أخبار

سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري!

سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري!
سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري! سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري!

أثير- فهد بن سلطان الإسماعيلي، متخصص في مشاريع القطاع العقاري وتطويره

لنتخيّل أنك لم تأتِ إلى العاصمة مسقط منذ حوالي ربع قرن من الزمن، وأردت المرور من الشارع الذي يبتدئ من دوار الموج في ولاية السيب إلى شارع الوزارات بالخوير في ولاية بوشر أو العكس؛ فما الذي ستجده؟

من المؤكد أنك “ستندهش” مما تراه؛ فهذا الشارع المُسمّى “18 نوفمبر” أخذ نصيبًا واضحًا من اسمه الذي يرتبط في ذاكرتنا بأعياد وطنية اقترنت بمنجزات كثيرة لا يُمكن حصرها، وإذا ما أردنا إسقاطها على الشارع المذكور سنجد أنه تحوّل من مسار واحد إلى شارع رئيسي بمسارين، به مجموعة من التقاطعات وإشارات المرور، ومن بيوت سكنية متناثرة على جانبيه، إلى فيلل مُتراصّة “ظاهرها سكني وباطنها فيه أنشطة تجارية”، وأمام هذا الاندهاش بما كان، والذي صار عليه الشارع؛ لا تدري كيف أنه إلى الآن لم يتم اتخاذ قرار فيصلي حوله رغم وضوح الأمر، مما يجعلك تطرح التساؤلات واحدًا تلو الآخر دون أن يرجع لك صداها بأية إجابة.

تبتدئ الحكاية -باختصار- بشق طريق بمسار واحد يربط بين ولايتي السيب وبوشر؛ يخدم المتنقلين من وإلى الولايتين، ويخفف الازدحام المروري على طريق السلطان قابوس الذي يقع في منتصف العاصمة تقريبًا، ثم اقتضت تطورات النهضة توسعته إلى شارعين بتقاطعات وإشارات مرور، تبعها فتح نشاطات تجارية على جانبيه بمختلف الأنشطة؛ حيث لم يكن يوجد حينها قانون يمنع تأجير الفيلل السكنية لأغراض تجارية؛ فازدادت الأنشطة، وأصبح الخط الأول على جانبي الشارع غير مهيأ للسكن أبدًا؛ نظرًا لإزعاج السيارات المارّة عليه باستمرار، وخطورتها على الساكنين خصوصًا الأطفال أثناء دخولهم وخروجهم من منازلهم.

سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري!
سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري! سؤال حائر حول شارع 18 نوفمبر؛ سكني أم تجاري!

بعد فترة ارتأت بلدية مسقط عدم السماح بتأجير الفيلل السكنية لأغراض تجارية، واستثنت بعض الشوارع من القرار، ومنها شارع 18 نوفمبر، إلا أن هذا الاستثناء لم يستمر طويلًا، وتم التعميم على ملاك الفيلل ومُستأجريها بعدم التجديد لهم بحلول عام 2020م، وسط تساؤلات كثيرة لم نجد لها أية إجابات شافية وواضحة من الجهات التي تواصلنا معها، سوى أمر واحد “اتفقوا جميعًا أن الشارع لا يصلح للسكن، ولم يتفقوا على مَن يتخذ قرارًا واضحًا بذلك”!

جاء عام 2020م، ولم يتم تنفيذ التعميم، أو تجديد سريانه؛ لتستمر الأنشطة في زيادة عددها، ويستمر الملّاك في تهيئة فيللهم لتكون كأنها مبانٍ تجارية، دون أن يعلموا بأن عام 2022م سيأتي بتعميم يتضمّن موعدًا جديدًا بعدم التجديد لهم وهو بعد عامين أي عام 2025م؛ لتزداد ضبابية المشهد من جديد، رغم وضوح الرؤية وأنت تقود في شارع 18 نوفمبر!

هذه الحكاية باختصار، ولعل السؤال الأبرز هو:

“هل شارع 18 نوفمبر سكني أم تجاري؟”

نظريًا، لا يمكن اعتبار هذا الشارع سكنيًا لأسباب كثيرة منها، عدم توفّر البيئة الآمنة للسكن بسبب زيادة الحركة المرورية بمسارين ومرور آلاف السيارات يوميًا وما يصاحب ذلك من خطورة على الساكنين وإزعاج لهم، فاللعب في الخارج أو حتى عبور الشارع يكون أمرًا خطيرًا للأطفال قبل الكبار. كذلك أصبحت أغلب المباني كأنها تجارية بمساحات مفتوحة ليس بها دورات مياه أو مطابخ! وربما في حال تطبيق التعميم سيصبح هذا الشارع مهجورًا لا يسكنه البشر ولا يتاجرون فيه، حيث إن كلفة إعادة الفيلل للاستخدام السكني باهضة جدا.
لذا؛ في مثل هذه الحالات قد يكون تحويل الشارع السكني إلى شارع تجاري عالي المستوى حلًا ممكنًا، ويمكن أن يوفر هذا الحل العديد من المزايا للمجتمع والأعمال المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشارع التجاري العالي المستوى أن يوفر مجموعة من وسائل الراحة التي قد لا تكون متاحة في المنطقة السكنية؛ فمثلا، يمكن للأعمال المحلية كالمتاجر والمطاعم والمقاهي إنشاء مجتمع نابض بالحياة ومتنوع يمكِّن الناس من التواصل واللقاء والتسوق، ويساعد في دعم الاقتصاد المحلي وإيجاد فرص عمل. كما لا ننسى أن بلدية مسقط وجهات حكومية أخرى تُحصّل رسومًا كثيرة من وجود هذه الأنشطة في هذا الشارع؛ فهل هي على استعداد للتخلي عنها؟


وحتى لا يكون حديثي لك مجرد إثارة للمواضيع الحائرة؛ فإن حكاية هذا الشارع لا تصل إلى نهايتها السعيدة التي نتمناها إلا بحلين أرى بأنهما سيُجيبان عن الأسئلة أعلاه بكل وضوح، وهما مرتكزان على تجارب واقعية موجودة حولنا، ودائما ما تُذكر كأمثلة ناجحة عند الحديث عن شارع 18 نوفمبر مع كل مسؤول ومهتم بهذا الأمر.

الأول: تحويل الفيلل على جانبي الطريق إلى “تجارية فقط” بطابقين وملحق في طابق السطح؛ للحفاظ على خصوصية المنطقة السكنية التي تقع في الخط الثاني، وعدم توفر الخدمات التخطيطية لبناء أكثر من طابقين.

الثاني: تبقى الفيلل سكنية كما هي، لكن يُستحدث نوعٌ جديد من الاستخدام العقاري يُسمّى “فيلل ذات الاستخدام التجاري” وتكون لها اشتراطاتها التعميرية المناسبة.

أعتقد أن المسألة واضحة ولا يفترض أن يختلف عليها اثنان، وعدم اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن يترك المجال دومًا لعدم كفاءة الحقوق، حيث إن الموافقات تُعطى، وباب الاستثناءات مفتوح؛ بصورة لا تتساوى مع أسس العدل في الاشتراطات العمرانية والتجارية بين منظومة الأعمال.

والآن؛ أدعك تُكمل طريقك في هذا الشارع الحيوي، وأرجو أن تتحوّل أسئلتك إلى طموح بأن تعود إليه مرة أخرى، وتجد به قطارًا صغيرًا “ترام” يربط أوله بآخره يُمكن أن يُطرح للاستثمار، وترى على جانبيه مواقع تجميلية ومُشجّرة تجعله شارعًا متوائمًا مع المدن المستقبلية التي نتمنى أن نراها في سلطنتنا الحبيبة.

Your Page Title