فضاءات

الكوميديا لوحة فنية؛ مجيد وباكو نموذجًا

 

مسقط-أثير
إعداد: ناصر الحارثي


لطالما كان التمثيل الكوميدي أمام شاشة التلفاز عملية صعبة ومعقدة لكل من الممثل من خلال ضرورة تقمصه لشخصيات مختلفة متباينة، ولشركة الإنتاج من خلال الحدود المتاحة في التمثيل، بالإضافة إلى آلية تنفيذ السيناريو المعد مسبقا والتي تجعل من مهمة التمثيل أكثر صعوبة، لذا أصبحت الكوميديا على شاشة التلفاز أكثر نمطية، وهو ما يفسر الاتجاه الكبير لدى عدد من الجماهير لمتابعة الكوميديا القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاوتت بطبيعة الحال النجاحات والشهرة التي اكتسبتها هذه الشخصيات الكوميدية بناء على عوامل مختلفة ومتباينة.

وعند الحديث عن المقاطع الكوميدية القصيرة لدى الجمهور العماني يظهر لدينا عدد من الشخصيات التي تصدرت المنصات وتتميز جميعها في أنها كسرت النمط الرسمي المعتاد في التلفزيون ومالت أكثر للبساطة والتلقائية، وفي هذا المقال سأحاول الحديث عن نموذج للمقاطع الكوميدية الترفيهية التي يمكن تسميتها بمقاطع مجيد وباكو

حيث استطاع الثنائي مجيد وباكو تحقيق نجاح منقطع النظير عبر مقاطعهما الكوميدية القصيرة في مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب أسلوبهما الفني والكوميدي المميز، لذا سأحاول من خلال هذا المقال سرد أهم ما يميز هذه المقاطع القصيرة والتي تبدو للمشاهد بأنها مقاطع عادية سهلة التصوير لكنها في الحقيقة لها نموذج خاص يميزها عن غيرها وهي كالآتي:

– استعراض سلوكيات حياتنا بشكل ترفيهي، وكأنها تقتبس نمطا معينا وتضعه في لوحة فنية ساخرة، وكأنها ريشة فنان تبحر في الجوانب الدقيقة التي تحصل في الأسرة والمنزل والحارة والمدرسة والسوق
– هناك فجوة كبيرة في التمثيل الكوميدي فما عاد يلامس مشاعر الناس، وهي أبرز نقاط قوتهم حيث إن المشاهد يشعر بأن المقطع التمثيلي يصور سلوكه أو سلوك أحد أقاربه وأصدقائه
– تقديم محتوى ترفيهي ذي قيمة ومعنى للمتابع بدل الأسلوب التقليدي الوعظي المباشر ذي الإطار الفكاهي
– اللغة المستخدمة سهلة وسلسلة تتجنب الصراخ أو التكلف وتميل إلى تبني لغة مختلف الفئات العمرية ومختلف الأعراق
– استعراض طبيعة حياة سكان ضواحي المدينة والتنوع الثقافي وأسلوب التعايش وهذه الفئة لها تأثير عظيم في المجتمعات خاصة أنها بمثابة نقط التماس ومرحلة الانتقال ما بين نمط القرية ونمط المدينة
– التمثيل السهل الممتنع، يبدو للوهلة الأولى للمشاهد أنهم مجرد هواة لكن في حقيقة الأمر أن المقاطع مدروسة بشكل مميز أو أن الممثلين في غاية الإبداع، وتعكس وجود مساحة من الحرية في التمثيل
– إن كنت تقدر فنهم، فإنك على الأغلب ستقدر شخوصهم على منصات التواصل، خاصة مع تبنيهم أسلوب الحفاظ على صورتهم الفنية كشخصيات كوميدية محبوبة والابتعاد عن الدخول في الصراعات والقضايا التي تزخر بها منصات التواصل
– يتجنب الثنائي السقوط في مستنقع تبني فكرة أو توجه معين في التمثيل وخارجه، وكذلك في رسائلهم الدعائية الترفيهية، بالإضافة تجنب الإسفاف في المقاطع أو استخدام لغة علوية تترفع عن المجتمع
– الابتعاد التام عن المثالية والميل للتلقائية، فالكوميديا كلما كانت تلقائية كانت أكثر إبداعا وجمالا.





التمثيل الكوميدي ليست رسالة أو مرآة لواقع المجتمع، بل هي التقاطة فنية من زاوية ممثل مبدع لأنماط وسلوكيات في مجتمعنا، لذا أتمنى من الثنائي أن يواصل مشواره في تقديم هذه اللقطات الفنية الطويلة منها والقصيرة بالحيوية نفسها والأسلوب الساخر الماتع نفسه.

Your Page Title