أبجد

سعدية مفرح تكتبني أنا

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

سعدية مفرح تكتبني أنا

عبدالله العريمي

 

قرأت مقال الأربعاء الذي نشرته العزيزة جدا سعدية مفرح عبر صحيفة أثير منطلقة من عبارة الشاعرة الأمريكية الأثيرة ديكنسون- كما أطلقت عليها – “الأصدقاء أوطان صغيرة”،  مستحضرة ما كان وما هو كائن، مستنتجة بهذا الاستدعاء الجمالي أنها صنيعة الصداقة والأصدقاء، صنيعة حقيقية لأصدقائها.

تتبعتها كلمة كلمة.. ودمعة دمعة.. وضحكة ضحكة وهي تعدُّ الأصدقاء القلة على أصابع اليد الواحدة فينتهي العدُّ قبل أن تنتهي أصابع اليد، فما أجمل ذلك وما أوجعه، وكنت اسأل نفسي هل سعدية مفرح تكتبني أنا في تلك اللحظات أم أن تلك عوالمها، وتطابقٌ ما قد وقع،  تذكرتُ حينها  أني قد قلت لوكالة أنباء الشعر يوما ما ضمن حوار عمره أكثر من ثمانية أعوام حين سئلت عن الأصدقاء أجبت: لا أصدقاء لدي.. فالأصدقاء أو من يفترض أنهم كذلك، فاضحو أسرار ومزورو حقائق، وخلال تلك السنوات ازداد منسوب الخسارات لديّ ولم يعد إصبع واحد يكفي للعدِّ، ولكن بعدها أحببت آخرين وعثرت على منسوب حب مرتفع لديهم فبدأ العدُّ إلا أني لم أصل الإصبع الأخير من الكف الواحدة .

 

فهل من القدرية بمكان أن نقع في فخ التشابه هذا أيتها العزيزة..الواحدة من هذه القلة القليلة التي يمكن أن تعيد لنا ثبات واتزان العالم، أم أنها لعنة ما أصبنا بها، فقد تركنا وراءنا حرائق شتى ودمارا كبيرا وأكوام رماد.

نعم كل واحد منا هو صنيعة الصداقة والأصدقاء، سواءً بسماوات قلوبهم وهي تتشكل ممرا ماسياً للمدى المفتوح على الجمال المحض، أو بظلامية ذلك الكائن السوداوي الذي يسكن كل من يمشي على كوكبنا الأنيق، إلا أن بعضهم يجيد الانتصار عليهم والبعض الآخر يسقط ويبقى ذلك الكائن هو النافذة التي يطلُّ العالم من خلالها عليه.

نعم كل واحد منا هو

صنيعة الصداقة والأصدقاء، سواءً بسماوات قلوبهم وهي تتشكل ممرا ماسياً للمدى المفتوح على الجمال المحض، أو بظلامية ذلك الكائن السوداوي الذي يسكن كل من يمشي على كوكبنا الأنيق، إلا أن بعضهم يجيد الانتصار عليهم والبعض الآخر يسقط ويبقى ذلك الكائن هو النافذة التي يطلُّ العالم من خلالها عليه.

 

لم يعد العمر كافيا لصناعة صديق حقيقي يا عزيزتي، لذلك أنا أيضا لا أتقبل هذا العالم حين ينقص منسوب جماله كلما فقدت أحدا ممن أحب، وكأن الأرض اقتصت من أطرافها حينها إلى أن تضيق بي وعليّ، فإما الموت الذي لا اعتراض عليه لأننا أقل من أن نملك ذلك، وإما الحضور الناقص والذي هو أكثر ما يتقنه البعض، وقد قيل إننا كي نصل إلى الحكمة علينا أن نبلغ عمرا طاعنا في الخسارات، هل هو معادل طبيعي للحكمة؟، وهل علينا أن نستلذ بطعم دمائنا كي نصل إليها ؟ هل علينا أن نرى جثث الكلمات والأفكار التي كانت تتجسد في تلك البيوت الطينية/ البشرية كي نصل إلى تلك التي أطلقنا عليها الحكمة ما أقسى العالم وهو يطلق حربه الشرسة على ذلك الخافق المسكين..!!

 

من ذلك الذي لفَّ  كل المفاهيم بخيط الالتباس هذا، إن الرؤية ضبابية جدا وواضحة جدا، مائلة جدا وثابتة جدا، لا شأن لي بكل ذلك، كل الذي أعرفه يا عزيزتي أنك واحدة من هذه القلة القليلة أيضا التي تعثر بها العالم يوما ما فاعتدل رغما عنه، لذلك الآن في ذكرى الحضور الأكبر في حياتي أريد أن أقول:  أصدقائي الأعزاء.. شكراً! 

 

 

 

Your Page Title