محمد جبار
بعد أن أخرج له مسرحيتي ” تحوير” و “بتول” التي تكسر التابوهات المعهودة “الدين , الجنس ، السياسة ” ، قدم المخرج الشاب مصطفى الركابي عملاً ثالثاً للكاتب المسرحي “علي عبد النبي الزبيدي” ، وهو مسرحية “يارب” يومي الأربعاء والخميس من الاسبوع الماضي على خشبة المسرح الوطني ببغداد.
اطلق على العمل “العرض البارد” فهو يعتمد على عرض سينمائي مصاحب ، وتم توزيع أقراص CD قبل العرض على الجمهور يحوي الكثير من التفاصيل التي كثفها العرض المسرحي، كما كان وقت العرض مفتوحاً فقد تضخم الوقت فيما كان الوقت الإفتراضي له هو 10 دقائق ، والتابو الذي يكسره الزبيدي هذه المرة في “يارب” هو الدين فتقرر الأم “سها سالم ” وبالإتفاق مع مجموعة من النسوة لتخاطب الذات الالهية فتذهب الى الوادي المقدس “طوى” الذي كلَّم الله تعالى فيه نبيه موسى “ع” لتطلب منه أن يتوقف نزيف الدماء بحق آبائهن ،وأبنائهم ، وأزواجهم نتيجة الحروب ، والأعمال الارهابية ، على أن تمتنع هي والاُخريات عن أداء الصلاة والصيام في حال عدم تحقق مبتغاهن ، لتتم الإستجابة لها من خلال إرسال النبي موسى “ع” ليكون وسيطاً في الحوار، وبعد حوارات ومساجلات يتضامن النبي مع مطالبهن ويظم صوته الى أصواتهن ليتوحد التضرع والدعاء الى الله تعالى .
ويقول الزبيدي عن عمله ” لقد حاول العمل الذهاب بعيداً باتجاه المؤسسة الدينية في العالم ، والتي أسهم البعض منها في صنع التطرف ، والارهاب من خلال تفسيراتها المختلفة للنصوص السماوية ، من هنا إنطلقت روح المسرحية ومفرداتها لتؤسس مناخا بدأ وانتهى هادئاً دون إنفعالات أو صراخ، بل كان تأمليا صوفيا نجح الممثلون وقبلهم المخرج الشاب في إيصاله ” وأضاف ” هذه المسرحية جزء من مشروعي(الالهيات) الذي أشتغل عليه منذ زمن ، وهو حوار إفتراضي مع المقدس تتخللها تساؤلات تتسم بالجرأة ” ، فيما قال المخرج مصطفى الركابي ل”أثير” “النص حمل روحاً صوفية دون المساس أو الاقتراب من السمو الالهي المقدس ، ومن هذا المنطلق تم التأسيس للعرض ، أما القرص الذي قدمناه للمُشاهد فهو يحمل في داخله هوامش من أجل إكمال بنية العرض التي لم يشاهدها فنحن نريد من المُشاهد أن يفكر كثيراً فيما طُرِح ، والقرص يعينه على الإستمرار في تأملاته “
فيما أشاد المخرج العراقي “كاظم النصار بالمسرحية بقوله “هذه معالجة جديدة ، ومبتكرة لهذا النص المهم ، معالجة تعتمد الحوار الهادىء البارد بين الامهات وإحتجاجهن على قتل أبنائهن ، وبين النبي موسى”ع” كليم الرب ووسيطه” ، وعن الاسلوب الاخراجي الذي إختطه المخرج أوضح النصّار بقوله “في مثل هذا النص ليس أمام المخرج سوى طريقين للمعالجة فاما أن يسلك الطريق المريح المعبد فيتحول العرض الى فاجعة لطمية أدائية ربما لامناص منها في مثل وضع كالذي نعيشه ، وبهذا يكسب جمهوراً واسعاً ، وإما أن يعمد الى تتبع المحاججة العقلية بين الشخصيات محاججة هادئة خالية من الإنفعال ،والتوتر ، لكنها تتحرك من تحت الرماد حتى تشتعل، وهو مااختاره مخرج العرض الذي إستطاع أن يكبح جماح أداء حسي متحرك وملتهب لبطلي المسرحية وهما “سهى سالم” و”فلاح إبراهيم” فاهتم من خلالهما بتوصيل ثيمات هامة تخاطب العقل، ونجح في ذلك “