فضاءات

يوم النهضة المباركة

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – موسى الفرعي

 

بادئَ ذي بدء أُهنِّئ الجميعَ بيومِ النهضةِ المباركة سائلاً المولى القدير أن يَحفظَ هذا البلدَ الآمنَ المطمئنَ ويَحفظَ مولاي جلالةَ السلطان المعظم ويُعيده لنا سالماً معافى بإذنِ الواحدِ الأحدِ، كما أَرفعُ إلى والدي وقائدي أَسمى آياتِ العرفانِ وكلَّ التبريكاتِ بيومِ النهضةِ وعيد الفطر المبارك، وأَسأله العلي القدير أَنْ يُعيدهُ عليه أعواماً عديدةً وأزمنةً مديدةً وهو يَرفلُ في الصحة والعافية.

 

قَبلَ عِدَّة أعوامٍ حَلمتَ يا مولاي أَنْ تَنظرَ إلى خارطةِ العالمِ فتبصرُ صديقاً في كُلِّ مكانٍ بها وأَطلقتَ وعداً أنْ تُحيلَ الأَحلامَ إلى واقعٍ محسوسٍ،  وأَشهدُ أنكَ قدْ صدقتَ وأَنكَ لا تَمنحُ القولَ فرصةَ أَنْ يَعيشَ طويلاً لا لشيءٍ  بل لِتمنحه حَياةً أخرى حين تُجسِّده عَملاً لا يَملكُ اﻵخرُ إزاءه سوى أَنْ ينحني إِجلالاً لرجلٍ يَلمسُ الترابَ بيدهِ فتنفجرُ منه عُيونُ اﻷملِ والإِنجازِ، وأَنتَ بهذا يا سيدي تُعطي درساً في تَحقيقِ اﻷَحلامِ إِذا ما أرادَ المرْءُ لها أنْ تَتحققَ بِمشيئةِ الله، ففي البَدءِ يُولدُ الحُلمُ والتمني، وبالسعي الحثيثِ والعملِ الحقيقي يَصلُ المَرْءُ بأحلامهِ حتى آخر نُقطةٍ ممكنةٍ، وهذا ما تَعلمناهُ منك أيها الوالدُ القائدُ، فقد حَلمتَ بعمانَ أكثرَ تحضراً وتَقدماً لا تُشبهُ أيَّ بلادٍ ولا تُشبهها بلادٌ، عُمْانُ المتفردةُ بأَصالتها والمواكبةُ للحضارةِ والتقدم، إِلا أنها لا تنسى نَفسها في خِضم كُلِّ ما يَشهدهُ العالمُ من متغيراتٍ متسارعةٍ تَمرُّ به.

 

نعم ما عادَ هناكَ جزءٌ في هذا العالمِ يا مولاي لا يَحملُ منك لمسةَ محبةٍ وإِخاء ولم يَبقَ جزءٌ في الخارطةِ لا يَحملُ في جُغرافيتهِ صديقاً لهذا البلدِ المبارك.

أيها الفارسُ النبيلُ اﻵتي من مساحةِ اﻷَحلامِ والسائرُ بنا حتّى حدودِ المستحيلِ أَشهدُ أنَّ أعمارنا وأقدارنا سَتخسرُ الكثيرَ الكثيرَ لو لمْ تَتعطرْ بوجودكَ وأنها بِكَ قدْ أصبحتْ أكثرَ اتساعاً وأشدَّ حضوراً، فأيُّ اللغاتِ ستكفي لتغطي كُلَّ الصفاتِ التي تَجسَّدتْ في إِنسانكَ الكبير.

 

المحبةُ والسلامُ بين بني البشرِ، الانتصارُ ﻷبنائكَ، وتَقدّمُ هذا الوطنِ العظيمِ دون أن تَتناسى حقَّ الجارِ، فكمْ سعيتَ إلى بثِّ المحبةِ والسلامِ رغم أنْ لا شيءَ يُلزمكَ ذلك ولكن إِنسانك دائم الانتصار، وحِكمتُكَ قادرةٌ على استبصار اﻵتي حالماً بواقعٍ عربيٍّ أكثرَ وئاماً وتصالحاً وقوةً حين قُلتَ في خِطابك السامي عام 1985 : ( إِننا نُؤكدُ مرةً أخرى أنه لا بَديلَ لهذه الأمةِ في مواجهةِ الأَخطارِ المُحدقةِ بها عن تَضامنٍ عربي كاملٍ يُعيدُ إِليها هَيبتها ويُوفرُ لها القدرةَ على التعاملِ مع الواقعِ الدوليّ بما يَخدمُ قضاياها المصيرية) ولو كانتْ ثمةَ قلوبٌ تَعقلُ لتحققَ هذا الحُلمُ العربيُّ، ولكن العالم لا يُؤمنُ بالعظماء لذلك التفتَ لمحيطك العمانيِّ العظيم وحققتَ كلَّ أَحلامهِ دون أن تُغفلَ مصلحة المنطقة بشكل عام، والآن بعد أكثرَ من ربعِ قرنٍ اكتسبَ العالمُ حقَّ الندم على ما فات.

 

فالحمدُ والشكرُ لله كما يَليقُ بجلالهِ على كُلِّ شيءٍ ولأنه رزقنا إنساناً عظيماً هو أَنتَ، وشكراً لترابِ هذا الوطنِ الذي دُسته وأنتَ طفلٌ لِتخبرهُ أنَّ يوماً ما سُتحيلهُ إِلى كرنفالِ فَرحٍ وأَلوانٍ، شكراً لجبالِ هذا الوطنِ التي مَنحتكَ صلابتها وشموخها، شكراً لِبحرها الذي مَنحكً عُمقَ تَحولاتهِ لتعرفَ كيف ومتى يَكونُ القولُ والفعلُ فصارتْ أفعالك تَوقيتيةٌ بامتياز، شكراً لنخيلِ هذا البلدِ الذي بثَّ خُضرته في نفسك لِتطلقها حِصةَ فرحٍ وحياةٍ وتكونُ مَشاعاً للجميعِ.

Your Page Title