أثير- تاريخ عمان
أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
إعداد:
د. محمد بن حمد العريمي
ودعت صور قبل أيامٍ قليلة أحد نواخذتها الذين كانوا شاهدين على حقبةٍ مهمة من مراحل النشاط الملاحيّ للمدينة، ذلك النشاط الذي سارت بذكره الركبان، وتردّد صداه بين أرجاء الموانئ المختلفة، فنتيجةً لموقعها الجغرافي والحضاري المهم، وشهرة أهلها الملاحية، فقد كان من الطبيعي أن يكون لصور أسطول تجاري كبير كان محطة وصل بين عمان والعديد من موانئ العالم المختلفة، كما أسهم هذا الأسطول في نشر قيم التسامح والسلام ومفردات الثقافة الإسلامية المختلفة بين الموانئ التي كان يصل إليها، وبرزت من خلاله العديد من الأسماء في المجالات المختلفة.
ودعت صور قبل أيامٍ قليلة أحد نواخذتها الذين كانوا شاهدين على حقبةٍ مهمة
من مراحل النشاط الملاحيّ
للمدينة، ذلك النشاط
الذي سارت بذكره الركبان، وتردّد صداه بين أرجاء الموانئ المختلفة،
ف
نتيجةً لموقعها الجغرافي والحضاري المهم، وشهرة أهلها الملاحية، فقد كان من الطبيعي أن يكون ل
صور
أسطول تجاري كبير كان محطة وصل بين عمان والعديد من موانئ العالم المختلفة، كما أسهم هذا الأسطول
في
نشر قيم التسامح والسلام ومفردات الثقافة الإسلامية المختلفة بين الموانئ التي كان يصل إليها، وبرزت من خلاله العديد من الأسماء في المجالات
المختلفة.
غادرنا النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني عن عمرٍ يناهز الرابعة والتسعين حاملًا معه ذكريات قرنٍ من رحلة كفاحٍ طويلة قضاها بين أصوات المطارق التي كانت تهدر منذ الفجر الباكر قريبًا من بيتهم مبشرةً بولادة سفينةٍ جديدة وربانٍ يضاف إلى قائمة الربابنة الذين احتضنتهم المدينة ثم أرسلتهم فيما بعد في رحلاتٍ طويلةٍ نحو المجهول، وشدو النوارس المرافقة له في رحلاته بين الموانئ، ورائحة الخشب الهندي المختلطة بمياه البحر، وعرق البحّارة الممتزج بالكفاح والجَلَد، وأشياء كثيرة احتفظت بها تلك الذاكرة الفذّة.
غادرنا النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني عن عمرٍ يناهز الرابعة والتسعين حاملًا معه ذكريات قرنٍ من رحلة كفاحٍ طويلة قضاها بين أصوات المطارق التي كانت تهدر منذ الفجر
الباكر قريبًا من بيتهم مبشرةً بولادة سفينةٍ جديدة وربانٍ يضاف إلى قائمة الربابنة الذين احتضنتهم المدينة ثم أرسلتهم فيما بعد في رحلاتٍ طويلةٍ نحو المجهول، وشدو النوارس المرافقة له في رحلاته بين الموانئ، ورائحة الخشب الهندي المختلطة بمياه البحر، و
عرق البحّارة الممتزج بالكفاح والجَلَد، وأشياء كثيرة احتفظت بها تلك الذاكرة الفذّة.
“أثير“ تستعيد في هذا التقرير بعضًا من سيرة هذه الشخصية الذي يعد ضمن الحلقة الأخيرة من سلسلةٍ طويلة متوالية أسهم في مدّها عشرات الأسماء التي أسهمت في صناعة تاريخ عمان البحري، وأرست أركانه في الموانئ المختلفة التي وصلت إليها.
“أثير
أثير
“ تستعيد في هذا التقرير بعضًا من سيرة هذه الشخصية الذي يعد ضمن الحلقة الأخيرة من سلسلةٍ طويلة متوالية أسهم في مدّها عشرات الأسماء التي أسهمت في صناعة تاريخ عمان البحري، وأرست أركانه في الموانئ المختلفة التي وصلت إليها.
“
تستعيد في هذا التقرير بعضًا من سيرة هذه الشخصية الذي يعد ضمن الحلقة الأخيرة من سلسلةٍ طويلة متوالية أسهم في مدّها عشرات الأسماء التي
أسهمت
في صناعة تاريخ عمان البحري، وأرست أركانه في الموانئ المختلفة التي وصلت إليها.
مولده ونشأته
مولده
مولده
ونشأته
هو علي بن محمد بن حمدان بن سليم بن ثابت المخيني، ولد عام 1928 في حيّ “الرشّة” أحد أحياء مدينة صور القديمة، من أسرةٍ بحريةٍ عريقة أنجبت العديد من النواخذة والتجّار المعروفين على مستوى المدينة وخارجها.
هو علي بن محمد بن حمدان بن سليم بن ثابت المخيني، ولد عام 1928 في حيّ “الرشّة” أحد أحياء مدينة صور القديمة، من أسرةٍ بحريةٍ عريقة أنجبت العديد من النواخذة والتجّار المعروفين على مستوى المدينة وخارجها.
ويعد حي “الرشة” الذي ولد ونشأ فيه، من الأحياء التي وجدت متأخرة نسبيًا في صور، إذ كان في بدايته ثلاثة ظهور ترابية طويلة، رُدِم ما بينها من فراغات حتى استوت تمامًا، وأصبحت منطقةً قابلة للبناء والعيش فيها، والرشفي اللغة هو نفّ السائل، وسميت بذلك لكونها قرب البحر وتتعرض دوما لرش البحر إثر حركة أمواجه.
ويعد حي “الرشة” الذي ولد ون
شأ فيه، من الأحياء التي وجدت متأخر
ة نسبيًا في صور، إذ كان في بدايته ثلاثة ظهور ترابية طويلة، رُدِم ما بينها من فراغات حتى استوت تمامًا، وأصبحت
منطقةً قابلة للبناء والعيش فيها،
والرش
في اللغة
هو نف
ّ
السائل،
وسميت بذلك لكونها قرب البحر وتتعرض دوما لرش البحر إثر حركة أمواجه.
وكان يحيط بالرشة “مجحب” أو “ميحب” باللهجة الدارجة، وهو مكان لرسو السفن، وبعضها عمارات كانت تمتلكها أسرة “آل ثابت”.
وكان يحيط بالرشة “مجحب” أو “ميحب” باللهجة الدارجة، وهو مكان لرسو السفن، وبعضها عمارات كانت تمتلكها أسرة “آل ثابت”
.
وكان هذا الحيّ يدعى بحيّ النواخذة، حيث كان عدد من أصحاب السفن الشراعية في المدينة يتجمعون فيه بالقرب من عمارات السفن ويتبادلون في جلساتهم العديد من النقاشات المتعلقة بالبحر وأحواله.
وكان
هذا الحيّ
يدعى بحيّ النواخذة، حيث كان عدد من أصحاب السفن الشراعية في المدينة يتجمعون فيه بالقرب من عمارات السفن ويتبادلون في جلساتهم العديد من النقاشات المتعلقة بالبحر وأحواله.
ومثل هذه الجلسات كانت تثير خيال الفتى الصغير وقتها، وتحفّزه للاقتراب من هذا العالم المجهول، وتدفعه للمضيّ قدمًا نحو المهنة التي مارسها أفراد الأسرة سالفًا عن سالف، وتجعله أكثر نهمًا لمعرفة المزيد حول ما تحتاجه من معلوماتٍ ومهاراتٍ مختلفة.
و
مثل هذه الجلسات
كانت
تثير خيال الفتى الصغير وقتها، وتحفّزه للاقتراب من هذا العالم المجهول، وتدفعه للمضيّ قدمًا نحو المهنة التي مارسها أفراد الأسرة سالفًا عن سالف، وتجعله أكثر نهمًا لمعرفة المزيد حول ما تحتاجه من معلوماتٍ ومهاراتٍ مختلفة.
صورة لميحب الرشّة عام 1920. نقلًا عن كتاب صور مهد الملاحة البحرية
صورة لميحب الرشّة عام 1920
.
نقلًا عن كتاب صور مهد الملاحة البحرية
أسرته
أسرته
تعد أسرة ” آل ثابت” من الأسر العريقة في مجال النشاط التجاري البحري على مستوى مدينة صور، وعلى المستوى المجتمعي كذلك، وظهر منها العديد من الشخصيات البارزة، ومن بينهم: النوخذة سليم بن ثابت، وكان من من أكبر تجار صور في عهده، وذكرته وزارة التراث والثقافة في أحد إصداراتها، وكان بيته في حارة (مخرمه)، إحدى حارات حيّ الساحل بصور، من البيوت الكبيرة، وكانت قوافل التمور والليمون تدخل بيته من باب وتخرج من باب آخر، وكانت لديه عدة سفن شراعية.
تعد أسرة ” آل ثابت” من الأسر العريقة في مجال النشاط التجاري البحري على مستوى مدينة صور،
وعلى المستوى المجتمعي كذلك،
وظهر منها العديد من الشخصيات البارزة
، ومن بينهم:
النوخذة سليم بن ثابت، وكان من
من أكبر تجار صور في عهده، وذكرته وزارة التراث والثقافة في أحد إصداراتها، وكان بيته في حارة (مخرمه)، إحدى حارات حيّ الساحل بصور، من البيوت الكبيرة، وكانت قوافل التمور والليمون تدخل بيته من باب وتخرج من باب آخر، وكانت لديه عدة سفن شراعية.
وظهر اسم سليم بن ثابت في قائمة النواخذة الذين رفعوا العلم الفرنسي نهاية القرن التاسع عشر، حيث إنه بعد منع تجارة الرقيق والتضييقات التي حصلت للسفن الشراعية العربية في المحيط الهندي من قبل الإنجليز ومن بينها السفن العمانية الصورية، حصل مجموعة من النواخذة الصوريين على وثائق فرنسية في السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر.
وظهر اسم سليم بن ثابت
في قائمة النواخذة الذين رفعوا العلم الفرن
سي نهاية القرن التاسع عشر، حيث إ
نه بعد منع تجارة الرقيق والتضييقات التي حصلت للسفن الشراعية العربية في المحيط الهندي من قبل الإنجليز ومن بينها السفن العمانية الصورية، حصل مجموعة من النواخذة الصوريين على وثائق فرنسية في السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر.
وفي عام 1905م قدم الفرنسيون قائمة بأسماء ملاك مراكب الداو الصورية الذي كان لهم الحق في استخدام العلم الفرنسي، وقد شملت القائمة 30 شخصًا يملكون ما مجموعه 56 مركبًا من مراكب الداو بعدد (1060) بحارًا يعملون على امتداد الشاطئ الشرقي لأفريقيا، وكان النوخذة سليم بن ثابت وابنه راشد بن سليم من ضمن النواخذة الذين حصلوا على الحماية الفرنسية.
وفي عام 1905م
قدم الفرنسيون قائمة بأسماء ملاك مراكب الداو الصورية الذي كان لهم الحق في استخدام العلم الفرنسي، وقد شملت القائمة 30 شخصًا يملكون ما مجموعه 56 مركبًا من مراكب الداو بعدد (1060) بحارًا يعملون على امتداد الشاطئ الشرقي لأفريقيا، وكان النوخذة سليم بن ثابت وابنه راشد بن سليم من ضمن النواخذة الذين حصلوا على الحماية الفرنسية.
وقد خلّف سليم بن ثابت ثلاثة من أبنائه الذكور أكملوا مسيرته وكانوا من النواخذة والتجار المعروفين وهم: سالم بن سليم، وراشد بن سليم، وحمدان بن سليم.
وقد خلّف سليم بن ثابت ثلاثة من أبنائه الذكور أكملوا مسيرته وكانوا من النواخذة
والتجار
المعروفين وهم: سالم بن سليم، وراشد بن سليم، وحمدان بن سليم.
ومنهم كذلك النوخذة سيف بن ثابت وكان من النواخذة المعروفين وامتلك عدّة سفن من بينها “ظبية”، كما أنجب عددًا من الأبناء الذين أصبحوا من النواخذة البارزين كالنوخذة ناصر بن سيف، والنوخذة يوسف بن سيف.
ومنهم كذلك النوخذة سيف بن ثابت وكان من النواخذة المعروفين وامتلك عدّة سفن من بينها “ظبية”، كما أنجب عددًا من الأبناء الذين أصبحوا من النواخذة البارزين كالنوخذة ناصر بن سيف، والنوخذة يوسف بن سيف.
وعدا عن كونه نوخذة معروفا، فقد كان سيف بن ثابت من أصحاب الوجاهة المعروفين في المدينة، وامتاز بشخصيته القيادية ومكانته بين جماعته، وله عدة مواقف تدل على قوة شخصيته وحنكته ورأيه السديد لا يسع المجال لذكرها هنا في هذا التقرير.
وعدا عن كونه نوخذة معروف
ا
، فقد كان سيف بن ثابت من أصحاب الوجاهة المعروفين في المدينة، وامتاز بشخصيته القيادية ومكانته بين جماعته، وله عدة مواقف تدل على قوة شخصيته وحنكته ورأيه السديد لا يسع المجال لذكرها هنا في هذا التقرير.
ومنهم جده لوالده وهو النوخذة حمدان بن سليم بن ثابت، وكان نوخذا معلّم من بقايا النواخذة الكبار، ومن أبرز النواخذه الذين اشتهروا بالتعامل مع الظروف المناخية والمسارات الصعبة التي تواجه السفن الشراعية، وقاد بعض سفن أخيه راشد بن سليم.
ومنهم ج
ده لوالده وهو النوخذة حمدان بن سليم بن ثابت، و
كان
نوخذا معلّم من
بقايا النواخ
ذ
ة الكبار،
ومن أبرز النواخذه الذين اشتهروا بالتعامل مع الظروف المناخية والمسارات الصعبة التي تواجه السفن الشراعية،
وقاد بعض سفن أخيه راشد بن سليم
.
أما جدّه من والدته فهو النوخذة المعروف راشد بن سليمبن ثابت صاحب بيت الرشة المعروف، وكان تاجرًا كبيرًا وصاحب سفنٍ بارز، حصل على الحماية الفرنسية فترة رفع الأعلام الفرنسية على بعض السفن العربية، وكان من رموز العمل الخيري في المدينة، واشتهر بالصدقات وأعمال البِر.
أما جدّه من والدته فهو النوخذة المعروف
راشد بن سليم
بن ثابت
صاحب بيت الرشة
المعروف،
و
كان تاجر
ًا
كبير
ًا وصاحب سفنٍ
بارز
، حصل على الحماية الفرنسية فترة رفع الأعلام الفرنسية على بعض السفن العربية،
وكان من رموز العمل الخيري في المدينة، واشتهر بالصدقات وأعمال البِر.
بيت “السندباد”
بيت “السندباد”
هو بيت كبير الحجم كعادة بيوت النواخذة في صور، تجاوز عمره مائةً وأربعين سنة، بناه راشد بن سليم بن ثابت ويمثل أحد الشواهد القليلة المتبقية لفن العمارة المرتبطة بالمدن البحرية، وما يسمى ببيوت (السركال)، التي كانت تعبّر عن جانبٍ اقتصاديّ واجتماعيّ وهندسيٍ ارتبط بالبحر والملاحة.
هو
بيت
كبير الحجم كعادة بيوت النواخذة في صور، تجاوز عمره مائةً وأربعين سنة
،
بناه راشد بن سليم بن ثابت
و
يمثل أحد الشواهد القليلة المتبقية لفن العمارة المرتبطة بالمدن البحرية، وما يسمى ببيوت (السركال)، التي كانت تعبّر عن جانبٍ اقتصاديّ واجتماعي
ّ وهندسيٍ ارتبط بالبحر والملاحة
.
صورة جانبية لما تبقى من منزل راشد بن سليم بن ثابت بحارة الرشّة
صورة جانبية لما تبقى من منزل راشد بن سليم بن ثابت بحارة الرشّة
وتكمن أهمية البيت عدا عمّا يمثله من نموذج لفن العمارة المرتبط بالمدن البحرية، في ارتباطه بحدثٍ تاريخيٍ مهم؛ ألا وهو بناء السفينة (صحار) التي انطلقت في مطلع عقد الثمانينات من القرن السابق في رحلةٍ طويلةٍ إلى الصين لتعيد ذكرى رحلات العرب والعُمانيين إلى تلك البقاع البعيدة، فكان هذا البيت شاهدًا رئيسيًا على تلك الرحلة المهمة.
وتكمن أهمية البيت عدا عمّا يمثله من نموذج لفن العمارة المرتبط بالمدن البحرية، في ارتباطه
بحدثٍ تاريخيٍ مهم؛ ألا وهو بناء السفينة (صحار) التي انطلقت في مطلع عقد الثمانينات من القرن السابق في رحلةٍ طويلةٍ إلى الصين لتعيد ذكرى رحلات العرب والعُمانيين إلى تلك البقاع البعيدة، فكان هذا البيت شاهدًا رئيسيًا على تلك الرحلة المهمة
.
ولنترك تيم سيفرن قبطان رحلة (السندباد) والمشرف على بناء السفينة (صحار) يصف لنا البيت كما جاء في كتابه “رحلة السندباد“: “ كان منزلًا كبيرًا شيدته منذ مائتي سنة أسرة أحد تجار صور حول دهليزٍ على النمط العماني التقليدي، وكان هذا الدهليز مفروشًا بالمرجان المجروش ينسحق بصوتٍ مفرح عندما تطأه أقدام أي شخص، وعلى امتداد الدهليز عدد من الأبواب تقود إلى العديد من الحجرات تقع في حماية سورٍ داخلي. وهنا كانت توجد أنواع عديدة من الحجرات ذات أشكالٍ وأحجامٍ مختلفة، بعضها متسعٌ يصلح للنوم وأخرى صغيرة تصلح لأن تكون مطبخًا أو مخنًا لحفظ الأطعمة، وكانت هناك حجرةٌ تصلح لأن تكون حمّامًا، كذلك كانت بعض الحجرات صالحة لاستخدامها كمخزن“.
ولنترك تيم سيفرن قبطان رحلة (السندباد) والمشرف على بناء السفينة
(
صحار
)
يصف لنا البيت كما جاء في
كتابه
“
رحلة السندباد
“
:
“
كان منزلًا كبيرًا شيدته منذ مائتي سنة أسرة أحد تجار صور حول دهليزٍ على النمط العماني التقليدي، وكان هذا الدهليز مفروشًا بالمرجان المجروش ينسحق بصوتٍ مفرح عندما تطأه أقدام أي شخص، وعلى امتداد الدهليز عدد من الأبواب تقود إلى العديد من الحجرات تقع في حماية سورٍ داخلي. وهنا كانت توجد أنواع عديدة من الحجرات ذات أشكالٍ وأحجامٍ مختلفة، بعضها متسعٌ يصلح للنوم وأخرى صغيرة تصلح لأن تكون مطبخًا أو مخنًا لحفظ الأطعمة، وكانت هناك حجرةٌ تصلح لأن تكون حمّامًا، كذلك كانت بعض الحجرات صالحة لاستخدامها كمخزن
“.
صورة أرشيفية لأحد جوانب البيت. شبكة المعلومات العالمية
صورة أرشيفية لأحد جوانب البيت. شبكة المعلومات العالمية
وكانت “أثير” قد أعدّت تقريرًا سابقًا عن هذا البيت بتاريخ 15 ديسمبر 2018.
وكانت “أثير” قد أعدّت تقريرًا سابقًا عن هذا البيت بتاريخ 15
ديسمبر
2018.
ومن نواخذة الأسرة البارزين كذلك والذين خلفوا الجيل الأول: محمد بن حمدان بن سليم، ويوسف بن سيف بن ثابت، وأخيه ناصر بن سيف بن ثابت صاحب سفينة “سمحة” التي تعرضت للكارثة الشهيرة في مايو 1959 والتي كان أهل صور إلى عهدٍ قريب يؤرخون عليها تاريخ ولادة أبنائهم، فيقال إن فلانًا ولد سنة ” سمحة”، أي في السنة التي غرقت فيها هذه السفينة وعلى متنها حوالي (141) فردًا هم طاقم بحارتها وركّابها، وكانت مأساةً كبيرة ظلت المدينة تتذكرها بحزنٍ وألم.
ومن نواخذة الأسرة البارزين كذلك والذين خلفوا الجيل الأول: محمد بن حمدان بن سليم، ويوسف بن سيف بن ثابت، وأخيه
ناصر بن سيف بن ثابت
صاحب سفينة “سمحة” التي تعرضت للكارثة الشهيرة في مايو 1959 والتي كان أهل صور إلى عهدٍ قريب يؤرخون عليها تاريخ ولادة أبنائهم، فيقال إن فلانًا ولد سنة ” سمحة”، أي في السنة التي غرقت فيها هذه السفينة وعلى متنها حوالي (141) فردًا هم طاقم بحارتها وركّابها
،
وكانت مأساةً كبيرة ظلت المدينة تتذكرها
بحزنٍ وألم.
جانب من تقرير أعدته إحدى الصحف المحلية عن كارثة غرق السفينة سمحة
جانب من تقرير أعدته إحدى الصحف المحلية
عن
كارثة غرق السفينة سمحة
سفن الأسرة
سفن الأسرة
امتلكت أسرة “آل ثابت” عددًا من السفن الشراعية الكبيرة من بينها السفينة ” الخالة ” وكانت – بحسب ما يشير كتاب صور العمانية مهد الملاحة البحرية للباحث ربيع بن عمبر العريمي– من كبريات السفن وأقدمها على الإطلاق وتبلغ حمولتها (3000 منّ بصري)، وقد صنعت بحيّ الرشّة لحساب النوخذة راشد بن سليم بن ثابت، حيث خدمت ضمن الأسطول التجاري العماني ثم انتقلت ملكيتها لنواخذة آخرين من بينهم الشيخ ناصر بن علي الحشار والنوخذة عبد الله بن سعيد ولد صابر العريمي، ثم انتقلت ملكيتها للنوخذة عبدالله بن مبارك ولد سدّاح العريمي.
امتلكت
أسرة “آل ثابت”
عددًا من السفن الشراعية الكبيرة من بينها السفينة ” الخالة ” وكانت
–
بحسب ما يشير كتاب صور العمانية مهد الملاحة البحرية
للباحث ربيع بن عمبر العريمي
– من كبريات السفن وأقدمها على الإطلاق وتبلغ حمولتها (3000 منّ بصري)، وقد صنعت بحيّ الرشّة لحساب النوخذة راشد بن سليم بن ثابت، حيث خدمت ضمن الأسطول التجاري العماني
ثم انتقلت ملكيتها لنواخذة آخرين من بينهم الشيخ ناصر بن علي الحشار والنوخذة عبد الله بن سعيد ولد صابر العريمي، ثم انتقلت ملكيتها للنوخذة عبدالله بن مبارك ولد سدّاح العريمي.
صورة أرشيفية للسفينة (الخالة). نقلًا عن كتاب صور مهد الملاحة البحرية
صورة أرشيفية للسفينة (الخالة). نقلًا عن كتاب صور مهد الملاحة البحرية
وكذلك السفينة “ظبية” وهي من نوع الغنجة، وتعود ملكيتها للنوخذة سيف بن ثابت، وصنعت – كما يذكر الباحث ربيع بن عمبر العريمي– في منتصف القرن التاسع عشر في وسط السوق القديم، وعندما انتهى العمل في بنائها بُذِل جهدٌ كبير في تدشينها حيث سحبت لمسافة 700 متر إلى البحر، وقد خدمت تلك السفينة لسنواتٍ عديدة ثم بودلت بالسفينة ” سمحة ” التي كانت في ذلك الوقت ملكًا لأحد نواخذة المكلا.
وكذلك السفينة “ظبية” وهي من نوع الغنجة، وتعود ملكيتها للنوخذة سيف بن ثابت، وصنعت
–
كما يذكر الباحث ربيع بن عمبر العريمي
–
في منتصف القرن التاسع عشر في وسط السوق القديم، وعندما انتهى العمل في بنائها بُذِل جهدٌ كبير في تدشينها حيث سحبت لمسافة 700 متر إلى البحر، وقد خدمت تلك السفينة لسنواتٍ عديدة ثم بودلت بالسفينة ” سمحة ” التي كانت في ذلك الوقت ملكًا لأحد نواخذة المكلا.
ومنها كذلك السفينة “فتح الباري” الملقبة بالساحرة، وكانت من السفن الكبيرة، وقد صنعت بحسب كتاب “صور العمانية مهد الملاحة البحرية” في حي الرشّة بداية القرن العشرين، وتعود ملكيتها للنوخذة راشد بن سليم بن ثابت والذي كان يمتلك سفن أخرى من بينها: سنجريف، وأم يزيد التي تخصصت في تجارة الأرز، والخالة.
ومنها كذلك السفينة “فتح الباري” الملقبة بالساحرة، وكانت من السفن الكبيرة، وقد صنعت بحسب كتاب “صور العمانية مهد الملاحة البحرية” في حي الرشّة بداية القرن العشرين، وتعود ملكيتها للنوخذة راشد بن سليم بن ثابت والذي كان يمتلك سفن أخرى من بينها: سنجريف، وأم يزيد
التي تخصصت في تجارة الأرز
، والخالة.
صورة أرشيفية للسفينة (فتح الباري). نقلًا عن كتاب صور مهد الملاحة البحرية
صورة أرشيفية للسفينة (فتح الباري). نقلًا عن كتاب صور مهد الملاحة البحرية
ويعود سبب تسميتها بالساحرة إلى أنها كانت في إحدى الفترات راسية بميناء الشويخ بالكويت استعدادًا لرحلة سفر إلى الهند، وغادرت قبلها بيومين عدة سفن كويتية إلى الهند أيضًا، وقد فوجئ نواخذة تلك السفن عندما شاهدوها راسية بميناء “خور ميان” بالهند عند وصولهم إليه، ولسرعتها لقبوها بالساحرة.
ويعود سبب تسميتها بالساحرة إلى أنها كانت في إحدى الفترات راسية بميناء الشويخ بالكويت استعدادًا لرحلة سفر إلى الهند، وغادرت قبلها بيومين عدة سفن كويتية إلى الهند أيضًا، وقد فوجئ نواخذة تلك السفن عندما شاهدوها راسية بميناء “خور ميان” بالهند عند وصولهم إليه، ولسرعتها لقبوها بالساحرة.
وقد تحطمت الساحرة فيما بعد في آخر رحلة لها بمحاذاة الساحل اليمني عند موقع يسمى “رأس الكلب”، وذلك بسبب شدة الرياح حيث لم يتمكن قبطانها من تجاوز هذا الرأس البحري مما أدى إلى تحطمها فوق الصخور.
وقد تحطمت الساحرة فيما بعد في آخر رحلة لها
بمحاذاة الساحل اليمني عند موقع يسمى “رأس الكلب”، وذلك بسبب شدة الرياح حيث لم يتمكن قبطانها من تجاوز هذا الرأس البحري مما أدى إلى تحطمها فوق الصخور.
كما امتلكت الأسرة سفنًا أخرى مثل فتح الخير، وسعد الكريم اللواتي ذكرن في الوثائق الخاصة بقضية رفع الأعلام الفرنسية وهنّ ملك النوخذة سليم بن ثابت وعمل عليهما ابناه سالم وراشد، وكذلك السفينة “سمحة” التي امتلكها النوخذة ناصر بن سيف بن ثابت، وغيرها من السفن.
كما امتلكت الأسرة سفنًا أخرى مثل فتح الخير، وسعد الكريم اللواتي ذكرن في الوثائق الخاصة بقضية رفع الأعلام الفرنسية وهنّ ملك النوخ
ذة سليم بن ثابت وعمل عليهما ابنا
ه سالم وراشد، وكذلك السفينة “سمحة” التي امتلكها النوخذة ناصر بن سيف بن ثابت، وغيرها من السفن.
لمحات من سيرة النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني
لمحات من سيرة النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني
بعد أن ختم القرآن الكريم في كتاتيب المدينة بدأ النوخذة علي بن محمد المخيني رحلته مع البحر والأسفار في سن الثالثة عشرة كعادة العديد من أبناء النواخذة، حيث بدأ في تعلم “التنخذة” أو فن قيادة السفن على يد على يد أكبر النواخذة في تلك الفترة ومن بينهم أفراد أسرته من النواخذة.
بعد أن ختم القرآن الكريم في كتاتيب المدينة
بدأ
النوخذة علي بن محمد
المخيني
رحلته مع البحر والأسفار
في
سن الثالثة عشر
ة
كعادة العديد من أبناء النواخذة، حيث بدأ في
تعلم
“
التن
خذة
” أو فن قيادة السفن على يد
على يد أكبر النواخذة في تلك الفترة
ومن بينهم أفراد أسرته من النواخذة.
وعندما فكر أهل صور في إنشاء أول مدرسة نظامية قبل حوالي 80 عاماً من اليوم تقدم عددًا من العلوم الحديثة لأبنائهم، وهي المدرسة المعروفة بدار الفلاح أو مدرسة الغزالي نسبة إلى مديرها المعلم والمربي السيد عبد الله بن أحمد الغزالي، كان علي بن محمد بن حمدان من أوائل الطلبة الذين التحقوا بالمدرسة، وكان من النابهين في علوم الحساب، وقد أفاده ذلك فيما بعد عندما بدأ في ممارسة النشاط الملاحي، حيث امتلك مهارةً كبيرة في استخراج خطوط الطول ودوائر العرض في جميع الظروف المناخية، فيذكر الباحث تركي بن سعيد البلال في مقالٍ تأبيني له بعنوان “وداعا أيها النوخذا الكبير” أنه ” كان نوخذا من طراز رفيع، فقد كان بارعًا بالحساب، لديه إلمام كاف بخطوط الطول والعرض، إلى جانب أنواع المعرفة الأخرى لا سيما تلك المتعلقة بالبحر وعلومه وكانت له معرفة خاصة بالرياح الموسمية، ومطالع النجوم “.
وعندما
فكر أهل صور في إنشاء أول مدرسة نظامية قبل حوالي
80
عاماً من اليوم تقدم عدد
ًا
من العلوم الحديثة لأبنائهم، و
هي المدرسة المعروفة بدار الفلاح أو مدرسة الغزالي نسبة إلى مديرها
المعلم
و
المربي
السيد
عبد الله بن أحمد الغزالي،
كان علي بن محمد بن حمدان من أوائل الطلبة الذين التحقوا بالمدرسة، وكان من
النابهين في علوم الحساب، وقد أفاده ذلك فيما بعد عندما بدأ في ممارسة النشاط الملاحي،
حيث امتلك مهارةً كبيرة في استخراج خطوط الطول ودوائر العرض في جميع الظروف المناخية،
فيذكر الباحث تركي بن سعيد البلال في مقالٍ تأبيني له بعنوان “
وداعا أيها النوخذا الكبير
” أنه
”
كان نوخذا من طراز رفيع، فقد كان بارع
ً
ا بالحساب، لديه إلمام كاف بخطوط الطول والعرض،
إ
لى جانب
أ
نواع المعرفة الأخرى ل
ا
سيما تلك المتعلقة بالبحر وعلومه
وكانت له معرفة خاصة بالرياح الموسمية، ومطالع النجوم
“.
صورة لواجهة مدرسة دار الفلاح. نقلًا عن كتاب عمان منذ الأزل (ج2)
صورة لواجهة مدرسة دار الفلاح. نقلًا عن كتاب عمان منذ الأزل (ج2)
وكان النواخذة يحرصون على توثيق المسالك والمجاري البحرية والرياح، وعلامات وشواخص البر التي تحدد المحطات التجارية ومحطات التوقف المهمة للتموين والتزود بالماء، واقتنوا المخطوطات التي توضح تلك المعلومات، والخرائط التي تحدد مواقع المدن والموانئ، وقد حرص النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني على اقتناء مثل هذه الكتب والمخطوطات ومن بينها كتاب “دليل المحتار في علم البحار” لمؤلفه النوخذة الكويتي المعروف عيسى بن عبدالوهاب القطامي، وكان من أشهر كتب الملاحة في الخليج العربي والذي لا يستغني عنه العديد من ربابنة السفن الشراعية، وقد كتبه صاحبه عام ١٩١٦ وطبعه للمرة الأولى في بغداد عام ١٩٢٤. وكان النوخذة علي بن محمد يضع على النسخة التي يمتلكها ملاحظات بخط يده، وهذه النسخة محفوظة الآن في مركز فتح الخير الثقافي بصور.
وكان النواخذة يحرصون على توثيق المسالك والمجاري البحرية والرياح، وعلامات وشواخص البر التي تحدد المحطات التجارية ومحطات التوقف المهمة للتموين والتزود بالماء، واقتنوا المخطوطات التي توضح تلك المعلومات، والخرائط التي تحدد مواقع المدن والموانئ، وقد حرص النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني على اقتناء مثل هذه الكتب والمخطوطات ومن بينها كتاب “دليل المحتار في علم البحار” لمؤلفه النوخذة الكويتي المعروف عيسى بن عبدالوهاب القطامي، وكان من أشهر كتب الملاحة في الخليج العربي والذي لا يستغني عنه العديد من ربابنة السفن الشراعية، وقد كتبه صاحبه عام
١٩١٦ وطبعه
للمرة الأولى
في
بغداد
عام ١٩٢٤
. وكان النوخذة علي بن محمد يضع على النسخة التي يمتلكها ملاحظات بخط يده، وهذه النسخة محفوظة الآن في مركز فتح الخير الثقافي بصور.
وقد استمر النوخذة علي بن محمد بن حمدان يمارس النشاط الملاحي كربّان لمدة (35) سنة تقريبًا جاب خلالها العديد من الموانئ والمحطات التجارية، متنقلًا ما بين موانئ الخليج العربي وساحل بلاد فارس، وموانئ اليمن وبلاد الشحر، وموانئ الساحل الشرقي لأفريقيا، بالإضافة إلى الهند التي تخصصت بعض سفن الأسرة في جلب الأرز منها.
وقد استمر النوخذة علي بن محمد بن حمدان يمارس النشاط الملاحي كربّان لمدة (35) سنة تقريبًا جاب خلالها العديد من الموانئ والمحطات التجارية، متنقلًا ما بين موانئ الخليج العربي وساحل بلاد فارس، وموانئ اليمن وبلاد الشحر، وموانئ الساحل الشرقي لأفريقيا، بالإضافة إلى الهند التي تخصصت بعض سفن الأسرة في جلب الأرز منها.
صورة أرشيفية للنوخذة علي بن محمد بن حمدان في شبابه
صورة أرشيفية للنوخذة علي بن محمد بن حمدان في شبابه
وكان للنوخذة علي بن محمد اهتمامات دينية وفكرية إلى جانب اهتمامه بعلوم البحار، فحفظ عددًا من المنظومات الفقهية مثل (متن الزبد) وهي منظومة من تأليف أحمد بن الحسين بن علي بن أرسلان الرملي (753-844هـ) جمع فيها مسائل علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي، وتعد أشهر منظومة في الفقه عند الشافعية.
و
كان
للنوخذة علي بن محمد
اهتمامات دينية
وفكرية إلى جانب اهتمامه بعلوم البحار،
فحفظ عدد
ًا
من المنظومات الفقهية مثل (متن الزبد)
وهي منظومة من تأليف أحمد بن الحسين بن علي بن أرسلان الرملي (753-844هـ) جمع فيها مسائل علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي، وتعد أشهر منظومة في الفقه عند الشافعية
.
كما كان يحفظ الأشعار العربية بالإضافة إلى الأشعار المرتبطة بالفنون المرتبطة بالمدينة كالرزحة والميدان وغيرها، ويذكر الباحث تركي البلال في مقاله أنه كان ” كثير الذكر، يسترجع محفوظاته من القرآن والفقه والشعر وهو على الحصير أمام جامع الرضوان (التاحي)“ .
كما كان يحفظ
الأشعار العربية بالإ
ضافة إلى
الأشعار المرتبطة بالفنون المرتبطة بالمدينة كالرزحة والميدان وغيرها، ويذكر الباحث تركي البلال في مقاله أنه
كان
”
كثير الذكر، يسترجع محفوظاته من القرآن والفقه والشعر وهو على الحصير أمام جامع الرضوان (التاحي)
“
.
ويضيف البلال نقلًا عن رواية أحدهم له: “يروي لي أحد الأصدقاء غير العمانيين يقول: رأيته يوما يتمتم بكلماتٍفاقتربت منه، ثم سألته فقال : أراجع محفوظاتي“.
ويضيف البلال نقلًا عن رواية أحدهم له:
“
يروي لي أحد الأصدقاء غير
العمانيين يقول: رأيت
ه
يوما يتمتم بكلمات
ٍ
فاقتربت منه، ثم سألته فقال :
أ
راجع محفوظاتي
“.
وكان النوخذة علي بن محمد المخيني من الرواة المهمين للحديث عن مواسم الإبحار والملاحة البحرية، وكان العديد من الباحثين والمهتمين بعلوم وتاريخ الملاحة البحرية يلجأون إليه للإستزادة من المعلومات التي يمتلكها نتيجة خبرته الطويلة في هذا المجال، وكان يمتاز بدقّته في طرح المعلومة، وعدم اللجوء إلى أسلوب المبالغة والتهويل في السرد، وقد استفدت منه بشكلٍ شخصي أثناء إعدادي لكتابي المشترك حول تاريخ صور البحري المروي بالتعاون مع الباحث الشيخ حمود الغيلاني.
وكان النوخذة علي بن محمد المخيني من الرواة المهمين للحديث عن مواسم الإبحار والملاحة البحرية، وكان العديد من الباحثين والمهتمين بعلوم وتاريخ الملاحة البحرية يلجأون إليه للإستزادة من المعلومات التي يمتلكها نتيجة خبرته الطويلة في هذا المجال، وكان يمتاز بدقّته في طرح المعلومة، وعدم اللجوء إلى أسلوب المبالغة والتهويل في السرد، وقد استفدت منه بشكلٍ شخصي أثناء إعدادي لكتابي المشترك حول تاريخ صور البحري المروي
بالتعاون مع الباحث الشيخ حمود الغيلاني
.
صورة أرشيفية للنوخذة علي بن محمد تعود إلى عام 2012م
صورة أرشيفية للنوخذة علي بن محمد تعود إلى عام 2012
م
ومع توقف عصر الإبحار وأخذ السفن الشراعية لإجازةٍ مفتوحة قضتها منزوية على أطراف خور البطح ومجحب الرشّة والسط، عمل المرحوم علي بن محمد بن حمدان كموظف إحصاء في وزارة الزراعة والثروة السمكية حتى تقاعده.
ومع توقف عصر الإ
بحار
وأخذ السفن الشراعية لإجازةٍ مفتوحة قضتها منزوية على أطراف خور البطح ومجحب الرشّة والسط،
عمل
المرحوم علي بن محمد بن حمدان
كموظف إحصاء في وزارة الز
راعة والثروة السمكية حتى تقاعده.
موقف
موقف
في لقائي به قبل حوالي عشر سنواتٍ من الآن، وبينما كنت أعد لكتابي المشترك مع الباحث الشيخ حمود بن حمد الغيلاني تحت عنوان ” التاريخ البحري المروي لولاية صور”، سرد عليّ المرحوم النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني هذه القصة ضمن مجموعة من القصص التي تدل على مدى المعاناة والصعوبات التي كان يتعرض لها أصحاب السفن الشراعية في رحلة كفاحهم وتنقلهم بين الموانئ المختلفة
في لقائي به قبل حوالي عشر سنواتٍ من الآن، وبينما كنت أعد لكتابي المشترك مع الباحث الشيخ حمود بن حمد الغيلاني تحت عنوان ” التاريخ البحري المروي لولاية صور”، سرد عليّ المرحوم النوخذة علي بن محمد بن حمدان المخيني هذه القصة ضمن مجموعة من القصص التي تدل على مدى المعاناة والصعوبات التي كان يتعرض لها
أصحاب السفن الشراعية في رحلة كفاحهم وتنقلهم بين الموانئ المختلفة
” كنا عائدين في إحدى الرحلات من الهند قبل مرحلة تركيب المكائن، وفي وسط الطريق توقف الهواء، وسادت حالة من السكون في الجو لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًاواضطررنا إلى الاقتصاد في الوجبات الغذائية، ثم نزل المطر بغزارة وقمنا بجمع الماء في الأشرعة وتمكنا من الاستعانة به في الشرب وأعمال الطبخ، كما لمحنا من بعيد سربًا من الطيور يحوم على شيء ما في البحر، فخمّنّا أن يكون هناك صيد، فجهزنا القارب الملحق بالسفينة وذهبت بمعيّة عدد من البحّارة باتجاه مكان تجمّع الطيور، وكانت المفاجأة أننا وجدنا مجموعة كبيرة من كراتين الحليب، وأسفلها كثير من أنواع الأسماك،فأخذنا كمياتٍ منها، ثم تحرك الهواء وبدأنا في رحلة العودة، ورافقتنا سمكة (الربيعي) وهي نوع من أسماك القرش حتى وصلنا إلى رأس الحد، حيث توقفت عن مرافقتنا، وكنا نأكل مما نصيده منها بالإضافة إلى ما كنّا وجدناه من أسماك وكراتين حليب، حتى وصلنا إلى صور”
”
كنا عائدين في إحدى الرحلات من الهند
قبل مرحلة تركيب المكائن
، وفي وسط الطريق توقف الهواء،
وسادت حالة من السكون في الجو لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا
واضطررنا إلى الاقتصاد في الوجبات الغذائية،
ثم نزل المطر بغزارة وقمنا بجم
ع الماء في الأشرعة وتمكنا من الا
ستعانة به في الشرب وأعمال الطبخ، كما
لمحنا من ب
عيد سربًا من الطيور يحوم على شيء
ما في البحر، فخمّنّا أن يكون هناك صيد، فجهز
نا القارب الملحق بالسفينة وذهبت بمعيّة عدد من البحّارة
باتجاه مكان تجمّع الطيور، وكانت المفاجأة أننا وجدنا مجموعة كبيرة من كراتين الحليب،
وأسفلها كثير من أنواع الأسماك،
فأخذنا كمياتٍ منها
، ثم تحرك الهواء وبدأنا في رحلة العودة، ورافقتنا سمكة (الربيعي) وهي نوع من أسماك القرش حتى وصلنا إلى رأس الحد، حيث توقفت عن مرافقتنا، وكنا نأكل مما نصيده منها
بالإضافة إلى ما كنّا وجدناه من أسماك وكراتين حليب، حتى وصلنا إلى صور”
ولعلني لا أجد ختامًا أفضل لهذا التقرير من هذه الفقرة التي ختم بها تركي بن سعيد البلال مقاله: “كعادتي قد أحسن اللقاء، ولكن لا أجيد مفردات الوداع، فلا أعرف كيف أودع من كان طيب المعشر يألف ويؤلف، يحبه الصغير قبل الكبير، كريم النفس طيب الخصال ذو ابتسامة صادقة، وإن سألت عن الإخلاص في عمله وإتقانه فهو كذلك، وإن سألت عن صلاحه وتقواه فنحسبه والله حسيبه إنه من أهل التقوى“.
ولعلني لا أجد ختامًا أفضل لهذا التقرير من هذه الفقرة التي ختم بها تركي بن سعيد البلال مقاله:
“
كعادتي قد أحسن اللقاء، ولكن لا أجيد مفردات الوداع، فلا أعرف كيف أودع من كان طيب المعشر يألف ويؤلف
،
يحبه الصغير قبل الكبير، كريم النفس طيب الخصال ذو ابتسامة صادقة، وإن سألت عن الإخلاص في عمله وإتقانه فهو كذلك، وإن سألت عن صلاحه وتقواه فنحسبه والله حسيبه إنه من أهل التقوى
“
.
المراجع
المراجع
البلال، تركي بن سعيد. مقال غير منشور بعنوان
“
وداعا أيها النوخذا الكبير
“
، 20 مايو 2022.
سيفرن، توم
.
رحلة
السندباد، ط3،
وزارة
التراث
والثقافة، سلطنة عمان، 2017.
العريمي، ربيع بن عمبر. صور العمانية مهد الملاحة البحرية، المها للطباعة والقرطاسية، مسقط، 2016.
الغيلاني، حمود بن حمد، والعريمي، محمد بن حمد. التاريخ البحري المروي لولاية صور، ط2، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 2019.
شريف، عبد. صور البعد العالمي لمراكب الدهو التقليدية، مجلة الدراسات العمانية، العدد 15، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان.
العريمي، محمد. البيت الذي كان شاهدًا على رحلة السندباد، موقع أثير الإلكتروني، السبت 15 ديسمبر 2018.
القاسمي، سلطان بن محمد.
الوثائق العربية العمانية في مراكز الأرشيف الفرنسية
، ط2، دار منشورات القاسمي، الشارقة، 2010.
الباحث خالد بن علي بن محمد بن حمدان المخيني. حوار هاتفي، الجمعة 20 مايو 2022.
