أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي
بحديث مليء بالذكريات المؤلمة التي ألمت به وبقاربه الذي هو مصدر رزقه، حاله كحال سُكّان المنطقة، يسرد أحد المواطنين من سُكان قرية عينت الساحلية بولاية مطرح معاناة لازمتهم أعوامًا عديدة وبدأ السعي إلى حلها قبل 25 عامًا، ورغم أن المساعي لاقت جوابًا من الجهات المعنية آنذاك، إلا أن السنوات كشفت مشاكل أكبر وخلفت أضرارًا جسيمة على سكان المنطقة وممتلكاتهم ومصدر رزقهم “القوارب”.


بدأت القصة منذ بداية انتقال المواطن محمود بن حسن البطاشي هو وأسرته إلى منطقة شاطئ قرية عينت في عام 1987م، الذي يُعد من أجمل شواطئ ولاية مطرح حيث شاطئها المقوس المكسو برماله البيضاء الساحرة، وكانت البداية بعد تأثر منطقة الشطيفي مقر سكنهم بمشروع توسعة ميناء السلطان قابوس، ولِكون الأعاصير والأمواج العاتية تؤثر على قوارب الصيادين وممتلكاتهم لعدم وجود مصدات أو كاسرات للأمواج، ويرجع ذلك إلى أن الشاطئ يقع بمنطقة مفتوحة من جهتي الشرق والغرب.

وللحديث أكثر عن ذلك؛ تواصل المواطن محمود البطاشي مع “أثير” لنقل مناشدة الأهالي ونقلها للجهات المعنية، حيث قال: قبل 25 عامًا سعى الأهالي وبالتنسيق مع المعنيين ببلدية مسقط والتي بدورها سمحت للكسارات المجاورة أن تضع مخلفات تكسير الجبال بموقع الشاطئ ليتشكل كاسر ضد الأمواج والأعاصير ومن بعد ذلك تقوم البلدية باستغلال المكان بإنشاء متنزه وعمل كاسر حماية له من التآكل، فتوقف المشروع لسنوات مما أدى ذلك إلى اصطدام الأمواج العاتية بالكاسر الذي لم يكن به مصدات، وكاسرات اسمنتية تحميه، فأخذت الأمواج تنحت فيه لسنوات عديدة، مما أدى إلى تفاقم المشكلة، وبعد ذلك جاء إعصار جونو الذي دمر الكاسر، وعلى أثره ظهرت شواطئ صخرية جديدة، وتبعه إعصار فيت فأخذ منه ما أخذ، وتأثر الشاطئ تأثرًا كبيرًا وبلغ التأثير حتى منطقة دارسيت الساحل، عندها زحفت الرمال الموجودة على الشاطئ إلى جانب الكاسر، وظهرت الصخور على طول الشاطئ، الأمر الذي صعّب على الصيادين رفع قواربهم إضافة إلى تزاحم القوارب بعضها لبعض، عندها سعى الأهالي إلى الجهات المعنية بتطوير الكاسر وإزالة الصخور من على الشاطئ وطمره بالرمل، فقامت البلدية بجلب أطنان من الرمال وكست الشاطئ، إلا أن الأمر لم يستمر إلا عدة أشهر وانتقلت الرمال بسبب التيارات البحرية إلى جهة الكاسر وظهرت الصخور مرة أخرى وبشكل كبير.


وأشار البطاشي إلى أن وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وقعت اتفاقية لإنشاء مرسى، عندها استبشر المواطنون بأن مشكلتهم القائمة منذ عشرات السنين ستتلاشى، مضيفًا: وبدأ العمل والأهالي في متابعة مستمرة مع الشركة وينتابهم الخوف من المشروع، هل ستنحل جميع المشاكل؟ فمرة يقومون بزيارة للوزارة وأخرى للشركة، ومن تلك المخاوف أن التيارات البحرية الناقلة للرمل من الشرق إلى الغرب هل ستتوقف بعد الانتهاء من المشروع، وأن الصخور الموجودة على الشاطئ هل ستردم بالرمل ليكون الشاطئ كما كان سنة 1987م، إلا أن النهاية لم تكن بالمستوى المطلوب والنتائج المرجوة، وأن الإخفاقات التي ألمت بالمشروع هي بذاتها أصبحت حديث السائحين والزائرين للمنطقة قبل قاطني المنطقة.


وأوضح البطاشي: قامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في مارس من العام 2020م بتوقيع اتفاقية تنفيذ مشروع مرفأ صيد بولاية مطرح بين قريتي عينت ودارسيت بتكلفة ثلاثة ملايين ريال عماني، وأصبحت الوزارة مسؤولة عن المرسى وبلدية مسقط عن المنطقة الوسطية بالمرسى ليتم تزويده بالمرافق العامة، حسب الإفادة قبل المعنيين بالوزارة.



وبيّن البطاشي قائلًا: توجد سلبيات لم يتم معالجتها ولا حلها بشكل جذري حتى تاريخه؛ حيث لا تزال التيارات مستمرة بنقل الرمل من الشرق إلى الغرب وفق الصور المرفقة، مع ازدياد المساحة الصخرية اتساعا على الشاطئ، كما أن الأمواج العاتية ما تزال مستمرة بدخولها للشاطئ مما يضطر الصيادون برفع قواربهم عند اقتراب الحالات المدارية، بالإضافة إلى أن الشاطئ لم يكسَ بالرمل حسب الاتفاق، مما أدى ذلك إلى تفاقم المشكلة بوصول الأمواج إلى الرصيف المحاذي للشاطئ مسببا تآكله وتهدم أجزاء منه، وهو أمر لم يحدث منذ سكننا بالمنطقة قبل 35 سنة ويحدث الآن كأول مرة، كما أن السبلة المحاذية للشاطئ قد تهدمت مرتين طوال السنوات الماضية والقائمة حالية مهددة كذلك بالسقوط، ولم يتم عمل خرسانات وحواجز إسمنتية للحواف الجانبية للمرسى المحاذي للشاطئ تفاديا لوقوع حوادث سقوط سيارات من مرتاديه، وأخيرًا مستوى أرضية الكاسر أو المتنزه منخفضة جدًا وأصبح ارتفاعه حاجبًا للرؤية تمامًا، وهو أمر قلل من مرتادي المكان بشكل ملحوظ ومشاهد، بسبب انقطاع نسيم البحر والهواء وأصبح حاجبًا للرؤية.


وأكد البطاشي بأن المشروع ذو جدوى اقتصادية لو استغل الاستغلال الأمثل، موضحًا: الموقع سياحي استثنائي فهو مطل على بحر عمان، والمنطقة المحيطة به تمتاز بتضاريس جبلية تلامس البحر معطية مناظر خلابة وخلجان صغيرة، كما أنه قريب من ناقلات النفط الخام العماني العملاقة والسفن التجارية والسياحية، ولا ننسى المناظر الخلابة وقت الشروق والغروب حيث إن المنطقة مكشوفة من الجهتين فأضفى ذلك ميزة أخرى، والمنطقة تزخر وقت الشتاء بالطيور المهاجرة، كما أن الجهات المعنية وعدتنا بعمل محلات خدمية مع المرافق العامة إلا أن ذلك لن يتأتى ولن يكون له الجدوى الاقتصادية ما لم ترفع أرضية الكاسر ليصبح مطلا إطلالا كاملا على البحر، وبدون ذلك لن يكون له ما ذكر أعلاه.
وأفاد البطاشي قائلًا: الاستجابات والوعود استمرت قبل وأثناء وبعد إنشاء المشروع من قبل المعنين بالوزارة المعنية وسعادة السيد الوالي بمعية شيوخ ورشداء منطقة دارسيت وعينت فشكرا لهم، إلا أنها كانت متأخرة، والتأخير ذلك أدى إلى ضخ مبالغ طائلة لمعالجة ما سببته الأعاصير وعوامل الطبيعة، وما تزال مطالبنا مستمرة بتكملة مراحله النهائية والملاحظات التي ذكرت.


واختتم البطاشي حديثه لـ “أثير” قائلًا: رسالتنا للجهات المعنية أن المنطقة بحاجة إليكم وأن المتضرر الوحيد حاليًا هو الصياد الحرفي الذي يعيل أسرته ويريد أن ينفق على نفسه وأولاده من خيرات هذا البحر، وأن البيئة الصحية لمصدر رزقة وحماية ممتلكاته هي الغاية التي يرنو إليها، وأن الجهات المعنية لن تألو جهدًا في متابعة ومعالجة ما تبقى من ملاحظات فهي قادرة على حل الصعاب كما عهدنا ذلك منها.