أخبار

قراءة في موقف المشرع العماني من تحديد القانون الذي يحكم العقود الدولية

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

مسقط-أثير

إعداد: د.خالد عبدالفتاح خليل، ود. بدر المسكري، كلية الحقوق جامعة السلطان قابوس

يتناول المقال قراءة نص المادة 20 من قانون المعاملات المدنية العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/2013 التي تنص على أنه (1- يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين فإن اختلفا موطنا سرى قانون الدولة التي تم فيها التعاقد ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف ذلك)
ونجد في هذا النص أن المشرع العُماني اعتنق فكرة الإسناد للموطن المشترك لأطراف العقد الدولي عند تطابق موطن المتعاقدين، أو تطبيق قانون مكان الإبرام في حالة اختلاف موطن الأطراف. بينما نبّه المشرع إلى عدم الالتفات لهذه الضوابط عند وجود الاختيار الذي لم يفصح المشرع عن نوعه هل هو اختيار صريح أو ضمني، كما فعلت بعض التشريعات ، مثل التشريع الكويتي الذي أفصح بشكل صريح على أن الاختيار يمكن أن يكون صريحا أو ضمنيا أو كما أوضح المشرع العُماني في المادة 21 الخاصة بشكل العقود أن الاختيار يمكن أن يكون صريحا أو ضمنيا، وهنا قد يتبادر إلى الذهن تساؤل مفاده ما الحكمة من عدم الإفصاح عن نوع الاختيار في المادة 20، والإفصاح عنه في المادة 21 من القانون ذاته، وكان يتعين على المشرع العُماني أن يؤكد على الاختيار الصريح ، أو الذي يستنتج بصورة مؤكدة من نصوص العقد .
وتفريعا على ذلك يلتزم القاضي أو المحكم بالتطبيق المتتابع لقانون الموطن المشترك، ومكان الإبرام في العقد الدولي، ولا توجد خيارات في التطبيق أو أفضلية لقانون على آخر، فالأمر يدور في حلقة مغلقة ولا يوجد ثمة تقدير، ولا بد من الالتزام بحرفية النص وعدم الرجوع لقانون محل الإبرام إلا في الحالة التي يختلف فيها موطن الأطراف.
وإذا تأملنا في ضابط الموطن المشترك للمتعاقدين في العقود الدولية، وبخاصة المبرمة عن بعد، نجد صعوبة في تطبيق هذا الضابط، لعدم اتحاد موطن المتعاقدين في العقود الدولية، إلا في بعض الأحيان. ففي الغالب قد يختلف موطن الموزع عن المورد، أو موطن البائع عن المشتري، أو موطن المخترع عن مستغل الاختراع وهكذا. ومن أهم الأمثلة على اختلاف الموطن، ما يتم بشأن المنتجات الدوائية التي يتم استغلالها في الدول النامية وكذلك عقود العمل الدولية.
وحالئذ يصبح دور الموطن المشترك مفرغا من مضمونه ويقف عاجزا عن القيام بدوره في فض منازعات العقود الدولية . أما الإسناد لقانون مكان الإبرام عند عدم وجود موطن مشترك للأطراف، فهو أمر يكذبه الواقع، عندما يكون مكان الإبرام مفاجئا ويأتي بمحض الصدفة، كأن يتم إبرام العقد من الأجنبي الذي يوجد بالصدفة في سلطنة عُمان.
ولهذا يتعين على المشرع العُماني أن يتبنى ضوابط إسناد تتفق مع التطور الحادث في مجال العقود الدولية فعلى سبيل المثال، عند عدم وجود اختيار للأطراف يجب إسناد العقد لقانون محل الإقامة المعتادة للمدين بالأداء المميز، مثل البائع في عقد البيع، والمؤمن له في عقد التأمين، والناشر في عقود النشر وغير ذلك.
أضف إلى ذلك ضرورة وضع ضوابط إسناد حمائية في مجال عقود الاستهلاك ، مثل تطبيق قانون محل إقامة المستهلك ، إذا كان يحقق له الحماية الكافية من عسف التجار ، ولضمان تحقيق التوزان في العقود الدولية وضرورة وضع ضوابط إسناد ملائمة في مجال عقود التوزيع ، وعقود نقل التكنولوجيا ، حرصاً على مواكبة التشريع العماني للتطورات الحديثة في مختلف المجالات .




وأخيرا يتعين عدم ربط الاختيار للقانون الواجب التطبيق بوقت إبرام العقد، وإتاحة الفرصة لأطراف العقد في اختيار القانون الذي يحكم علاقاتهم العقدية الدولية في أي وقت مع مراعاة حقوق الغير المكتسبة. ولهذا نقترح أن يكون نص المادة 20 من قانون المعاملات المدنية العُماني على النحو التالي (1- يحكم العقد الدولي القانون الذي يختاره الأطراف صراحة أو يستنتج بشكل مؤكد من نصوص العقد 2- يجوز للأطراف تجزئة العقد وإخضاعه لأكثر من قانون .3- يجوز لأطراف العقد تعديل الاختيار في أي وقت، شريطة ألا ينال ذلك من حقوق الغير المكتسبة 4- يتعين تطبيق مكان محل الإقامة المعتادة للمدين بالأداء المميز حال عدم وجود اختيار صريح أو ضمني).

Your Page Title