أثير – موسى الفرعي
تتساقط من الذاكرة تواريخ وأزمنة وأماكن ويسقط معها عدد من العابرين بتواريخنا الشخصية، وهناك من يحجز لنفسه إقامة دائمة في الذاكرة.
لا أذكر تحديدا أين ومتى وما المناسبة التي جمعتني بالعميد محمد الرواس مدير عام الإدارة العامة للمرور، لكن منذ تلك اللحظة الأولى كيفما كانت وأينما كانت وأنا على يقين كلي أنه رجل ممتلئ بالإنسانية، وقد محت الخطوط الفاصلة بين ما هو عملي وإنساني، حيث إن الجوهر الحقيقي للعمل الشرطي قائم على جوهر إنساني خالص، لذلك كنتُ أرى فيه الوطني الذي نذر نفسه لخدمة هذا الوطن العزيز بشكل عام وخدمة الشرطة والسلامة المرورية بشكل خاص، وهو في محاولات دائمة لترجمة المعنى الحقيقي لمبدأ (الشرطة في خدمة الشعب)؛ يعمل بتفان، منتج للإيجابية، وملهم لها مع جميع منتسبي الإدارة العامة للمرور.

ولا أذكر منذ اللحظة الأولى وحتى الأسبوع المنصرم أننا تواصلنا بشأن قضية ما إلا وكان متفاعلا بشكل إيجابي معها وكأنها المرة الأولى؛ لأن خدمة الوطن والإنسان هي ألا يجد التعب حيزا له في قواميسنا، والعطاء الحقيقي هو أن نعطي في كل مرة وكأنها المرة الأولى، بهذا يمكن للإنسان أن يجد لنفسه إقامة دائمة في الذاكرة ومساحة حضور فارق في الروح، وهذا هو الأمر الذي يجيده العميد محمد الرواس بمهارة عالية، لذا فإن عبارات الشكر وقوالبه العامة والمستهلكة كلها لا تجدي نفعا ولا تترجم المعنى الحقيقي للاعتزاز والفخر بمثله ولا تغطي ما نشعر به تجاه رجل مثله.
إن الشكر اللائق به يبدأ بتلك اللحظة الغائبة زمنيا وممتلئة الحضور روحيا؛ لأنها استطاعت أن تستوعب رجل دولة كبيرًا وإنسانًا أكبر، والشكر يوجه له هو لأنه استطاع أن يكون من هو ثباتا وإنسانية وعطاءً في ظل السقوط الإنساني الكبير للكثيرين.