فهد الغافري
يذكر التاريخ أن بعض غُزاة عمان أتلفوا كمّا مَهولاً من الكتب والمؤلفات تمثل الإنتاج المعرفي والفكري الذي كتبه العمانيون أو نقلوه أو وصل إليهم.
وكانت عُمان ولا تزال قارئة بشهادة روّاد معرض مسقط الدولي للكتاب، وزيارات العديد من العمانيين لمعارض الكتب الخليجية والعربية والإقليمية لاقتناء الجديد في مختلف المجالات.
وتكثر بين العمانيين المكتبات الشخصية فضلا عن المكتبات العامة ومكتبات الجوامع والمساجد ومكتبات الجامعات والمدارس وغيرها، وبين الفينة والأخرى تظهر في عُمان مكتبات تقوم بما تقوم به دور النشر من تحقيق وطباعة ونشر، ومن آخر هذه المكتبات مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والترجمة والإعلان، المؤسسة التي توهّجت بالعطاء في فترة وجيزة وكانت مقصدا للكُتّاب والأدباء والمفكرين والمؤلفين العمانيين لطباعة ونشر إصداراتهم بكل يسر وسهولة، الأمر الذي حدا بالكثير منهم لتفضيل الطباعة والنشر في مؤسسة محلية قبل اللجوء لدور النشر الخارجية، فازدحم بيت الغشام بمؤلفاتهم ونتاجهم وأصبح يُطالعنا بكل جديد على مدار العام ويتقدم مشهد الطباعة والنشر في معرض مسقط الدولي للكتاب، وأسهم بشكل كبير في نشر النتاج العماني ووصوله لمعارض الكتب العربية والدولية، ونشر رسالة الكلمة العمانية خارج الحدود، ومن المؤسف حقا أن نرى ركنا من أركان المعرفة والثقافة العمانية يتهاوى في ظل هذه الأزمة، ويعيد إلى ذاكرتنا خفوت وتواري نشاط العديد من المكتبات العمانية العريقة من مثل مكتبة السيد محمد بن أحمد – رحمه الله – ومكتبة الضامري والمجلات والملاحق وغيرها.
ولا شك أننا نتفق جميعا أن نشر النتاج الفكري بكافة أطيافه يمثل تاريخا للأمم، ولذلك لا تزال الدول تتسابق في صناعة النشر وتغزو العالم بثقافاتها وتتنافس في معارض الكتب حتى في ظل وجود وشيوع النسخ الالكترونية.
إن إغلاق مؤسسة بحجم بيت الغشام سيؤثر على صناعة النشر العمانية كما تأثرت على الدوام، ولذلك فلا بد من وقفة للحكومة لملء هذا الفراغ والالتفات لهذا الجانب الذي يستحق بل يجب أن يتم إيجاد حلول سريعة له، لتظل عمان زاخرة بمؤلفات أبنائها، فالأمر يتعدى مسألة الربح والخسارة، كونه منجز وطني ينبغي رعايته والحفاظ عليه، وامتناننا كبير لمؤسسة بيت الغشام والقائمين عليها وصمودهم طوال الفترة الماضية، أملا أن تكون هذه العثرات بداية لانطلاقة أقوى.