أثير- جميلة العبرية
وضع أجدادُنا علامات تدل على فترات انقضاء المواسم، وعلامات يستبشرون فيها بتغيّرها، وهو ما تداوله مؤخرًا الناس عن ظهور علامة نجم سهيل في السماء مشعًا بارزًا ومميزًا.
“أثير” تفرد سطورها عن هذا النجم ودلالاته مع الأجداد مع الباحث والمؤلف حمد بن عبدالله السكيتي .
“أثير”
يقول السكيتي: بزوغ نجم سهيل يأتي مزامنًا لدُر العشرين من السنة النجمية (الفترة 18-27 أغسطس) وهو أشهر نجم عند العرب، وثاني ألمع نجم في السماء بعد نجم الشعرى، ويمكن مشاهدته مع طلوع الشمس فجرًا، ويمثل ساعة زمنية فلكية يدل على لحظة انكسار الحرارة الشديدة، وقرب انتهاء موسم القيظ.
فمن لحظة بزوغه تتحول ساعات الفجر الأولى إلى أجواء باردة وكأن الموسم على مشارف دخول الشتاء، وحتى تعتدل الأجواء كليًا تحتاج الأرض مدة زمنية قدرها أربعون يومًا لتتخلص من إشعاعاتها، وبعدها ستميل الأجواء طيلة اليوم إلى البرودة خصوصًا وقت الليل، أي ساعة بزوغه فجرًا، عندها ستكون الأجواء باردة وقت الفجر فقط، ثم يومًا بعد يوم تبدأ البرودة تأخذ أجزاء ودقائق من وقت الليل حتى يصبح الليل كله باردًا بعد تمام الأربعين يومًا.

أما عن شهرته فتأتي نتيجة لوضوح لونه وكبر حجمه وما يتزامن معه من انكسار للحرارة الشديدة، وقد تغنّى العرب في أشعارهم وقصائدهم به؛ نظرًا لما لمسوه في وقت بزوغه فجرًا من تغير مناخي عجيب، الأمر الذي يكون له انعكاسات نفسية إيجابية، حيث تهدأ الأعصاب وتصبح قدرة البصر على رؤية الأشياء أفضل وأوضح، كما يكثر حب الخلوة في البراري فتجيش النفس بالخواطر والأشعار وحب الصيد (القنص)، وهذا أوضحه مبارك بن محمد السكيتي في كتاب (السنة النجمية العمانية) نقلا عن أبيه (من يبزغ سهيل يبرد الماء والليل) وهو دليل على برودة وقت الفجر أما المياه الجوفية فيحدث فيها أن تكون باردة في موسم القيظ ودافئة بعد بزوغ نجم سهيل.
(القنص)
(من يبزغ سهيل يبرد الماء والليل)
وذكر السكيتي بأن مع ظهور هذا النجم تنشط رياح جنوبية شرقية ذعذاعة باردة تتزامن مع وقت انتهاء حصاد نخلة الفرض وهو ما قالوا عنه (من يبزغ سهيل تحلى النومة في الليل) وأيضا (من يبزغ سهيل لا تأمن السيل) وذلك لما تحمله الرياح من تيارات هوائية باردة قد تصاحبها زخات الأمطار المتفرقة، ليس لها وقتا محدد والتي تسمّى محليًا (بأمطار هماد الفرض) ورياحه الهابطة العنيفة بـ (رياح هماد الفرض).
(من يبزغ سهيل تحلى النومة في الليل)
(من يبزغ سهيل لا تأمن السيل)
وبيّن السكيتي أيضا أن سبب شهرة نجم سهيل عند المزارعين لكونهم وضعوه كموقت زمني يُستدل به لبداية الزراعة الموسمية التي تحتاج إلى أجواء دافئة، مشيرًا إلى أن آخر علاماته التي يميزها المزارعون هي زيادة ظهور أسراب طيور الدوري (الصفاصيف) وهجرتها من أراضي السلطنة.