مسقط – أثير
أنهت جامعة السلطان قابوس ممثلة بقسم الآثار في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية أعمال التنقيب الأثري للموسم الرابع 2023 في موقع الغريين في ولاية المضيبي بمحافظة شمال الشرقية.
وقد ترأس الفريق الأستاذ الدكتور ناصر بن سعيد الجهوري وضم الفريق الدكتور خالد دغلس والدكتور محمد حسين بالإضافة إلى الفنيين والمصورين وغيرهم.
ويقع موقع الغريين على الأطراف الشمالية لقرية الغريين، والتي تقع على بعد 95 كم جنوب غرب العاصمة مسقط.
وتركزت أعمال التنقيب الأثري في الموسم الرابع (ديسمبر 2023) على أحد المباني في الموقع والذي تبين أنه مميز جدا بالمقارنة مع مباني العصر البرونزي المبكر المكتشفة في شبه الجزيرة العُمانية وذلك لعدة أسباب، أولها حجم المبنى، حيث تم الكشف عن معظم أجزاء المبنى الذي بلغت مساحته أكثر من 550 مترا مربعا. وهذه المساحة تمثل مبنى واحدا مستقلا غير مرتبط بمبانٍ أخرى. وبهذه المساحة الاجمالية للمبنى فإنه يمكن القول بأنه يمثل أكبر وأقدم مبنى غير برجي يتم العثور عليه في شبه الجزيرة العُمانية حتى الآن من العصر البرونزي المبكر، وذلك بالمقارنة مع حجم المباني المزامنة له ثقافيا التي لم يتجاوز حجمها أكثر من 300 متر مربع كتلك التي عثر عليها مُسبقا في موقع جزيرة أم النار في إمارة أبو ظبي، وموقع دهوى في ولاية صحم في شمال الباطنة.
ومن المميزات الخاصة التي اتسم بها مبنى موقع الغريين هو تصميمه المعماري الفريد الذي لم يعثر له على شبيه حتى الآن في منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية، فقد أنشأ المبنى في المرحلة الأولى على شكل حصن مستطيل الشكل مبني بجدار حجري متقن محاط بجدار طويل وضخم مدعم بجدار استنادي على شكل مستطيل ذي زوايا محنية له مدخل عريض يقابل المدخل الرئيسي للحصن.
ويعتقد أن المبنى الرئيسي (الحصن) الذي يقع في وسط المبنى كان مفتوحاًغير مسقوف وذلك بسبب كبر مساحته. أما ما يخص التفسير الوظيفي لهذا المبنى المميز فإن الدراسة التحليلية ما زالت في بدايتها ومع ذلك فانه يمكن الجزم بأن المبنى لم يستخدم لأغراض سكنية وإنما كان مبنى عام وربما يكون له طابع ديني.
الجدير بالذكر أن قسم الآثار في جامعة السلطان قابوس وبإشراف من وزارة التراث والسياحة قام بالتنقيب في موقع الغريين لأربعة مواسم كان أولها سنة 2018م وآخرها ديسمبر 2023م. وكانت من أهم نتائج أعمال التنقيب تلك الكشف عن مستوطنة أثرية كبيرة تعود للعصر البرونزي المبكر (3000-2000 قبل الميلاد). وقد أشار الدليل الأثري إلى أن تلك المستوطنة سكنت عبر مرحلتين رئيسيتين من العصر البرونزي المبكر هما مرحلة حفيت (3000-2700 ق.م) ومرحلة أم النار (2700-2000 ق.م). وهذا يعني أن الموقع يُمثل مستوطنتين تم تشيدهما فوق بعضهما البعض خلال فترة امتدت قرابة الألف سنة. وقد تمكن الفريق الأثري من تمييز ما لا يقل عن 37 مبنى من مرحلة حفيت وأكثر من 21 مبنى من مرحلة أم النار، بالإضافة إلى برج دائري ضخم يزيد قطره عن حوالي 20م يتوسط الموقع وأكثر من 50 مدفناً تركز معظمها عل الأطراف الشرقية للمستوطنة، هذا بالإضافة إلى العثور على أعداد كبيرة من المدافن التي تعود إلى فترة العصر الحديدي المتأخر (900-300 قبل الميلاد) التي انتشرت في الأجزاء الشمالية من الموقع.