أثير- مكتب أثير في تونس
توضيب النصّ: محمد الهادي الجزيري
تبعدُ عن العاصمة مسقط حوالي 827كم ، وهي قرية ” ديميت ” تابعة لولاية شليم وجزر الحلانيات بمحافظة ظفار ، إلى هذه القرية الصغيرة النائية ..رحل بنا عبر ذاكرته إلى ما في القلب من حبّ لعُمان وشعبها، هو الأستاذ الشاذلي عبد الصمد متحصل على الماجستير في الأدب وقاصّ تونسي ومحاضر ، قدّم العديد من المداخلات إلى جانب مهنته ألا وهي التعليم ، علما بأنّه وصل إلى مشرق الشّمس يوم 18 – 09 – 2013، وقد وجد التّرحاب والتّبجيل من أهالي ديميت ومحويس، وهما قريتان تابعتان إلى ولاية شليم وجزر الحلانيّات،، واليوم عاد إلى أرض الوطن ، وبسرور بالغ سيقصّ علينا قصة قصيرة عن ” الكابتن ” الذي ترك في نفسه كلّ المودة والذكريات السمحة ومعاني الأخوّة :
عبد الله ابن من أبناء صحراء ظفار..، متزوّج رغم صغر سنّه ، يرتدي اللباس التقليدي العُماني..، كان يحلو لي أن أسميه ” الكابتن”، فقد كان عاشقا لكرة القدم ، ينظّم مسابقات رياضية ويشرف عليها..، يحترمه الجميع..، ما يشدني إلى الكابتن ابتسامته التي لا تفارق محياه وكرمه الذي لا ينتهي..، يزورنا في الفينة بعد الفينة..، يدخل بيتنا المؤجّر مبتسما قائلا : « شباب..أنتم عندي الليلة…نتعشى جميعا في بيتي»..، في البداية كنّا نتردّد في قبول الدعوة ، ثم صار بيته بيتنا..، تَدخل بيت الكابتن فلا تشعر بالحرج..، نتعشّى عنده “القابولي” وأنواعا شتى من المأكولات العمانية ، ثم نتناول الشاي والتمر ، ونسأله عن حياة أهل قرية ” ديميت ” قبل استقرارهم..، فيحكي لنا أنهم كانوا يسكنون الوادي هربا من حرارة الصحراء..، الإبل أنيسهم ، والترحال ديدنهم..، هنا في صحراء ظفار، الإبل جزء من شخصية البدوي ، فهي مركز حديثهم وموضوع مسامراتهم ومطمح آمالهم..، يجلس عبد الله القرفصاء يسألنا عن تونس ، وكان لا ينطق تونس إلا وينعتها الخضراء كدأب كلّ عماني…
الكابتن يحب الضحك ، وكنت كثيرا ما أشاكسه قائلا :” ما رأيك أن نزور أثيوبيا ؟”، ينظر إلي باستغراب ، ويخاطبني :” ولماذا أثيوبيا؟»..، فأرد عليه:« الزين حبشي يا كابتن». يضحك ، وهو يردّد : لا….والله…” …
الكابتن هو الأخ والصديق والأنيس ، يجعلك تنسى الغربة وتنتظر لقاءه، اليوم أنا بعيد عنه ، فقد عدت إلى وطني ، لكن صورة عبد الله لا تفارقني ، ومن ورائه صحراء ظفار وبحرها وجمالها والإبل التي تقتحم القرى دون إذن وأهلها الطيبون
عبد الله أو الكابتن ذاكرة لا تمحى…