما في توفير موازنة تغطي تكاليف المنصة وتمنحها الديمومة.
فماذا لو دفع المشتركون الـ ٦٠٠٠ في الواتساب مبلغًا رمزيًا كل شهر، وماذا لو أن أحد رجال الأعمال في الولاية تبنى المشروع وتكفل بدفع تكاليفه الشهرية في مقابل استثماره لوسائله المختلفة لعرض إعلانات له أو لغيره؟ وماذا لو أن المسؤولين والمشايخ في الولاية تبرّع كل واحد منهم بما تجود به نفسه لإيجاد مشروع استثماري يكون ريعه للمبادرة؟
فيا أهل المصنعة: هل سيذهب جهد شبابكم سُدى؟ وهل ستُدفن نجاحاتهم وتذروها الرياح؟ أم سيكون لكم رأيٌ آخر، تُعيدون به البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، لتأتينا الرسالة عبر الواتساب من جديد: “هنا مصنعتنا” بدلًا من “وداعًا”؟