أثير – ريما الشيخ
ليست بكذبة أو وصفًا أطلقه البعض، أو مبالغة عاطفية قد يمر بها المرء ، إنها حالة طبية حقيقية تصيب القلب وتسبب ألمًا مشابهًا للأزمة القلبية.
إنها متلازمة القلب المنكسر “Broken heart syndrome” وهي حالة طبية تم اكتشافها في عام 1990 باليابان ، وهي مجموعة من الأعراض المشابهة لأعراض الأزمة القلبية والتي تحدث استجابة للتوتر الجسدي أو العاطفي.
في معظم الحالات تظهر الأعراض بسبب الإجهاد العاطفي أو البدني مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو إنهاء علاقة عاطفية أو حدث بدني مرهق أو حتى حوادث سعيدة مثل المفاجأة التي تسبب ردة فعل للشخص تجاه هذه الأحداث.
تقول الأستاذة بشرى البوسعيدية الباحثة النفسية في الإرشاد النفسي في حديث لها مع “أثير”: يعتقد معظم الأشخاص المصابين بمتلازمة القلب المنكسر أنهم مصابون بنوبة قلبية لأن الأعراض، مثل ضيق التنفس وألم في الصدر ، متشابهة في كلتا الحالتين. و قد تحدث هذه الأعراض في غضون دقائق أو حتى ساعات بعد الموقف المرهق ، وتشبه أعراض الأزمة القلبية، وتتضمن الأعراض بالمتلازمة ما يلي: ألمًا مفاجئًا شديدًا في الصدر، ضيقًا في التنفس، عدم انتظام ضربات القلب ، عجز القلب عن ضخ ما يكفي من الدم لتلبية متطلبات الجسم ، إغماء ، انخفاض ضغط الدم ، وكذلك تأثير هرمونات التوتر والإجهاد مما يسبب خللًا وظيفيًا. وهذه الآثار عادة ما تبدأ في غضون بضعة أيام أو على الأكثر أسابيع .

وذكرت البوسعيدية بأنه يجب دائمًا طلب الرعاية الطارئة عند مواجهة هذه الأعراض ، حيث لا توجد طريقة لتحديد سببها دون إجراء الفحص والتشخيص المناسب من قبل الطبيب. ويمكن للأطباء تحديد الحالة الطبية بأنها شيء آخر غير نوبة قلبية من خلال اختبارات تشخيصية مثل فحوصات الدم ، وجهاز رسم القلب وتخطيط صدى القلب ، والتي تكشف عن بعض الاختلافات الرئيسية. وسوف يظهر بأنه مصاب بنوبة قلبية. لكن عندما يفحص الأطباء شرايين القلب ، لن يكون هناك أي دليل على انسداد الشرايين كما يحدث بعد النوبة القلبية ، وبدلا من ذلك سيرى الأطباء أن عضلة القلب لا تعمل بشكل صحيح .
أما طرق العلاج وكيفية تجنب هذه المتلازمة ، فأوضحت الأستاذة بشرى قائلة: في البداية ، يتم معالجة أعراض متلازمة القلب المكسور مثل معالجة أعراض الأزمة القلبية ، وبمجرد إجراء التشخيص،يتم العلاج بأدوية لخفض ضغط الدم ولإبطاء معدل ضربات القلب وغيرها من الأدوية ، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للقلق لإدارة الإجهاد. وكي نتجنب هذه المتلازمة فإنه من المهم الاهتمام بأسلوب الحياة المستمر المجهد ، فإذا كنت أكثر عرضة للإجهاد أو الإرهاق ولديك باستمرار مستوى عالٍ من التوتر، فتذكر أنه لا يوجد إصلاح سريع للخسارة المفاجئة أو لأي خسارة كبيرة في حياتك ، ولذا من الأفضل أن تعتني بنفسك وبالطرق التي تكون فعالة بالنسبة لك فيمكنك تقليل مقدار التوتر والقلق الذي قد ينتج عن الخسارة بطرق اخرى.
وبسؤال لـ “أثير” عن من الأكثر عرضةً لهذه المتلازمة ، هل هم الرجال أم النساء ، أجابت البوسعيدية : تؤثر هذه الحالة على النساء أكثر من الرجال. ففي دراسة حديثة قدمت في المؤتمر السنوي لجمعية القلب الأمريكية ، أفاد الباحثون أنه من بين أكثر من 6000 حالة من حالات متلازمة القلب في الولايات المتحدة في عام 2007 ، كان ما يقرب من 90 ٪ من النساء. وبعد التحليل ، وجدوا أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالمتلازمة بنسبة 7.5 مرة مقارنة بالرجال ، والنساء اللاتي تزيد أعمارهن عن 55 سنة كن أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القلب المكسور بثلاثة أضعاف من النساء الأصغر سنًا.
أما الفرق بين متلازمة القلب المكسور والأزمة القلبية ، فذكرت الباحثة: تحدث النوبات القلبية عمومًا بسبب انسداد كامل أو شبه كامل لشريان القلب، هذا الانسداد ناتج عن تجلط دموي في مكان ضيق من تراكم دهني (تصلب الشرايين) في جدار الشريان ، ولكن في متلازمة القلب المكسور، لا يتم انسداد شرايين القلب على الرغم من أنه قد يقل تدفق الدم في شرايين القلب.
وتؤكد البوسعيدية بأنه يمكن أن تهدد متلازمة القلب المكسور حياة الفرد في بعض الحالات، نظرًا لأن المتلازمة تتضمن ضعفًا حادًا في عضلات القلب، ولكن غالبًا أن هذه الحالة تتحسن بسرعة كبيرة ، إذا كان المريض تحت رعاية الأطباء المطلعين على هذه المتلازمة فحتى أكثر المصابين بأمراض خطيرة يميلون إلى التعافي السريع.
وحول أثر الحزن على قلب صاحبه شرحت البوسعيدية قائلةً: الألم جزء جوهري من قصتنا في الحياة ، إذا كنا نخشى الألم ، فإننا نترك الحب في الباب نفسه، والألم والحزن لديهما القدرة على كسر القلوب ،وقد يفسد الحزن القلب، لكن الحب سوف يخلق جمالًا أكبر من الحزن. وعلى الرغم من أن العلم يشرح الروابط الجسدية بين العقل والقلب للتعمق في هذه العلاقة بين الاثنين ، إلا أنه يمكننا التأثير بشكل إيجابي على هذه العلاقة من خلال التمارين والتأمل وتقنيات الاسترخاء وما إلى ذلك.
وفي ختام الحديث أكدت الباحثة بشرى أنه يمكن أن يؤثر الاكتئاب والحزن على القلوب حيث يميل الأشخاص الأكثر سعادة إلى العيش لفترة أطول ويكون لديهم عدد أقل من حالات الإصابة بأمراض القلب.