أثير – ريما الشيخ
الثقة بالنفس والأمل هما الهدف المقصود، فلا تبتعد عنهما، فهما أحد طرق السلامة في هذه الحياة.
قصتنا في السطور القادمة عن شاب ابتعد عن الأمل فأصابه الضياع؛ فهو (ع.ب) الابن الوحيد لوالديه اللذين كرسا حياتهما لتربيته، ونشأ في بيئة مليئة بالدفء والحنان، وسط مجتمع يقدّر القيم التقليدية والعلاقات الاجتماعية الوثيقة.
اجتاز ع.ب مراحله التعليمية الابتدائية والثانوية بتفوق، محاطًا بأصدقاء كثر يشاركونه لحظات الفرح والحزن، لكن مع انتهاء الدراسة الثانوية في عام 2002م بدأت حياته تأخذ مسارًا آخرًا حيث لم يحقق هدفه المبتغى فأصابه اليأس، فبدأ تعاطيه للمخدرات بحشيش بسيط، وسرعان ما تطورت الأمور بصورة تدريجية ليجد نفسه غارقًا في دوامة الإدمان على المورفين والمنشطات.
في البداية، لم تكن آثار التعاطي تظهر بوضوح على حياته، لكن بمرور الوقت، بدأ يلاحظ التغيير الكبير، حيث تراجعت علاقاته الاجتماعية، وابتعد عن أصدقائه وعائلته، مفضلًا العزلة والانغماس في عالمه الخاص، رغم محاولة والديه مرارًا وتكرارًا إنقاذه من هذا المصير، لكن محاولاتهما كانت تبوء بالفشل.
تدهورت صحته بصورة ملحوظة، حيث تعرض لمشاكل صحية عدة منها القلق المستمر و الإجهاد النفسي اللذان كانا سببا للفقدان المتكرر للوزن، ثم جاءت الكارثة عندما أصيب بفيروس الكبد C نتيجة للإبر المشتركة؛ مما اضطره للخضوع لعلاج مكثف. كما واجهته المشاكل المالية التي زادته سوءًا بسبب فقدانه لوظيفته وتراكم الديون عليه.
ازدادت حالته النفسية تدهورًا؛ حيث عاش في دوامة من الاكتئاب الحاد والقلق الشديد والهلوسات، وكان يشعر بالإحباط واليأس، وأصبحت تراوده أفكار الانتحار بصورة منتظمة، مما زاد من عزلته.
مع مرور الزمن، بدأ يدرك خطورة ما يفعله بحياته، فحاول التعافي بمفرده منذ عام 2004م لكن دون جدوى، واستمرت محاولاته الفاشلة حتى عام 2016م حيث استطاع أخيرًا الإقلاع عن التعاطي بفضل دعم قوي من عائلته، وبخاصة والده الذي لم يفقد الأمل في تحسين حياة ابنه.
بدأ ع.ب في حضور جلسات علاجية منتظمة والمشاركة في برامج إعادة التأهيل؛ مما ساعده في استعادة صحته النفسية والجسدية ببطء، وبعد الخروج من فترات الإقامة العلاجية، عاد للحياة الطبيعية، مركزًا على تطوير مهاراته وتحقيق أهدافه الشخصية والمهنية، بل واستعاد ثقته في نفسه وفي قدرته على التغلب على التحديات.
”اليأس أحيانا يدفعك لطريق مسدود، لكن الأمل بالله يعيد لك النور ويبعد الظلمة عنك“ هكذا كانت رسالة المواطن ع.ب عبر “أثير” لجميع المدمنين الذين يواجهون صعوبات في التعافي، فقصته تُعدّ مثالًا للإلهام لكل من يكافح مع مشاكل الإدمان، حيث يظهر أنه مع الإرادة والدعم المناسب، يمكن تحقيق التعافي والعيش الكريم، ولم يكن ليتم ذلك دون الدعم الأسري الذي لا غنى لنا عنه.