رصد – مكتب أثير في القاهرة
أكد تقرير جديد نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن سياسات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق فيما يتعلق بالحكومة والمساءلة والإصلاح لعبت دورا رئيسياً في النجاح الاقتصادي الذي حققته سلطنة عُمان، بجانب ارتفاع أسعار النفط.
وأوضح التقرير الذي أعده جوناثان كامبل جيمس، المتخصص في المخاطر السياسية والمالية أن توجيهات جلالته للحكومة باستخدام أسعار الهيدروكربونات المرتفعة بشكل أكثر كفاءة، مع وجود فائض الميزانية البالغ 2 مليار دولار، عمل على إيجاد توقعات إيجابية بشأن استقرار عمان، الدولة الخليجية ذات الموقع الإستراتيجي.
وقال إنه “عندما وصل جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى السلطة في يناير 2020، كانت المشكلة الرئيسية في عمان هي أزمة مالية تلوح في الأفق، مدفوعة بالاعتماد المفرط على عائدات النفط والغاز الطبيعي، والتي تفاقمت بسبب انهيار الأسعار خلال جائحة كوفيد-19”.
وأضاف أنه مع انتهاء فترة الحداد بالكاد، انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام العماني إلى 30 دولارا للبرميل بعد أربعة أشهر، وهو سعر هدد بخفض عائدات النفط المتوقعة للبلاد إلى النصف للعام بأكمله، مع توسيع عجزها المالي، ومضاعفة دينها الوطني، وكانت عمان تعاني بالفعل من انخفاض التصنيفات الائتمانية بسبب عجز الميزانية، ولذلك فإن تمويل هذا الدين على المدى القصير مثل تحديا كبيرا.
وذكر أنه على الرغم من أن العديد من هذه المشاكل الهيكلية لا تزال قائمة حتى اليوم، لكن الوضع اختلف، ففي الأزمات السابقة، غالبا ما تم إنقاذ البلاد من كارثة مالية وشيكة من خلال انتعاش الأسعار العالمية، والقدرة الاستثنائية لشركة تنمية طاقة عمان على الضغط لإنتاج المزيد من النفط من جيولوجيتها المعقدة، ولكن هذه المرة، تستحق القيادة السياسية الثناء أيضا”.
وقال إن التركيز على المساءلة كانت مهمة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المبكرة في مجال الأعمال، ويبدو أنه تعلم الدروس الصحيحة، كما يتضح من تركيزه على رعاية تنويع اقتصاد سلطنة عمان بعيدا عن النفط والغاز.
وأضاف أنه في عهد جلالته، تم إدخال قوانين كانت متوقفة منذ فترة طويلة فيما يتعلق باستثمار رأس المال الأجنبي، والإفلاس، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب تغييرات في لوائح التوظيف والتأشيرات، التي تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وكان هذا هدفا رئيسيا لخطة التنمية الخمسية الأخيرة (2021-2025)، والخطة الإستراتيجية لرؤية عمان 2040، والتي كان لجلالته تأثير مبكر عليها”.
وتابع أن برنامج الحكومة النشط تضمن بشكل متزايد ما من شأنه تعزيز بيئة أعمال ودية، وإنشاء معايير اختبار وجودة، ومنصات للتجارة الإلكترونية.
وأكد أن الفرق الرئيسي اليوم هو أن المسؤولين في عمان يخضعون لمزيد من المساءلة عن الجهود والنتائج التي يظهرونها عند تنفيذ هذه المبادرات. ويشير أسلوب عمل جلالة السلطان، إلى جانب الأدوات الدستورية الإضافية التي منحها لنفسه لتعزيز الرقابة الإدارية، إلى أنه عازم على التأكد من التزام المديرين التنفيذيين بالخطة وتحقيق الأهداف، موضحا أن تغيير معنويات المستثمرين سيستغرق بعض الوقت، ومع ذلك، فإن الزيادة بنسبة 19٪ في الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الأول من عام 2022، والارتفاع الهائل في الصادرات غير النفطية في عام 2021 أمر مشجع، وكذلك قرار إرسال مسؤولين عمانيين رئيسيين إلى حدث استثماري كبير في لندن الشهر الماضي، هما معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ومعالي عبدالسلام المرشدي، رئيس الهيئة العمانية للاستثمار الجديدة، حيث شهد هذا الحدث حضورا حماسيا من الشركات متعددة الجنسيات، التي قدمت مشاريع معقدة وتعاونية في عمان من قبل، وتسعى إلى القيام بذلك مرة أخرى.
وذكر إنه تماشيا مع التركيز على الإنجاز والكفاءة، قام جلالة السلطان هيثم بن طارق بهيكلة الحكومة، وإعادة تشكيل مجلس الوزراء، فلدى الحكومة الآن تسع عشرة وزارة، انخفاضا من ست وعشرين وزارة، والقادمون الجدد هم مزيج من المواهب التي تم جلبها من البرلمان المنتخب، ومن خارج الحكومة، وجميعهم موظفون مدنيون أثبتوا جدارتهم.
وأشار إلى أن الحكومة عملت على ترشيد الشركات المملوكة للدولة وصناديق استثمار الثروة السيادية، وتحويلها إلى خمسة قطاعات تابعة لجهاز الاستثمار العماني، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تحسين الأداء وتجنب ازدواجية الجهود، كما دخلت مجموعة جديدة من المديرين والمديرين غير التنفيذيين من أجل الحد من تضارب المصالح وتوسيع نطاق الخبرة التجارية.
وأوضح أنه بالنظر إلى هذا التركيز الحاد، فإن عمان قادرة على تحقيق الأهداف التي غالبا ما كانت تفوتها في الماضي، وعلى سبيل المثال، فرضت الحكومة ضريبة القيمة المضافة في أبريل 2021 بعد سنوات، وعلى الرغم من تحديدها بمعدل منخفض قدره 5٪، إلا أن ضريبة القيمة المضافة جمعت 780 مليون دولار متواضعة في عام 2021، ومن المتوقع أن تولد 1.3 مليار دولار في عام 2022.
وقال إنه في الوقت نفسه، يبدو أن عملية إعادة توازن كبيرة للميزانية جارية، مدعومة بارتفاع أسعار النفط.
ولفت إلى أن الخطة المالية متوسطة الأجل للحكومة – التي تتلخص في الحفاظ على ثبات النفقات، وخفض الدين الوطني، وبناء إيرادات غير نفطية وغازية –تسبق حاليا الجدول الزمني. ووفقا لوكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، بلغ الدين العام العماني للربع الأول من عام 2022 حوالي 48 مليار دولار مقارنة ب 54 مليار دولار للربع نفسه من العام الماضي، مما أدى إلى انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 67.3٪ إلى 47.5٪.
وذكر أن هذا لا يعني أن الحكومة قد تخلت عن قطاع الطاقة، فهي تقوم بدفعة كبيرة لتطوير موارد جديدة للطاقة، بما في ذلك اتفاقية تطوير لمنشأة لإنتاج الأمونيا القائمة على الهيدروجين الأخضر في صلالة، ويستكشف شركاء آخرون مشاريع الهيدروجين الأخضر باستخدام الدقم كمركز، في حين يتم تطوير الطاقة الشمسية لأغراض الإنتاج في العديد من حقول النفط والغاز.