مواضيع أخرى

العمانيون وأزمة الأعلام الفرنسية في محكمة لاهاي الدولية

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – تاريخ عمان :

 

كان التنافس الإنجليزي الفرنسي على عمان في أوج ذروته، وبالأخص في أواخر القرن الـثامن عشر ميلادي، وقد فرض الإنجليز معاهدات على مسقط  لمنع تجارة السلاح التي كانت سببا رئيساً  بتسليح المناهضين للوجود الإنجليزي، في الهند وبلاد فارس ، وبالأخص الثانية التي كانت تنتظر القوافل القادمة من مسقط وهي محملة بالسلاح لا سيما أن رئيس وزراء فارس في عام 1839م قد صرّح بأن مسقط هي الممول الرئيس للسلاح في المواني الفارسية على الخليج العربي .

 

ولذلك عقدت الحكومة الإنجليزية والفارسية اتفاقاً مع السلطان فيصل بن تركي لمنع تصدير السلاح من مسقط إلى الهند وبلاد فارس في 13 يناير عام 1898م يجيز فيه للسلطات الإنجليزية والفارسية تفتيش السفن العمانية ومصادرة الأسلحة سواء من العمانيين أو غيرهم ولا يستثني من ذلك الرعايا الإنجليز الذين  طلبت منهم الحكومة البريطانية تسليم ما بحوزتهم من سلاح ومصادرتها لمنع الإتجار بها في مسقط .

 

ولكن تجارة السلاح استمرت تتدفق من مسقط إلى بقية المواني رغم تمكّن السفن البريطانية من مصادرة الكثير من السفن العمانية المحملة بصفقات السلاح، وأصبحت بريطانيا تقوم بالبحث وتفتيش أي سفينة تجارية عمانية أو أجنبية في المياه الإقليمية العمانية، والفارسية التي تقع في نطاق السيطرة البريطانية.

 

بداية أزمة الأعلام الفرنسية قبل عام 1898م :

 

في ظل هذه الإجراءات التعسفية من قبل بريطانيا على تجار السلاح في مسقط وضغطها المستمر على السلطان فيصل الذي بدوره أصدر قرارا يمنع فيه العمانيين من تصدير السلاح المتدفق من مسقط إلى الأراضي الأفريقية  في عام 1892م، وبما أن تجارة السلاح كانت مصدر دخل جيد جدا للتجار العمانيين ، فقد فكّر التجار برفع الأعلام الفرنسية في سفنهم تجنباً للتفتيش من قبل السلطات البريطانية التي تعهدت لفرنسا بعدم إعتراضها لأي سفينة ترفع العلم الفرنسي.

 

ولذا واصلت تجارة السلاح في مسقط ازدهارها وأسهم بذلك استثمار العمانيين للعلم الفرنسي الذي يعتبر الأساس المحرك لتجارة السلاح بالنسبة لهم، فقد كان التجارالعمانيون يتخلصون بواسطة الأعلام الفرنسية  من تفتيش السفن البريطانية وكذلك من سلطات السلطان فيصل بموجب حق منحته عمان لفرنسا وفق ما نصت عليه المادة الرابعة من الإتفاقية الموقعة بين البلدين عام 1844م والتي تنص على الحد من سلطات السلطان القضائية على كل السفن التابعة لفرنسا وبحارتها أثناء تواجدها في مياه مسقط الإقليمية، ولذلك أصبح السلاح ينقل إلى مواني مسقط، ومن ثم عبر البر وصولاً إلى موانئ الساحل المتصالح حيث يتم إعادة تصديره من هناك.

ولذا واصلت تجارة السلاح في مسقط ازدهارها وأسهم بذلك استثمار العمانيين للعلم الفرنسي الذي يعتبر الأساس المحرك لتجارة السلاح بالنسبة لهم،

فقد كان التجارالعمانيون يتخلصون بواسطة الأعلام الفرنسية  من تفتيش السفن البريطانية وكذلك من سلطات السلطان فيصل بموجب حق منحته عمان لفرنسا وفق ما نصت عليه المادة الرابعة من الإتفاقية الموقعة بين البلدين عام 1844م والتي تنص على الحد من سلطات السلطان القضائية على كل السفن التابعة لفرنسا وبحارتها أثناء تواجدها في مياه مسقط الإقليمية، ولذلك أصبح السلاح ينقل

إلى مواني مسقط، ومن ثم عبر البر وصولاً إلى موانئ الساحل المتصالح حيث يتم إعادة تصديره من هناك.

 

فكانت معظم السفن العمانية خاصة القادمة من صور تبحر محملة بالأسلحة رافعة الأعلام الفرنسية مستفيدة من الحصانة الفرنسية أمام الأنجليز والسلطان ، فاضطر الانجليز إلى تقديم احتجاجهم حول ذلك إلى الحكومة الفرنسية عام 1863م ، ولكن الفرنسيين لم يأبهوا بذلك، وواصلوا دعمهم للسفن العمانية مستندين إلى تلك المادة في اتفاقية 1844م ولذا ازدهرت العلاقة بين الفرنسين والعمانيين وبالأخص تجار مدينة صور الذين استثمروا الأعلام الفرنسية خير استثمار في تجارتهم للأسلحة عبر سفنهم التجارية، ولهذا لا غرابة أن نجد الكثير من الوثائق الفرنسية العمانية التي كانت تتداول بين أهالي مدينة صور والحكومة الفرنسية التي تحمل مضامين الكراهية للإنجليز والميل كل الميل للحماية الفرنسية الراعية لتجارتهم .

 

 تأزم الموقف بين بريطانيا وفرنسا :

 

حينها ضاقت بريطانيا ذرعاً بهذه القضية التي طال أمدها، حاولت جاهدة أن تلوح بأسلوب التهديد للسلطان فيصل ليجبر رعاياه بالتخلي عن العلم الفرنسي واتخاذ علم خاص بهم، وقد تلقى السلطان فيصل رسالة من المقيم البريطاني في بوشهر سنة 1899م يقول فيها:(لقد تلقيت الأوامر بأن أخبر سموكم  بأنه يجب أن يتم إصدار الأوامر إلى جميع رعاياكم بوجوب استخدام العلم الخاص في مسقط وذلك لمنع أي مساس بحقوقكم،  وبعد أن يتم إصدار الأوامر المذكورة أعلاه يجدر بسموكم أن تنشروا بأن مسؤولي إحدى الدول الأجنبية الذين يقدرون علم هذه الدولة ويدعون بأن من حقهم منح حماية لرعايا سموكم في دولتكم يحرضون هؤلاء على الثورة ضد العاهل، وبأنه إذا كان هذا التحريض يقوم به مسؤولو الحكومة الفرنسية، فإن ذلك يشكل بالإضافة إلى ما سبق خرقا للإتفاقية المعقودة عام 1862م بين الحكومة الإنجليزية والحكومة الفرنسية من أجل الحفاظ على استقلال السلطنة …الخ ).

 

ورغم كل هذا التصعيد من قبل الإنجليز لقضية الأعلام الفرنسية التي تحملها السفن العمانية، قامت في عام 1900م السفينة الحربية الفرنسية كاتينات بزيارة ميناء مسقط وأعلن قائدها لأهالي صور بأن جميع السفن التي ترفع العلم الفرنسي تعتبر سفناً فرنسية وبأن أصحابها ممن يحملون الأوراق الفرنسية يعتبرون فرنسيين .

 

وأمام هذا الموقف المتأزم بين فرنسا وبريطانيا اضطر السلطان فيصل  التوجه إلى صور واجتمع بأصحاب السفن التي تحمل العلم الفرنسي وطلب منهم تسليم الأعلام والأوراق الفرنسية، وأبلغهم بأنه من حقه وحق الإنجليز أن يقوموا بتفتيش السفن الصورية، وفرض الرسوم المشروعة عليهم، كما طالبهم بضرورة تسجيل سفنهم وأبدى استعداده لتزويدهم بالوثائق والأعلام العمانية، ونتيجة لذلك تجاوب بعض الأهالي ورفض الأكثرية لإرتباطهم العميق بفرنسا الحامية لتجارتهم المربحة مثلما أسلفنا سابقاً.

 

إحالة القضية إلى محكمة لاهاي الدولية :

 

في ظل استثمار العمانيين التجار للعلم الفرنسي باستمرار تأزم الموقف بين بريطانيا وفرنسا ،وأصبحت عمان مركز هذا الصراع مع الضغوطات الشديدة التي مورست من قبل الدولتين على السلطان فيصل، حيث اتفق الطرفان في عام 1904م على إحالة قضية الأعلام الفرنسية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي التي قررت كالتالي :

 

– يحق لأصحاب السفن التي تحمل الأعلام الفرنسية في رفع الأعلام إن كانوا حصلوا على هذا الإمتياز قبل 2 يناير 1892م، وهو تاريخ تصديق ميثاق بروكسل الخاص بالتفتيش البحري ومكافحة الرقيق، ولا يحق لفرنسا بعد هذا التاريخ أن تمنح رعايا سلطان مسقط حق رفع العلم الفرنسي إلا إن كانوا من الرعايا الفرنسيين وأثبتوا ذلك قبل تاريخ 1863م وهو العام الذي شهد الإتفاق بين الدولة العثمانية والفرنسيين حول مراكش وتحديد صفة الرعوية بطريقة متقنة .

 

– يحق لسفن مسقط رفع العلم الفرنسي والإستفادة منه بطريقة لا تنتهك اتفاق 17 نوفمبر 1844م بين مسقط وفرنسا .

 

– السماح بتفتيش السفن العمانية التي ترفع العلم الفرنسي حتى في مياه مسقط الإقليمية الواقعة تحت سيادة سلطان مسقط وقوانينه .

 

وبعد هذه القرارات من المحكمة الدولية بلاهاي حاول السلطان فيصل أن يمسك العصا من الوسط ، لكن الظروف الاقتصادية المتردية كانت تجبره أحياناً على مجاملة أحد الطرفين ( بريطانيا وفرنسا ) على الآخر، وبالتالي ظلت مشكلة استمرار العمانيين برفع الأعلام الفرنسية بغرض الإتجار بالسلاح  تراوح مكانها حتى عام 1914 م وبداية الحرب العالمية الأولى وانحسار المصالح الفرنسية في مسقط ، وخاصة بعد قيام بريطانيا  للحد من هذه التجارة بتعويض الشركات الفرنسية عن كميات الأسلحة التي كانت تتاجر بها عن طريق سفنها والسفن العمانية التي استثمر تجارها العلم الفرنسي للهرب من الإنجليز وسلطتهم بتفتيش ومصادرة أي سفينة تتاجر بالأسلحة والقادمة إلى ميناء مسقط .

 

 

المصادر والمراجع :

1 – التنافس البريطاني الفرنسي في عمان (1888م – 1913م ) ، محمد بن حمد الشعيلي ،الطبعة الأولى 2014م ، دار الفرقد .

2 – تجارة عمان الخارجية في عهد السلطان فيصل بن تركي البوسعيدي ( 1888م – 1913م ) ، إسماعيل بن أحمد الزدجالي، الطبعة الأولى 2014م ، مؤسسة الانتشار العربي .

 

Your Page Title