أثير – محمد الهادي الجزيري
بهدوء تامّ أستهلّ الشهر الكريم، بأعصاب من فولاذ، لا أقول أيّ شيء آخر سوى حسبي الله ونعم الوكيل، أمام هذه الصور الدامغة التي افتتحت بها أولّ أيام الشهر المبارك، ولكنّي بهدوء تامّ أقاوم ما لا يُقاوم، وبدم بارد كالدم العربي المستعار من شمال أوروبا، ولنقل أنه دم أنجليزي تاريخي.. أو دم مستحدث أمريكي استعمله العمّ سام منذ إبادة الهنود الحمر، وما يزال صالحا ومرغوبا فيه، المهمّ أنّني سأكتب هذه المقالة بهدوء سريالي واستغفار لله على حال العرب، فلولا خياناتهم لما آل بنا الحال إلى هذا الهوان والذل، قلت إذن أني استقبل الشهر الفضيل الكريم.. بقلب سليم وعامر بالحب وطافح بكلّ معاني العدل والأخوة والايثار والسلام، ولن أفقد أعصابي أو ما بقي منها، ولن أتمنى الموت مثلا، حتّى لا أرى هذا المشهد: آلاف مألفة من الفلسطينيين يقطعون أميالا في هجرة قسرية، هذا ما لا أصدق بالمرة أنه يحصل في غزة في القرن الواحد والعشرين، سأهدأ وأتماسك.. فالظلم من شيم الإنسان القديم والمعاصر، ثم هذا يُغضب كل كائن حي، ويجعله يحنق، إن كان يهوديا أو مسيحيا أو مسلما طاهرا من كلّ معصية.. أو تابع لديانة أخرى، والدليل خروج الخلق في هذه درجات الحرارة المنخفضة في كل مكان للتضامن مع الفلسطينيين.. في الغرب الكافر.. في أمريكا وفي أصقاع العالم في أستراليا وفي بلدان معروفة بإلحادها.. وفي جنوب أفريقيا الأكثر عروبة منّا، خلاصة الأمر في كل جهات الأرض باستثناء الوطن العربي، وحتى لا نظلمه نقول إنّ اليمن خرج ويخرج على بكرة أبيه إلى الميادين.. منددا بطغيان إسرائيل وأمريكا..، أما البقية الباقية فلا صوت ولا كلمة. وإخوانهم يوميا يتساقطون بالمئات.. جراء الحصار والتجويع والقنابل والتهجير القسري، إنه فيلم سيء وغير مفهوم بالمرة، هل أصدق أن عائلة تصمت أمام ما يحدث لأفراد منها.. من تعذيب ممهنج.. حتى يسلم بقية أفراد العائلة..، وما شأني أنا بحماس أو أي شيء آخر..، هل بحجة القضاء على حماس يتم القضاء على الشعب الفلسطيني..، ومن أدراني أنهم لا يخططون لتهجير قسري أشمل وأعمّ.. إذا نجح العدو في هذا التمرين (كلف هذا التمرين مقتل 30 ألف مواطن فلسطيني) هذا مع نسيان من ظلّوا عالقين تحت ركام غزة، اللهم أجرنا… فقد بلغ السيل الزبى..
” تعبتُ من ترتيب هذا المنزل الخربْ
تعبت من أهلي …
أخي يمحو نخيلا بغُزاة
ويقصّ وردة العربْ
ينثرها في الريحْ
الدم في المجاري
والدمع عنقود غضبْ
تقتات منه الروحْ
تعبت…. لكنّ العناد صاحبي القديمْ
وها يدي تمتدّ رغم خوفها إلى الظلامْ
وتوقد الشموع في أركانه…
………….
لاشيء في مكانه “