أثير- ناصر الحارثي
أصدر الكاتب العماني محمد الحراصي مجموعة قصصية جديدة ستسهم بلا شك في إثراء المكتبة العمانية وستثير اهتمام القارئ العربي، وهي محاولة تشي بكاتب واعد في إنتاج نصوص أدبية مغلفة بطابع فكري، فهي مجموعة قصصية تبحر معها وكأنك في سفينة من ذكريات الأسئلة يحط الكاتب من خلالها على عدد من المراسي المتنوعة ولفترة وجيزة تاركا عند كل محطة لوحة فنية من التساؤلات المفتوحة، استطاع الكاتب من خلال أسلوبه السهل الممتنع أن يوصل مجموعة من الأفكار والمشاعر والتساؤلات في إطار قصصي لطيف وخفيف على القارئ.
وأراد الكاتب في مقدمته وضع إطار معين تمهيدي لمجموعته القصصية حتى لا يساء فهمه، ويبدو لي بأن الكتاب عبارة عن محاولة تحفيزية من الكاتب لنفسه قبل القارئ حتى يستمر مداد قلمه فلم يضع جهدا أكبر لتلافي الأخطاء المطبعية والضعف في بعض السياقات التي تصنع نوعا من الارتباك عند القارئ في محاولته لفهم النص، وأجد بانكل ما أراده الكاتب أن يترك نصوصا غنية بأسئلة من نتاج الذاكرة بأسلوب السلس الممتنع.
قد لا تجذب القصص محبي الوجبات الدسمة في المجموعات القصصية المشبعة بالنصوص الأدبية المتقنة، لكنها حتما سندويش قصصي خفيف على المعدة لذيذ الطعم يبقى في الذاكرة، وقد أبدع الكاتب في تصوير الصراع الإنساني الذي يدخل فيه أبطال القصص مع تفاصيل حياتهم، ذلك الصراع الحتمي بمثابة البعبع ويحاول الكاتب من خلال قلمه إيجاد مسارات للهروب ولكن شباك البعبع يوجد دائما في منتصف كل مسار، وتمكن الكاتب في التقاط صور منوعة للهروب كل مرة بطريقة مختلفة تارة في الذوبان والانصهار مع البعبع، وتارة بالهروب والقفز للمجهول، وتارة بالاصطدام العنيف المؤذي، واستطاع الكاتب بأسلوب أدبي أن يوقع القارئ في أسر التعاطف مع بطل القصة الغارق في ذكريات الأسئلة.
