غاب شخصٌ أو فُقِد؛ فما حكمه في القانون، وماذا لو عاد بعد إصدار الحكم بموته؟

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

لظاهرة فقدان الأشخاص أسباب مختلفة؛ فقد يكون من أسبابها الكوارث الطبيعية أو الحروب أو أي أحداث تتسبب في اختفاء الشخص عن محيطه. والموت قد يكون حقيقة، وقد يكون حكما أي يصدر حكم من القاضي باعتبار المفقود ميتا، فإذا مرت مدة معينة تختلف باختلاف التشريعات، يحكم القاضي بموته حكميا، بناء على طلب أصحاب الشأن كزوجته أو أقاربه. وبإصدار هذا الحكم تنتهي شخصيته القانونية.
وقد سلط قانون الأحوال الشخصية العماني الضوء على الغائب والمفقود وسوّى بينهما في بعض الأحكام. ونظرا لتضرر بعض الأشخاص من الوضع المجهول لكل من الغائب والمفقود لابد من الإشارة إلى أحكام الغائب والمفقود في القانون الخاص.
أولا: تعريف الغائب والمفقود:
عرف الفقهاء الغائب بأنه الشخص الذي يغيب عن موطنه أو محل إقامته لكنه يكون حيا وتكون حياته معلومة، سواء كان له محل إقامة معروف خارج موطنه أم لم يكن.
وقد عرفه القانون العماني في المادة (١٩٠) الفقرة (١) من قانون الأحوال الشخصية بأنه الشخص الذي لا يعرف موطنه ولا محل إقامته.
أما المفقود فعرفه الفقهاء بأنه الغائب الذي انقطعت أخباره، فلا يُدرى مكانه ولا تعلم حياته ولا وفاته.
وعرفه قانون الأحوال الشخصية في المادة السابقة الفقرة (٢) بأنه الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته.




وهكذا فكل مفقود يعدّ غائبا في حين لا يعدُّ الغائب مفقودا إلا إذا قام الشك حول حياته أو موته.

ثانياً- أحكام الغائب و المفقود:
تترتب للغائب والمفقود جميع الآثار القانونية التي يشترط لحدوثها وجود الشخص على قيد الحياة كحقه في الإرث من غيره مثلا أو الوصية، لكنها تبقى معلقة على شرط التحقق من حياته، فلا يحرم المفقود من الحقوق التي تؤول إليه خلال هذه الفترة لعدم ثبوت موته، كما أنه لا يكتسبها بصورة نهائية لأنّ حياته غير محققة، بل تحفظ له هذه الحقوق مؤقتا ريثما يتبين مصيره ويزول الشك حول حياته أو مماته.


وبالرجوع إلى قانون الأحوال الشخصية العماني الذي ينظم أحكام الغائب والمفقود فقد نظمت المادة (١٣٩) منه حالات انتهاء الغياب والفقدان، وهما حالتان:
١- إذا تحققت حياة الغائب أو المفقود أو وفاته.
٢- إذا حكم باعتبار الغائب أو المفقود ميتا.
والسؤال الذي يتبادر على الذهن هو: متى يجب على القاضي أن يحكم بموت الغائب أو المفقود؟
الجواب، على القاضى أن يحكم بموت الغائب أو المفقود إذا قام دليل على الوفاة، وأما إذا لم يقم دليل على الوفاة فللقاضي أن يحكم بموت الغائب أو المفقود إذا مرت على الغياب أو الفقد أربع سنوات. كما أن على القاضي في جميع الأحوال أن يبحث عن الغائب أو المفقود، بكل الوسائل للوصول إلى معرفة ما إذا كان حيا أو ميتا قبل أن يحكم بوفاته.
وفي حال حكم بموت الغائب أو المفقود، متى يكون تاريخ الوفاة؟
– الجواب على ذلك جاء بنص المادة (١٩٦) من قانون الأحوال الشخصية والتي نصت على أن: “يعتبر يوم صدور الحكم بموت الغائب أو المفقود تاريخا للوفاة.”
إن القاضي يستطيع بناءً على طلب صاحب المصلحة الحكم بوفاة المفقود وبدءا من تاريخ صدور هذا الحكم تنتهي شخصية المفقود ويعامل من هذا التاريخ معاملة الميت موتا حقيقيا. وإذا حكم القاضي بموته توزع أمواله على ورثته الموجودين وقت الحكم باعتباره ميتا، أما ورثته الذين ماتوا بعد فقده أي أثناء غيابه وقبل صدور هذا الحكم فلا يرثونه؛ لأنّ الحكم باعتباره ميتا حكم منشئ لهذا الموت وليس كاشفا له.
ولكن ماذا لو ظهر الغائب أو المفقود الذي تم الحكم بموته؟





الجواب: إذا حكم باعتبار الغائب أو المفقود ميتا ثم ظهر حيا فإنه:
1 – يرجع على الورثة بالتركة ما عدا ما استهلك منها. أي إنه لا يسترد إلا ما بقي من هذه الأموال بين أيدي الورثة، أما ما تصرف به هؤلاء أو استهلكوه فلا يسترد منه شيئا.
2 – تعود زوجته إلى عصمته ما لم تتزوج ويقع الدخول بها.


Your Page Title