أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
إن ظاهرة السلع المقلدة والمغشوشة تعد ظاهرة عالمية، أخذت في التزايد نتيجة تعقد مستوى الأساليب والتقنيات المستخدمة في الغش والتقليد مما أدى إلى ظهور العديد من المشاكل بين المستهلك والمزود.
وجاء قانون حماية المستهلك ووضع قواعد آمرة لحماية المستهلك من تداول أي سلعة مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة أو غير مصرح بتداولها، وهذا الحظر يعطي دورا احترازيا وقائيا في ضمان حماية المستهلكين عند تعاقدهم.
وفي هذه الزاوية القانونية عبر (أثير) سنتحدث عن هذا الحظر وجزاء الإخلال به
حظر المشرع في المادة (7) من قانون حماية المستهلك على المزود تداول أي سلعة مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة، كما حظر تداول السلع غير المصرح بتداولها. والتداول هو بيع أو شراء أو عرض أو تصنيع أو توريد أو إنتاج أو ترويج أو نقل أو تخزين أو توزيع للسلعة، كما يعد في حكم التداول حيازة السلعة تمهيدا لبيعها. والجدير بالذكر، أن المشرع لم يحظر فعل التداول فقط، بل تعدى الأمر لحظر الإعلان عنها أيضا.
أحالت المادة (7) إلى اللائحة التنفيذية للقانون من أجل تبيان ما يُعدّ في حكم المغشوش، وما يُعدّ في حكم الفاسد، وما يُعدّ في حكم المقلّد. ولهذا تصدّت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك في المواد3 ، 4، و5 وبيّنت الحالات التي بموجبها تُعدّ السلعة مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة.
أولا: تُعد السلع مغشوشة وفقا للحالات الواردة في نص المادة 3 من اللائحة:
1- إذا أدخل عليها تغيير، أو تعديل، بأي طريقة في عددها، أو مقدارها، أو قياسها، أو كيلها، أو وزنها، أو طاقتها، أو عيارها، أو ذاتيتها، أو حقيقتها، أو طبيعتها، أو صفاتها، أو عناصرها، أو أصلها، أو منشأها، أو تركيبتها، أو تاريخ صلاحيتها، أو خصائصها، أو في بياناتها، أو كميتها.
2- إذا تمت إعادة تعبئتها في عبوات أخرى.
3- الإعلان عنها، أو الترويج لها بما يخالف حقيقتها.
4- استعمال أوان، أو أوعية، أو أغلفة، أو عبوات، أو ملصقات، أو مطبوعات غير مطابقة للمواصفات القياسية، أو معيبة، أو ضارة بالصحة والسلامة، في تجهيز أو تحضير ما يكون معدا للبيع من السلع.
ويلاحظ مما تقدم أن المشرع أورد حالات اعتبار السلعة مغشوشة لكن لم يتطرق لمفهوم الغش، ويمكننا تعريف الغش بأنه تلك التصرفات الخادعة في المعاملات المتعلقة بالبضائع والسلع التي تهدف إلى تحقيق أغراض غير مشروعة، والمقصود بالغش هنا هو الغش التجاري الذي يمس بالنزاهة والمصداقية في المعاملات التجارية. ومن أبرز أمثلة الغش التجاري ما يقوم به المزودون من تغيير وتزييف تاريخ انتهاء صلاحية المنتجات المنتهية الصلاحية وتداولها مرة أخرى، إذ إن هذا الفعل يُعد من قبيل الغش التجاري المجرم قانونا.
ثانيا: فيما يتعلق بكون السلع فاسدة فهو أمر خطير يهدد سلامة المستهلك نظرا لعدم صلاحية السلعة للاستغلال، أو للانتفاع، أو الاستعمال، أو الاستهلاك وهذا الأمر يشكل خطرا كبيرا على صحته جراء استعماله لهذه السلعة الفاسدة، كما أن القانون جرم هذا الفعل وضاعف العقوبة إذا نتج عنها إضرار بصحة الإنسان أو نفوق الحيوان .كما أن هناك حالات أخرى نصت عليها المادة 4 من اللائحة تعد فيها السلعة مغشوشة كأن تكون السلعة المتداولة منتهية الصلاحية أو تغيرت خواصها الطبيعية، أو مكوناتها أو ظهرت عليها علامات فساد، أو تلف. بالإضافة لذلك تعد السلعة فاسدة إذا تم فحصها وثبت أنها فاسدة كاللحوم والدواجن التي غالبا ما يصعب معرفة ما إذا كانت فاسدة إلا بعد فحصها.
ثالثا: تُعد السلعة مقلّدة وفقا للمادة 5 من اللائحة إذا كانت تتشابه في الشكل مع مثيلاتها الأصلية، وتختلف عنها في جودتها، وتضلل المستهلك عن مصدرها، أو نوعها، أو تركيبها، أو عناصرها، أو كميتها، أو شكلها، أو قيمتها. وفي مجال الحديث عن التقليد يمكن القول بأنه يعني التشابه في الشكل والاختلاف في الجودة، بمعنى أن السلعة المقلدة هي تلك التي تتشابه مع السلعة الأصلية، لكن تختلف عنها في جودتها مما يعطي انباعا خاطئا لدى المستهلك عنها.
وهنا يثور التساؤل حول ما إذا كان المستهلك يعلم بأن هذه السلعة مقلدة، هل يمكن القول بأن السلعة المقلدة هي التي تضلل المستهلك عن مصدرها؟ والجواب هنا يتلخص أنه في حالة علم المستهلك بأن السلعة مقلدة بالفعل لا يتولد لديه ثمة انطباع خاطئ، وبالتالي لا يمكن القول بأن السلعة المقلدة هي التي تعطي المستهلك انطباعا خاطئا وتضلله عن مصدرها وإنما هذا الأمر هو نتيجة منطقية للتشابه بين السلعتين في شكلهما.
وقد رتب المشرع على مخالفة أحكام المادة (7) عقوبة جزائية بموجب المادة (40) من القانون تتمثل في السجن لا تقل مدته عن (٣) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على (٣) ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن (٢٠٠٠) ألفي ريال عماني، ولا تزيد على (٥٠٠٠٠) خمسين ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ونظرا لخطورة ما قد يترتب على مخالفة أحكام هذه المادة من تداول سلع مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة، إذ يترتب على هذا الأمر خطورة شديدة على حياة وصحة الإنسان فقد قرر المشرع عقوبة السجن مدة لا تقل عن (٥) خمس سنوات إذا نتج عن الجريمة وفاة شخص أو أكثر.
وتأكيدًا على جسامة هذا الفعل وردت عقوبات صارمة بهذا الشأن في قانون الجزاء العماني، والتي نص عليها المشرع في الباب الثاني عشر الخاص بالجرائم المتعلقة بالتجارة في المواد من (379) إلى (383).