أثير – جميلة العبرية
يحرص بعض المقبلين على الزواج قبل عقد القران على الفحص ما قبل الزواج لضمان حياة صحية وراثية آمنة لأطفالهم، وتجنب العديد من الأمراض التي قد تنتج من عدم التناسب بين جينات الأزواج، الأمر الذي ينتج خللًا يكلفهم معاناة الأمراض التي لا حصر لها ولا علاج.
حول مفهوم الصحة الوراثية والواقع الإحصائي للأمراض الوراثية ونسب انتشارها في سلطنة عمان، “أثير” حاورت الدكتور مسلم بن سعيد محمد العريمي استشاري الطب الوراثي في المستشفى السلطاني الذي قال: عرفت منظمة الصحة العالمية “الصحة الوراثية” على أنها حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا من الأمراض الوراثية وقائيًا وعلاجيًا واجتماعيًا وثقافيًا وليس مجرّد انعدام المرض أو العجز، وهذا تعريف شامل يحوي كل مفاهيم الصحة الوراثية من الجانب التطبيقي مما جعلها في مقدمة اهتمام القائمين على منظومة الخدمات الصحية وواضعي الخطط الزمنية الممنهجة حاضرًا ومستقبلًا.
وأضاف: تعد سلطنة عمان من أوائل الدول التي أولت مفهوم الصحة الوراثية الاهتمام الأمثل والعناية العملية الأكثر إنتاجية، حيث أن التعامل مع الأمراض الوراثية يستلزم هذه النظرة الشاملة والتعامل المتكامل لتحقيق النجاح الفعال، ويشير الواقع الإحصائي إلى أن سلطنة عُمان تعد من الدول التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية، حيث تبلغ نسبة احتمالية ولادة طفل واحد مصاب بأحد الظواهر الخلقية المرضية أو بأي من الأمراض الوراثية الاخرى 7% بينما لا تتعدى النسبة عالمياً الـ 4.5%.
وأردف الدكتور: حتى عام 2018م، تم تسجيل أكثر من 300 نوع من أنواع الطفرات الجينية المسببة للأمراض الوراثية محلياً، ومن بينها 150 طفرة جينية جديدة على مستوى السجل الوراثي العالمي. تشمل هذه الأمراض مختلف أنواع الأمراض الوراثية المعروفة عالميا، يأتي على رأسها من الناحية الإحصائية أمراض الدم الوراثية، تليها أمراض الخلل الكروموسومي المختلفة (العددية والتشريحية) ثم أمراض الخلل الأيضي، وأمراض الخلل الجيني الواحد والمتعدد، والأمراض الوراثية ذات الأسباب المتعددة.
وذكر أيضًا بأن أمراض الدم الوراثية هي أكثر الأمراض الوراثية شيوعًا في سلطنة عمان، وهي كذلك من أكثر أنواع الأمراض الوراثية انتشارًا حول العالم، وهذه الأمراض تتمثل في مرض الأنيميا المنجلية ومرض الثلاسيميا أو ما يعرف بأنيميا البحر الأبيض المتوسط ومرض نقص الخميرة أو المرض الفولي، حيث أن احتمال ولادة طفل مصاب بأحد أمراض الدم الوراثية الثلاث في سلطنة عمان تتراوح ما بين 3.5 الى 4.7 لكل 1000 ولادة حية.
أشار الدكتور إلى أن آخر الإحصائيات في سلطنة عُمان أفادت بأن نسبة المصابين بالأنيميا المنجلية بلغت 0.2% بينما نسبة حاملي جين المرض هي 6%، أما بالنسبة لمرض البيتا ثلاسيميا فبلغت نسبة المصابين به 0.07%، أما حاملي جينات الإصابة به فيشكلون 2% من العمانيين. أما بالنسبة للنوع الثاني من مرض الثلاسيميا وهو الألفا ثلاسيميا فإن 45% من العمانيين يحملون الطفرة الوراثية المسببة للمرض، وتعتبر الألفا ثلاسيميا الأخف والأقل تأثيرا من الناحية المرضية؛ ولعل أكثر أمراض الدم الوراثية شيوعا بين المصابين في المجتمع هو مرض نقص الخميرة، حيث يحمل 28% من الذكور جين المرض بينما في الإناث تصل نسبة الحاملين الى 12%، بينما تشكل أمراض الخلل الكروموسومي ما نسبتة 28.3% وتعتبر متلازمة داون أحد أكثر أمراض الخلل الكروموسومي شيوعا في سلطنة عُمان.
وأضاف: أظهرت البيانات الإحصائية أن 37% من وفيات الأطفال حديثي الولادة والخدج بسبب الاضطرابات الخلقية الوراثية الشديدة، بينما تشكل الاضطرابات الخلقية الوراثية 10% من بين الأسباب المقيدة لوفيات الأطفال الرضع، كما تشير الإحصائيات أن نحو 10% من العائلات العمانية يوجد بها طفل مصاب بأحد الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى الإعاقة (العقلية أو الحركية).
واختتم الدكتور قائلًا: تعتمد وزارة الصحة خططًا ممنهجة في مجالات تفعيل الخدمات الصحية بشكل عام وخدمات الصحة الوراثية بشكل خاص، وتكون دائمًأ مبنية على إحصائيات دقيقة تحدد واقع المعضلة الصحية وهي ذات أهداف مستديمة، تراعي الإمكانيات والأولويات التي تفرضها الاحتياجات الواقعية وذلك للاستخدام الأمثل للموارد من أجل تحقيق نجاح مثمر ودائم للعملية الوقائية والعلاجية اللازمة، لتحقيق الهدف الرئيس منها وهو تقليل السلبيات الناجمة عن الإصابة بالأمراض الوراثية وتعزيز جودة الحياة للفرد المصاب وصولا للهدف الرئيس وهو الحد من تنامي معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية بين أفراد المجتمع.