أثير- موسى الفرعي
الثقة تُكتسب ولا تولد من الفراغ، والوفاء بالعهد حق لا ينزل مقداره ولا يقبل المقايضة، وذلك شأن الفرد فكيف إذا ارتبط الأمر بالوطن الذي يمثل معنى وجود، وكيف إن كان هذا الوطن هو عمان التي لم أرَ إنسانا مرتبطا بطين وطنه مثل العمانيين، وطنٌ لم يُنتج خلافا رغم إيمانه بالاختلاف، ولم ينتج صراعا رغم يقينه بقوته وثبات أقدامه، وقد كنت طيلة الفترة السابقة منفصلا عن الكتابة وموغلا في قراءة الأحداث العامة وصراخ مواقع التواصل الاجتماعي وانفصال العمل الإعلامي عن ذلك كله، هناك الكثير من الاستفزازات غير المبررة من المسؤول للمواطن، وهناك مواطن ينادي بحقٍّ معترفا بواجباته غير متسلح إلا بحب وطنه وولاء لسلطانه، وهو أمر غير مستغرب على العمانيين، وهناك مواقع التواصل التي تعدُّ حاضنة للبعض ممن يحاول تشويه صفاء الرؤية ونقاء القلوب والعقول، وهناك إعلام يقف بمعزل عن كل ذلك، ومن يقرأ هذه المشاهد يجد أن أهل عمان غير مؤمنين بتجزئة الثقة؛ فهي طاقة واحدة تبذل دفعة واحدة لعمر كامل، وإن كانت هناك تصرفات وتصريحات من قبل بعض المسؤولين من شأنها أن تزيد مساحة الهوة بين المواطن والحكومة فإن الثقة التي نخزنها في داخلنا لجلالة السلطان المعظم هي ما تعيد ردم الهوة أو تجسير المسافات بين المواطن وحكومته، لذلك علينا ألا نتيح لأهواء البعض ولاعقلانيتهم فرصة المساس بهذه الثقة العليا أو حتى نعطيها الفرصة أن تجزِّئ الثقة وتجعلها قسمين؛ قسم لجلالة السلطان بحكمته وحسن تبصره وإنسانيته الكبيرة، وقسم موزع على قليل من القيادات التي تجهل أنها تجهل نتائج أفعالها وأقوالها. وأما الإعلام فعليه أن يطرح الحقائق كما هي وأن يكون ضوءا هائلا على القضايا ولسان صدق ويملك قدرة على مجاراة الأمور بوعي تام وتغطيتها ومتابعتها ومدّ جسور الحوار وفتح آفاق التفكّر، بهذا فقط يكون قد سخر منابعه لمصب واحد هو المصلحة العليا وهو الوطن بقيادته وإنسانه، فلا أحد يمكن أن يساوره أدنى شك في إنسانية السلطان هيثم بن طارق أبقاه الله، ولا سعيه الدائم بعمان لتبلغ المكانة اللائقة بها وإنسانها، وليس أدل على ذلك أكثر من النتائج الوطنية التي أنتجتها المرحلة الجديدة رغم جميع التحديات، فخلال أشهر استطاع أن يرد جزءا كبيرا من الدين العام في ظل انهيار اقتصادي يهز العالم كله، ووضع نصب عينيه ملف الباحثين عن عمل الذي أراه يغلق تدريجيا إن شاء الله، لذلك فإن الأخطاء التي يرتكبها البعض هي وزرهم وخطيئتهم ونتاج عيوبهم ولا يمكن أن تخرج من حيز خصوصيتها لتكون عامة فهذا أمر ينافي العقل والمنطق، فلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ، وما دمنا معتصمين بحبل الله بطاعة كاملة لله ورسوله وولاء مطلق لولي أمرنا فلن تذهب ريحنا، ونبقى دائما أبدا السند الأمين للقائد والوالد الذي نؤمن به مبدأ ثابتا وأما الأخطاء بمرتكبيها فهي غثاء كغثاء السيل لا يمكن أن تكون في ميزان واحد مع المهابة والولاء والوفاء والانتماء لهذا الوطن وقيادته.