أثير – موسى الفرعي
أثير – موسى الفرعي
قال تعالى: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) صدق الله العظيم.
تشكلت في الآونة الأخيرة صورة نمطية عن أعضاء مجلس الشورى، يجانبها الصواب والواجب أيضا، فبدأ التعامل معه وكأنه محقق لأحلام الأفراد، أو مسهم في فتح الأبواب المغلقة في وجه الأفراد، أو ساعي بريد لرسائل شخصية توضع على طاولة المسؤولين، مغيبين عن أذهاننا الواجب الحقيقي الملقى عليهم والمهام المنوطة بهم، فإن كنا نرجو منه ما ينبغي أن يقدمه تجاه الوطن وينعكس إيجابا على الأفراد فإن علينا أن نضعه في سياق مهامه وواجباته، وليس القصد هنا التخلي عن خدمة المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في ممثل الولاية، فهذا واجب إنساني واجتماعي لكل من استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكن دون أن نغرق طاولة ممثلي الولايات بالرسائل الشخصية ودون أن نحملهم ذنوبا لا حصر لها إن لم يتمكنوا من تحقيق الخدمات الفردية.
لست هنا في مقام التوضيح والشرح أو النقد والتوجيه، لكنني وجدتها فرصة لتسليط الضوء على قلقنا الدائم الذي نطمح به أن نصل إلى أعلى حالات الاكتمال لكل أمر متعلق بمصلحة هذا الوطن، ومما لا شك فيه أن الدورات الانتخابية لمجلس الشورى مشروع متجدد ودائما ما نعوّل على إسهاماته في عملية الإنماء والتقدم وتمهيد الطريق لأجيال عمان القادمة، وكلما حاولتْ معاول الهدم بقصد أو دون قصد نجد هؤلاء الأعضاء المنتخبين يقفون في صف عمان وإنسانها ويحافظون على النسيج العماني الواحد وهذا أمر لا يتم إن رسمنا خارطة عمل ممثل الشعب بمقاس مصالحنا الفردية أو بحدود مصالحه الشخصية.
إن المصلحة العامة هي المنوطة بهؤلاء الأعضاء ومن خلال حراكهم البرلماني ومقترحاتهم وآرائهم سيجني الأفراد ثمار ذلك، كما أن أعضاء المجلس عليهم أيضا الالتفات إلى هذا الأمر بشكل بالغ الأهمية دون أن يضع أي واحد منهم مصالحه الشخصية في مرتبة متقدمة على مصلحة الوطن أولا وثم الولاية التي يمثلها، فهو ليس ساعي البريد المكلف بإيصال الرسائل كما أنه ليس جابيًا للمصالح الشخصية، بل إن أهمية مجلس الشورى تكمن في إنه إحدى الطرق المثلى لحماية واستقرار الأوطان وتحقيق رضا أغلبية الشعب، وقد روي عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حين سئل ألا تستخلف علينا أنه قال: “ما استخلف رسول الله فاستخلف، ولكن إن يُرِدِ اللهُ بالناس خيرًا فسيجمعهم بعدي على خيرهم، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم”، فلتكن أصواتنا لخير عمان وخيرنا.
الكويت
8 أكتوبر 2019