خاص-أثير
شهدت الفترة القريبة الماضية بدء مرحلة جديدة من العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، وأخبارًا إيجابية حول التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي الأزمة اليمنية المستمرة منذ أكثر من 8 أعوام، وبين هذين المشهدين تبرز الجهود العمانية بصورة واضحة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، من أجل تحقيق السلم والرفاه والرخاء.
وفي هذا السياق أكد سعادة الدكتور إبراهيم محمود النحاس عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي في حوار مطول مع “أثير” بأن التقارب والتفاهم السعودي الإيراني سيعود بالنفع على جميع شعوب المنطقة ومجتمعاتها ودولها، مشيرًا إلى أن مستقبل اليمن مرهون بشكل أساسي على تفاهم أبنائه فيما بينهم، مؤكدًا بأن سياسة سلطنة عمان ومواقفها دائمًا إيجابية وبناءة وتدفع للتهدئة والحلول السلمية، وهو الذي يجعلها محل قبول من شعوب المنطقة ودولها في جميع الملفات والمسائل السياسية، لافتًا إلى أهمية استمرار مجلس التعاون الخليجي لتعزيز العمل الخليجي المشترك وخدمة شعوب دوله بما يجعلها قادرة على تحقيق الرفاه والرخاء بشكل متقارب في جميع دول المجلس.
ورأى النحاس الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بأن الصوت الأمريكي لم يخفت في منطقة الخليج، وأن العلاقات الخليجية الأمريكية في مرحلة تصاعد مستمرة في كل المجالات وعلى جميع المستويات وبخاصة الإستراتيجية والأمنية والعسكرية، مشيدا في حديثه مع الصحيفة برؤية المملكة 2030 التي جعلت المجتمع السعودي أكثر حيوية في كل المجالات وعلى كل المستويات، مشيرًا إلى أن جهود المملكة في محاربة الفكر المتطرف والمُنحرف والإرهابي أسهمت في تقدم المجتمع ومكنته من الانطلاق نحو المستقبل كمجتمع وسطي ومعتدل.
والآن؛ إلى تفاصيل الحوار كاملا:
1- مع تناول الكثير من الأخبار خلال هذه الفترة عن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران: إلى أي مدى هذا التقارب والتفاهم؟
التقارب أو التفاهم أو المصالحة التي تمت بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في 10 مارس 2023م برعاية جمهورية الصين الشعبية تؤرخ لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية السعودية الإيرانية، وتؤرخ لمرحلة أكثر إيجابية لصالح الأمن والسلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وهذه المرحلة الجديدة والأكثر إيجابية مبنية على رغبة الدولتين الرئيستين في المنطقة بأهمية تقديم الحوار على الخلاف، وتفعيل طاولة المفاوضات على الصراعات، وتطبيق قواعد القانون الدولي والالتزام بما ورد في الاتفاقات الدولية المعززة للأمن والسلم والاستقرار. ومن هذه المنطلقات الرئيسية لأسس العلاقات الدولية، أرى بأن هذا التقارب والتفاهم بين الرياض وطهران سيسهم إسهامًا إيجابيًا في تعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار في المجتمعات غير المستقرة في المنطقة، وكذلك سيؤدي إلى تراجع في وتيرة التطرف والإرهاب التي عانت منها المنطقة خلال الأربعين عاما الماضية نتيجة للتدخلات السلبية من طهران في الشؤون الداخلية للدول العربية في المنطقة؛ لذلك، نستطيع القول بأن هذا التقارب والتفاهم سيعود بالنفع على جميع شعوب المنطقة ومجتمعاتها ودولها، وسوف يؤدي بالضرورة إلى تركيز دول المنطقة على التنمية والتطوير والتحديث، والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة، والتقدم الاقتصادي والصناعي المحلي والإقليمي، وتشجيع الاستثمارات المحلية والإقليمية، وجذب الاستثمارات العالمية، والتنمية البشرية لشعوب المنطقة، ووقف الاستنزاف المالي السلبي بسبب النزاعات والصراعات والحروب. إذا نحن نعتقد بأن هذا التفاهم والتقارب المبني على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والالتزام بقواعد القانون الدولي، سوف يكفل لشعوب ومجتمعات ودول المنطقة مستقبلا عظيما ترتقي فيه مكانة دول المنطقة اقتصاديا وصناعيا وتقنيا، ويتحقق الرفاه والرخاء الذي تنشده شعوب ودول المنطقة.
2- الحل الذي يلوح في الأفق للأزمة في اليمن، هل هو نهائي، وهل الاتفاق مع إيران كان سببًا لحدوثه؟
أعتقد أن الحل في اليمن يعد مرحلة إيجابية وليست نهائية حتى هذه اللحظة نتيجة للانقسامات الكبيرة والعميقة بين الأطراف والمكونات اليمنية، ونتيجة لغياب الهيمنة الكاملة لطرف على الأطراف الأخرى، ولذلك فإن مستقبل اليمن مرهون بشكل أساسي على تفاهم أبناء اليمن الكرام فيما بينهم، وتغليب الحوار على النزاع، والتفاوض على الصراع، وتغليب المصلحة الوطنية العليا لليمن وأبنائه، وعدم قبول التدخل في شؤونه اليمن الداخلية، فإذا عمل أبناء اليمن وفقا للمصلحة العليا اليمنية، فإن هذه الإيجابية القائمة الآن سوف تؤدي إلى حلول نهائية بعد مدة زمنية متوسطة من الآن.
أما فيما يتعلق بالاتفاق مع إيران إن كان سببا للحل في اليمن، فأعتقد أن الواقع المرتبط بمدى ارتباط جماعة الحوثي بإيران، ومدى تدخل إيران في الشؤون الداخلية لليمن يدفعنا بالقول نعم، فالمصالحة التي تمت بين المملكة وإيران تضمنت أهمية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفي ذلك إشارة لأهمية عدم تدخل إيران في شؤون الدول العربية ومنها اليمن التي عانت من تدخلات إيران عن طريق دعمها غير المحدود لجماعة الحوثي، لذلك فإن توقف تدخل إيران في شؤون دول المنطقة ومنها اليمن جاء كنتيجة للمصالح التي تمت، وأثمر تهدئة بين الأطراف اليمنية، ولعله يقود لإنهاء حالة عدم الاستقرار في المجتمع اليمني.
3- ماذا عن الدول العماني في الجانبين؛ العلاقة مع إيران، والاتفاق اليمني؛ كيف تنظرون إليه؟
سياسة سلطنة عمان ومواقفها دائمًا إيجابية وبناءة وتدفع للتهدئة والحلول السلمية، وهذا الذي يجعلها محل قبول من شعوب ودول المنطقة في جميع الملفات والمسائل السياسية. وهذه النظرة الإيجابية للأدوار التي تقوم بها سياسة سلطنة عمان ليست جديدة علينا، وليست مرتبطة فقط بهذه الملفات السياسية المهمة في وقتنا الحاضر، وإنما منبعها حكمة السياسة العمانية خلال تاريخها المديد، وكذلك حكمة جلالة سلطان سلطنة عمان حيث العقلانية والقرار الرشيد والأخوة العربية والإسلامية أصل في تحركات وسياسات ومواقف السلطنة. وهذا الذي يدفعنا بالقول بأن لسلطنة عمان أدوارًا إيجابية وبناءة وهادفة سواءً في العلاقة مع إيران مما مكنها من لعب أدوار عظيمة وهادفة لتقريب وجهات النظر وحلحلة الكثير من الملفات الإقليمية العالقة التي تحتاج لمعالجة بحكمة وعقلانية تسهم في خدمة أمن وسلم واستقرار شعوب ومجتمعات ودول المنطقة، وكذلك أدوارها الإيجابية والبناءة والهادفة فيما يتعلق بالاتفاق اليمني كونها على مسافة واحدة من جميع الأطراف اليمنية، بالإضافة لثقة جميع أبناء اليمن بمختلف مكوناته بحكمة وعقلانية جلالة السلطان وحكومته الرشيدة.
4- ما الدروس التي يمكن أن نتعلمها في الخليج بشكل عام من العلاقة مع إيران بالاختلاف أو الاتفاق، وأيضا الأزمة اليمنية التي استمرت نحو 8 أعوام؟
أعتقد بأن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ترى في إيران دولة رئيسية من دول المنطقة ولها مكانتها المهمة في السياسة الإقليمية. وهذه الرؤية لا يوجد عليها خلاف سواءً في الماضي أو الحاضر مما جعل علاقاتها قوية مع إيران خلال فترة الشاه. أما بعد مجيء الخميني للسلطة في إيران وتبنيه لسياسة تصدير الثورة لدول المنطقة العربية، فمن المنطقي أن تتخذ دول المنطقة العربية سياسات مضادة للسياسات الإيرانية الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة العربية، فإذا وضعنا هذه التقلبات السياسية في سياقها التاريخي، فإننا ندرك بأن سبب تراجع العلاقة الخليجية والعربية مع إيران مصدره منهج السياسة الإيرانية وليس سياسات الدول العربية في الخليج العربي. أما وقد أبدت السياسة الإيرانية رغبتها باحترام القانون الدولي القائم على أساس الالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فإن الدول الخليجية والعربية لن تمانع في تعزيز علاقاتها السياسة والاقتصادية والصناعية والاستثمارية وغيرها من مجالات مع إيران.
أما فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، فأعتقد بأن سبب الأزمة ليس نابعًا من داخل اليمن أو من جانب الدول الخليجية أو العربية، وإنما بسبب التدخلات الإيرانية في الشأن اليمني عن طريق دعم جماعة الحوثي ودفعها للسيطرة على اليمن لتنفيذ سياسات إيران السلبية في المنطقة، ولذلك عندما أعلنت إيران رغبتها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية في الدول الأخرى، بدأت الأطراف اليمنية بالتقارب فيما بينها وتوجهت لحل الأزمة بالحوار والمفاوضات والطرق السلمية البناءة، ولذلك نحن في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نقف صفًا واحدًا مع أبناء اليمن لإنهاء حالة النزاع الداخلي بالطرق السلمية وبأسرع وقت يمكن.
5- كيف تنظر المملكة لمجلس التعاون الخليجي، وهل يعول عليه الكثير، أم أن الأمر الآن يكون وفق علاقة كل دولة بأخرى؟
مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة مهمة جدًا للمنظومة الخليجية والعربية، واستمرار وجوده وفعاليته مسألة مهمة تعمل عليها وتدفع نحو المملكة العربية السعودية التي تطمح دائما إلى توحيد وحدة الكلمة والصف الخليجي والعربي والإسلامي. وشعوب ودول المجلس تعول الكثير على هذا المجلس لتعزيز العمل الخليجي المشترك في جميع المجالات وعلى جميع المستويات خصوصًا وأن ثمراته الإيجابية التي تحققت على مدار تاريخيه الطويل ظاهرة ومشاهدة واستفادت منها شعوب هذه الدول ومجتمعاتها. ووجود هذا المجلس غاية في الأهمية في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والاستثمارية والأمنية والعسكرية لأنه يسهم في توحيد وتنسيق الجهود بما يكفل تحقيق تكامل بين جميع دوله ويجعلها في مستويات متقاربة جدا في جميع المجالات. ومن الأهمية هنا القول بأن وجود علاقة ثنائية بين دول المجلس لا يعني عدم أهمية المجلس أو يستبدله بعلاقات ثنائية، وإنما مثل هذه العلاقات الثنائية من شأنها أن تسهم بتعزيز مكانة المجلس بشكل غير مباشر، أو تخدم أطراف المجلس الأخرى في المستقبل؛ ولذلك نقول بأن استمرار المجلس مهم جدا لتعزيز العمل الخليجي المشترك وخدمة شعوب دوله بما يجعلها قادرة على تحقيق الرفاه والرخاء بشكل متقارب في جميع دول المجلس.
6- المملكة لاعب أساسي في مسألة النفط وأسعاره وإنتاجه، فما رؤيتها في هذا الجانب؟
رؤية المملكة للنفط وأسعاره وإنتاجه تقوم على خدمة المصلحة العليا للمملكة العربية السعودية والتي تتمثل في المحافظة على أسعار تناسب المنتجين للنفط ومصادر الطاقة، وأسعار تناسب المستهلكين للنفط ومصادر للطاقة؛ ولذلك، فإن الذي يحدد أسعار ومستوى إنتاج النفط هو المصلحة العليا للمملكة العربية السعودية بحسب ما تراه الجهات الرسمية في الدولة، وليس بحسب أية وجهة نظر إقليمية أو دولية أو عالمية مهما كانت أهميتها أو مكانتها في النظام الدولي.
7- مع التحولات والتغيرات التي نشهدها في العالم الآن، هل يمكن أن نقول بأن الصوت الأمريكي الذي كان مسموعًا في الخليج بكثرة بدأ يخفت، وأن دول الخليج باتت أقوى لتتعاون مع قوى أخرى مثل الصين وروسيا؟
لا أعتقد بأن الصوت الأمريكي بدأ يخفت في منطقة الخليج، وهذا الذي يجعلنا نقول بأن مثل هذا الطرح غير دقيق. والذي أعتقده أن العلاقات الخليجية الأمريكية في مرحلة تصاعد مستمرة في كل المجالات وعلى جميع المستويات وبخاصة الإستراتيجية والأمنية والعسكرية، وهذا الذي تؤكده دول الخليج، ويصادق عليه الواقع. أما إن كان مثل هذا الطرح مرتبطًا بالخلافات الظاهرة في وسائل الإعلام والذي تروجه لها وسائل التواصل الاجتماعي، فأرى بأن مثل هذه الخلافات مسألة طبيعية تحدث بشكل مستمر بين الدول مهما كانت قريبة من بعضها البعض. إما إن كان القياس يقوم على تعزيز التعاون مع الصين وروسيا، وينظر له على أنه على حساب العلاقات مع الولايات المتحدة، فأعتقد بأن مثل هذا الطرح يجانبه الصواب؛ فعلاقات دول الخليج مع الصين وروسيا تعود لعقود سابقة وليست وليدة اللحظة الحالية؛ حيث تشعبت وتعمقت وتعزز علاقات الدول الخليجية بالصين وروسيا في كل المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية والاستثمارية والتقنية والثقافية وغيرها، وبالتالي فإن الذي نشاهده من علاقات خليجية مع الصين وروسيا في وقتنا الحاضر ليس بالجديد، وإنما هو امتداد للعلاقات المتينة التي بنيت خلال العقود الماضية.
وإذا أردنا التأكيد على مدى عمق العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة والتأكد من مدى صلابتها وتجذرها أكثر مما يعتقد الرأي العام فإن علينا النظر للعلاقات الإستراتيجية خصوصًا في المجالات الأمنية والعسكرية واللوجستية التي تتم بين الأطراف الخليجية والولايات المتحدة لندرك بأن هذه العلاقات في أعلى مستوياتها وأهم مجالاتها؛ ولذلك عند النظر للعلاقات الخليجية الأمريكية علينا النظر بدقة للفرق بين العلاقات القائمة وعمقها وتجذرها، وما يتم طرحه وتداوله من أحاديث وتصريحات في وسائل الإعلام المؤدلجة غالبًا وتروج له وسائل التواصل الاجتماعي المندفعة في غالبها بالأهواء الشخصية والرغبات العاطفية والاجتهادات السطحية.
وهنا يجب أن نؤكد بأن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعمل لتعزيز علاقاتها الدولية مع جميع الأطراف الدولية بغرض خدمة مصالح شعوبها ومجتمعاتها وتحقيق التنمية المستدامة التي تعود على شعوبها بالرخاء والرفاه المنشود، وهذا الذي يجعلها تنوع علاقاتها الدولية مع الدول المتقدمة اقتصادية وصناعيا وتقنيا سواءً في الشرق أو الغرب، وذلك من غير الدخول في سياسة التحزبات السياسية والأيديولوجية مع أي طرف كان.
8- ماذا عن الداخل السعودي؛ ما أهم المنجزات التي حققتها رؤية الأمير محمد بن سلمان التغييرية؟
رؤية المملكة 2030 التي جاء بها ويشرف عليها ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – جعلت من المجتمع السعودي مجتمعا أكثر حيوية في كل المجالات وعلى كل المستويات. وهذه الرؤية الطموحة، وبما احتوته من مبادرات وأهداف، دفعت بالمجتمع السعودي نحو المستقبل دفعا إيجابيا وحققت بمدة قصيرة الكثير من الإنجازات العظيمة في المجالات الاقتصادية وما تحقق من إعادة بناء الاقتصاد والتنمية المستدامة، وفي ومجالات الصناعة والاستثمار، وفي مجالات بناء الإنسان والموارد البشرية، وفي مجال تمكين المرأة على جميع المستويات حتى أصبحت عنصرا مضافا للاقتصاد والصناعة والاستثمار والموارد البشرية والصحة والتعليم وغيرها من مجالات، وفي المجالات القضائية والعدلية حيث تحديث الأنظمة والقوانين، وفي مجالات الترفيه والرياضة، وفي مجالات السياحة المتعددة والمتنوعة، وفي مجالات البنية الأساسية والبلدية والإسكان، وفي غيرها من المجالات. ولا يمكن حصر الإنجازات التي حققتها رؤية المملكة 2030 أو تعدادها أو وصفها، إلا أننا يمكن أن نستدل عليها بالتقدم الذي أحرزته المملكة في التصنيفات العالمية المتضمنة تقدم المملكة مراتب عديدة حتى أصبحت متصدرة أو قريبة من تصدر تلك التصنيفات العالمية المتميزة في جميع المجالات، والذي عملت عليه الرؤية هو الوصول بمكانة المملكة للمكانة العالمية التي تستحقها بما تملك من إمكانات وقدرات وموارد بشرية مؤهلة تأهيلا عالميا، بالإضافة لحكمة قادتها الكرام وتطلعاتهم العظيمة إلى مكانة المملكة في السياسة الدولية.
8- ماذا عن الداخل السعودي؛ ما أهم المنجزات التي حققتها رؤية الأمير محمد بن سلمان التغييرية؟
9- كان ينظر إلى التيار السلفي في المملكة كمؤثر كبير، لكن الآن النظرة تغيرت؛ كيف استطاعت المملكة الوصول إلى هذا التوازن والتكامل؟
إن المرجعية التي تأسست عليها المملكة منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز – طيب الله ثراه – تقوم على القرآن الكريم وعلى سُنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وبالتالي لا توجد مرجعيات أو تيارات أخرى تحكم منهج عمل المجتمع والدولة السعودية مهما كانت تلك المسميات التي تطلق تجاه المجتمع السعودي خلال العقود الماضية. أما عند الحديث عن التيار السلفي الذي يشار إليه، فإن المقصود به المنهج الذي عليه سلف هذه الأمة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جميعا، وهو المنهج النبوي الشريف القائم على التعاليم الإسلامية الصحيحة الداعية للوسطية والاعتدال؛ ولذلك فإن هذا المنهج القائم على المنهج النبوي الشريف أو ما يطلق عليه السلفي لم ولن يتغير حيث إنه منهج ومرجعية المجتمع والدولة، وإنما الذي تغير هو محاربة الفكر المتطرف الذي انحرف بالمنهج الوسطي، وتسمى زورا وظلما بالإسلام، وفسر الآيات والأحاديث وأعمال السلف بما يخدم فكر التطرف والإرهاب والانحرافات السلوكية التي أضرت بالمجتمعات الإسلامية وشوهت صورة الإسلام أمام الثقافات غير الإسلامية، والذي عملت عليه الدول خلال السنوات القليلة الماضية هو محاربة الفكر المتطرف الداعي للكراهية والإرهاب والعنصرية والإقصاء وغيرها من سلوكيات هدامة تدمر المجتمعات وتخرب الأجيال. وقد تبنت المملكة سياسة حازمة وصارمة جدا تجاه الفكر المتطرف الذي تسبب بسفك دماء الآلاف من الأبرياء، ودمر المنشآت المدنية، وزرع حالة الخوف والذعر والإرهاب في المجتمع. وفي هذا السياق أوقفت الجهات المسؤولة دعاة التطرف والإرهاب والانحرافات السلوكية، وسنت الأنظمة والقوانين لمحاربة الفكر المتطرف، وعملت الأجهزة المعنية على رفع مستويات التوعية الاجتماعية في المجالات التعليمية والإعلامية والثقافية والشبابية، وعادت المنابر الدعوية والدينية لتمارس دورها الحقيقي الداعي للوسطية والاعتدال والبناء والسلوكيات الهادفة والايجابية. نعم، إن تبني الدولة لهذه السياسات القائمة على تبني المرجعية الإسلامية الصحيحة المتضمنة بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة، في مقابل محاربة الفكر المتطرف والمُنحرف والإرهابي، هي التي أسهمت في تقدم المجتمع ومكنته من الانطلاق نحو المستقبل كمجتمع وسطي ومعتدل يعمل للتنمية ويتطلع بآمال عظيمة نحو المستقبل.
9- كان ينظر إلى التيار السلفي في المملكة كمؤثر كبير، لكن الآن النظرة تغيرت؛ كيف استطاعت المملكة الوصول إلى هذا التوازن والتكامل؟