قابوس سلطان القلوب…
مقاربة (في القيادة) لفهم هذا الحب! (1-2)
أحمد بن محمد الغافري
كنت قد بدأت في وضع النقاط الأولى لهذه الأسطر قبيل الكلمة التي وجهها مولانا جلالة السلطان المعظم -أبقاه الله- لأبناء شعبه الأوفياء، وبعد الكلمة وجدت نفسي ككل عماني أمام طوفان من المشاعر الصادقة التي شملت الجميع فكان ذاك الإجماع -الذي يندر نظيره في العالم بأسره- على حب هذا القائد/ الإنسان سببا آخرا حفزني لاستكماله، لكن قبل ذلك أستعرض في الجزء الأول مجموعة مواقف حدثت في أوقات متقاربة جدا دفعتني للتفكير في الكتابة حول هذا الموضوع.
(1) قابوس: رمز آسيوي وإنساني!
(1)
قابوس: رمز آسيوي وإنساني!
ألتقيت مؤخرا في أحد المعارض بمسقط صحفية هندية مقيمة في السلطنة وتعمل لإحدى الصحف المحلية الناطقة بالإنجليزية، كنا قد بدأنا الحديث/الصدفة حول رواد الأعمال فإذا بها تحدثني عن غبطتها لما تشاهد من مبادرات متسارعة في مجالات مختلفة، وأنها -كصحفية مقيمة في السلطنة منذ عقدين- تشهد وتغطي الأحداث بعين موضوعية مملوءة بالتفاؤل بأن عمان مقبلة على سنوات رائعة من النمو والازدهار إذا ما صاحب هذه الجهود عوامل أخرى تطرقنا إليها، وحين امتد حديثنا ليشمل التدريب القيادي قالت لي أن أكثر الأشخاص الذين يلهمونها هو السلطان قابوس وأن شخصيته وفكره وقيادته كثيرا ما يكون موضوع حديث زملائها من جنسيات مختلفة، وأنها تعتبره “رمزا آسيويا وإنسانيا عظيما سيبقى خالدا”، وأنه يقع على عاتق المتخصصين سبر أغوار هذه الشخصية الملهمة وتقديم اتجاهاتها ومنطلقاتها الفكرية للأجيال الجديدة.
(2) الدور العالمي
(2)
الدور العالمي
زميلة لبنانية تعمل في إحدى الشركات الاستشارية العالمية كانت تسمع الكثير عن جلالة السلطان –حفظه الله- من أقاربها هنا في مسقط، وكانت تدهش للاحترام الكبير الذي يتحدثون به عنه، لكنها كانت لا تعرف الكثير فعليا عن عمان والعمانيين، وبقدر الثناء الذي تسمعه حول جلالته -أعزه الله -كانت علامات الاستفهام تزداد لديها عن أسبابه، حتى ساقتها الأقدار للعمل هنا مع إحدى المؤسسات، وبدأت رحلة يومية من الاكتشاف لمشاعر المواطنين والمقيمين، ولامست بنفسها عبر المبادرات و المشاريع التي عملت فيها الحس القيادي والإنساني الذي يجعل رجلا في العقد السابع من عمره يطلق المبادرات ويتابع بحرص مسارات العمل المختلفة وهو في فترة علاجه.
وفي غمرة التحول الذي أنقذ العالم من كارثة كانت محققة وهي ضرب إيران، والدور المؤثر الذي لعبته السلطنة وجلالته حفظه الله شخصيا في الاتفاق الشهير الذي تحتضن مسقط الخير هذه الأيام جولة من محادثاته سألتني: من يعمل على هكذا ملف وعموم الدور المرموق لعمان خارجيا في قضايا عديدة؟ وحين أجبتها ممازحا: هل هذا نوع من التجسس؟، قالت: بالطبع لا، إنما بكل صدق من المهم أن يحقق هذا الدور الإقليمي والعالمي استدامة وتواصل وأن ينتقل إلى صف ثان وثالث من القياديين الذي يتشربون هذا الفكر ويتمتعون بهذا الحضور القوي. ذكرتني وقتها بعبارة لزميلة من السودان كانت تقول: (حين يسد الأفق في هذا الجزء من العالم بفعل مغامرات الآخرين تصبح عمان أمل العالم)!
(3) المواطنة بلا حدود
(3)
المواطنة بلا حدود
كنت أحضر اجتماعا في إطار إحدى المبادرات الوطنية التي وجه جلالته –حفظه الله- بإطلاقها قبل سنة من الآن، وبغض النظر عن مضمون الاجتماع ومداولاته، وجدت نفسي مطرقا ساهما في دلالات قيادية لخلفيات المجتمعين : 3 ديانات، 3 مذاهب إسلامية، نساء في مناصب قيادية مهمة، رجال من عرقيات مختلفة، وحماس واندماج وتجاذب حول أفضل الآليات لإنجاح المبادرة، وذوبان غريب لكل خلفية ومرجعية وانتماء غير الانتماء لعمان ومستقبل عمان.
– (قل لي: أين يحدث مثل هذا في العالم؟ … نعم، في العالم كله بلا استثناء).
هذا ما لم أقله، وقاله أكاديمي بريطاني كنت أناقشه بعدها بيومين في أطروحة ملائمة للدكتوراة، وحين كنا نستعرض القضايا العالمية المعاصرة ذات العلاقة بالقيادة، كان يميل هو إلى عناوين أكثر ارتباطا بما يحدث في المنطقة من تحولات سياسية واقتصادية وثقافية، وحين مررت على ذكر هذا الموقف ، كان يشدد على أن كل هذه نتائج لذهنية قيادية تؤمن بالمواطنة وتكرس حياتها لحمايتها وترسيخ سيادتها، وأهمية أن تنقل اتجاهاتها وقيمها على شكل مقالات وورش تدريبية ومحاضرات إلى العمانيين لاسيما الشباب.
(4) الثوابت التي تنتصر دائما
(4)
الثوابت التي تنتصر دائما
حدثني أحد الأصدقاء العرب عن حجم استيائه مما أسماه موقف السلطنة من الوضع في سوريا، حيث كان يراه آنذاك–في ظل الخطاب الإعلامي المهيج للمشاعر- سلبيا، وكان ينظر لموقف السلطنة بامتعاض شديد، خاصة – والحديث له دائما- حينما اعترضت على سحب مقعد سوريا في الجامعة العربية، لكن عندما دخلت سوريا فيما تعانيه اليوم للأسف بدأ بكل موضوعية في فهم الموقف العماني أو محاولة تفهمه، مما دفعه لتقصي سياسات السلطنة ومواقفها، بما في ذلك تعاملها الداخلي مع الأحداث التي صاحبت ما سمي وقتها بالربيع العربي، حتى أصبح يردد متسائلا :كيف ستكون المنطقة لو أنها أنصتت لصوت العقل وتعلمت من سلطان عمان؟. وأنا أحاول أن أنقل كلماته ومشاعره كما هي، أستعيد الحديث عن الثوابت التي انطلق بها مشروع النهضة في هذه الأرض، والتي ما يزال جلالته – أعزه الله-يذكرنا بها حتى في تهنئته بالعيد الوطني، مهما كانت الانفعالات من حولنا، والعواطف الهوجاء التي تجعل الآخرين يتخبطون في اختياراتهم ومواقفهم.
(5) الأثر والتأثير
(5)
الأثر والتأثير