أثير- تاريخ عمان
أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
جُبِل العمانيون كعادة كثيرٍ من العربٍ والمسلمين على كثيرٍ من العادات الحميدة التي غرستها في نفوسهم تعاليم الدين الحنيف، والعادات المجتمعية الأصيلة التي كانت الأسر تحرص على تلقينها لأبنائها، ومن بينها إغاثة الملهوف وتقديم يد العون والمساعدة لصاحب حاجةٍ أو مضطر، أو من وقعت له مشكلة ما، وكثيرةُ هي القصص المتداولة عن مواقف جميلة تجلّت فيها القيم العمانية العربية الأصيلة في تقديم يد العون لمن يحتاجه بغض النظر عن عرقه أو ديانته أو مكانته، وقد يتم تقديم العون للغريب والعدوّ دون البحث عن أعذار أو مبررات لعكس ذلك.
“أثير” تقترب في هذا التقرير من قصة حدثت قبل حوالي أكثر من 80 عامًا بطلها قبطانُ عمانيّ كان في إحدى رحلاته البحرية السنوية عندما فوجئ بأحد اللنشات التابعة لحكومة السلطنة وقتها في حاجة ماسّة للمساعدة بسبب تعرضها لعائقٍ ملاحي، فقام القبطان بالواجب الذي يمليه عليه دينه، وقيمه المجتمعية.
في عام 1936 وبينما كان البدن “مرزوق” لصاحبه النوخذا حمد بن علي بن سالم البرهمي الجعفري أحد نواخذة الأشخرة في طريقه إلى موانئ عدن وسواحل شرق أفريقيا كعادة أصحاب السفن العمانية في رحلاتهم المتعددة إلى موانئ الخليج والهند واليمن وشرقي أفريقيا بحسب مواسم الأسفار لكل جهة حاملين السلع والبضائع من عمان أو الموانئ التي يمرون عليها؛ إذ به يفاجأ بجنوح أو تعطل أحد اللنشات التابعة للحكومة يبدو أنه كان في طريقه من ظفار إلى مسقط أو العكس إثر اصطدامه بأحد الرؤوس الصخرية قرب رأس مدركة، فما كان من النوخذا حمد بن علي وطاقم سفينته إلا أن يقدموا العون والمساعدة لطاقم اللنش، وتوصيلهم إلى ظفار سالمين، على الرغم من أن هذا الأمر قد يؤثر على سير رحلتهم إلى الموانئ التي يقصدونها بسبب الاعتماد على حركة الرياح الموسمية في الإبحار، وإمكانية تأخرهم أو تعرضهم لعوائق مناخية ما في ظل عدم وجود وسائل وأدوات ملاحة ومكائن حديثة ومتطورة كما هو اليوم.
وعندما علم السلطان سعيد بن تيمور بتفاصيل الواقعة وما حدث للّنش السلطاني، والجهد الذي بذله النوخذا حمد الجعفري وطاقم سفينته من تقديم يد العون والمساعدة لأفراد طاقم اللنش، ارتاح لما حدث من ردة فعل النوخذا وأمر بكتابة خطابٍ رسمي إلى كافة عمّاله وولاته في المناطق التابعة للسلطنة العمانية بإعفاء النوخذا حمد بن علي بن سالم البرهمي الجعفري من الجمارك والعشور والرسوم السنوية كتقديرٍ من قبل السلطان لما قام به ذلك القبطان.
وهذا نص الخطاب:
من سعيد بن تيمور إلى كافة عمالنا في ممالكنا
وبعد فإن حامل هذه الورقة هو حمد بن علي بن سالم البرهمي من سكان الأشخرة الذي دارك رجالنا يوم اصطدام اللانش في رأس الخانق قرب رأس مدركة وأوصلهم في بدنه إلى ظفار، فنظرا على مبادلته لهم بالمساعدة قد أعفيناه من الرسوم والجمرك وعشور الصيد من المطرحانية والرسوم السنوية والمراد لهم الحشمة والمراعاة. كيلا يخفى”
حرر بحصن ظفار في 10 شعبان 1355.

المصدر:
المصدر:
لقاء مع حفيد النوخذا الفاضل سالم بن جمعة بن حمد الجعفري، ظهر الثلاثاء 10 سبتمبر 2019.