مسقط-أثير
إعداد: محمود محمد صادق- باحث مصري في الآثار الإسلامية
يُعدّ حصن بيت المقحم أحد المعالم التاريخية والسياحية المهمة بمنطقة المقحم التابعة لولاية بوشر، بمحافظة مسقط؛ لكونه الأقدم تاريخيًا بالمنطقة القابع بها، فضلا عن أنه شكل ركيزة مهمة في طرق وأساليب العمارة العُمانية المدنية الممزوجة بالطابع الحربي التي جعلت له قيمة وظيفية ومعمارية وفنية راقية إبان الفترة التي تم تشييد الحصن وبناؤه خلالها، ظهر ذلك واضحًا للعيان في جودة تخطيطه وعناصره الدفاعية المعمارية مع اتسامه بالطابع المدني الذي يهيئ للمقيمين فيه الأمن والاستقرار، ولذلك يمكن القول بأن هذا الحصن يمثل نموذجًا لطراز البيوت المحصنة التي تنتشر بصورة تراثية كبيرة في بقاع السلطنة معبرةً في ذاتها عن جودة المعمار العُماني في توظيف المنشأة معماريًا دون التقيد بوظيفة واحدة لكونها تمثل وحدة متكاملة تلبي احتياجاته ومتطلباته اليومية.
يقع حصن بيت المقحم وسط منطقة كبيرة أشبه بالخيال وذلك لجمالها وسحر طبيعتها الممثلة في أشجار النخيل والمزارع التي تحتوي على أنواع مختلفة من الأشجار تُروى بفلج يتخلل أراضيها، تجري من خلاله المياه لتسقي جميع المزارع الموجودة بحي المقحم والذي سُمي الحصن نسبة إليه.
يبتعد الحصن عن جامع السلطان قابوس الأكبر (بحي العذيبة) بحوالي عشرة كيلومترات، فيما يبتعد عن مطار مسقط الدولي بحوالي خمسة وعشرين كيلو مترا، كما أنه يبتعد عن منطقة مطرح السياحية ما يقارب ثمانية وثلاثين كيلو مترا.
يُنسب الحصن إلى السيدة “ثريا بنت محمد بن عزان البوسعيدية” التي يرجع إليها الفضل في إنشائه والعيش فيه، بحلول القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، فيما كان يُسمّى ولا يزال بالبيت الكبير لأنه من أكبر المباني المعمارية بالمنطقة المشيد بها الحصن، وقد جُري على الحصن مجموعة من الترميمات المعمارية التي قامت بعملها وزارة التراث القومي والثقافة بالسلطنة وذلك في عام (1991م)، في خطوة رشيدة للحفاظ على المقدرات التراثية وحمايتها من عوامل التهدم والاندثار، ثم أجُري عليه تعديل ثانٍ بحلول عام (2010)م نتيجة انهيار أجزاء من البرج الشمالي الغربي جراء سقوط الأمطار الكثيفة عليه.
التخطيط والوصف المعماري للمبنى (دراسة ميدانية)
يتألف التخطيط المعماري لحصن بيت المقحم من مساحة غير منتظمة الأضلاع نظرًا لميل المبنى بالزاوية الجنوبية الشرقية والذي نتج عنه عدم انتظام قياس الأضلاع الأربعة بالحصن، ويتألف تخطيط المبنى معماريًا من ثلاثة طوابق متتالية، يتألف الطابق الأول من أربع حجرات غير منتظمة المساحة تفتح بمداخل أبواب على مساحة وسطى غير منتظمة الأضلاع (دور قاعة) تصل مساحتها الطولية من سمت المدخل إلى سمت الجدار الجنوبي (12.50) متر، غُطيت من الأعلى بسقف خشبي ترتكز على ثلاثة عقود مدببة تُحمل على ست دعامات مستطيلة القطاع.

فيما يتألف الطابق الثاني من رواقين هما: الشرقي والغربي يحتوي كل منهما على حجرتين تفتحان بمداخل أبواب على الفناء الأوسط المكشوف الذي يصل طوله من الشمال إلى الجنوب بمقدار(12.40) متر فيما يتألف الطابق الثالث من حجرة واحدة بالركن الجنوبي الشرقي، ويحيط بالسطح سياج حجري يصل ارتفاعه مترًا واحدًا تعلوه الشرافات الحربية، ويتمركز بالركن الشمالي الغربي برج الحصن الوحيد الذي يصل ارتفاعه (16.35) متر ارتفاعًا، فيما يقع بمنتصف الواجهة الشمالية المدخل الرئيسي للحصن وهو من أنواع المداخل المجوفة.
برج الحصن
يقع برج الحصن بالركن الشمالي الغربي للمبنى، ويتألف في سياق تخطيطه المعماري من أربعة طوابق متتالية فيما يبدو ظاهريًا أنه من ثلاثة طوابق، يصل ارتفاع البرج من مستوى الأرضية إلى نقطة أسفل مستوى الشرافات التي تعلو قمته العلوية حوالي (16.30متر) ارتفاعا، فيما يتراوح قطره الدائري (10.73متر) تم بناؤه بواسطة كتل حجرية متوسطة الحجم مع مادة جيرية ورملية، فيما غطي من الخارج بواسطة طبقة من مادة “الصاروج العمانية” وترك الطابق الأرضي فقط دون كساء خارجي.
مادة البناء
تم بناء الحصن بواسطة كتل حجرية صغيرة ومتوسطة الحجم وذلك في جميع أجزاء المبنى والبرج الواقع بالشمال الغربي فضلا عن السور المحيط بالحصن، كم تم استخدام مادة الصاروج العُمانية ضمن أعمال الترميم التي أجريت الحصن من قبل وزارة التراث والثقافة خلال فترة ترميمه.
المصادر:
- صادق، محمود محمد (2018). الاستحكامات الحربية في مسقط بسلطنة عُمان، رسالة ماجستير، شعبة الآثار الإسلامية، قسم الآثار، كلية الآداب، جامعة المنيا.
- مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء (1994). القلاع والحصون في عُمان، سلطنة عُمان: قسم الدراسات.
- وزارة الإعلام والثقافة (1995). عُمان في التاريخ، سلطنة عُمان: دار إيميل للنشر.
- مايلز، سي بي (2016). الخليج بلدانه وقبائله، ترجمة، عبد الله، محمد امين، سلطنة عُمان، مسقط: وزارة التراث القومي والثقافة، الطبعة الثانية، نسخة مصورة PDF.
- الصور من أرشيف ملحق رسالة الماجستير لدى الباحث.
