فضاءات

عبدالرزّاق الربيعي يكتب: كلماتٌ على طبق العيد

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

عبدالرزّاق الربيعي

عندما كنّا صغارا، نستحضر في كلّ عيد  كلمات نصّ من نصوص منهج الأوّل الابتدائي هو:
خرجتُ يوم العيد
بملبسي الجديد
أقول: يا أخواني
هيا الى الدكان
فيومنا سعيد
وعندنا نقود
نلعب طول اليوم
إلى زمان النوم
وحتى بعد أن كبرنا، ظلّت هذه الكلمات ترافقنا، وبقينا نردّدها، ونستحضر معها طفولتنا، ومباهج العيد الذي حين يأتي،فإنّه يجلب معه الأفراح ،والمسرّات، والدعوات بتحقيق الأماني، فيجدّد المشاعر، وينقّي القلوب، والأرواح مما علق بها، من غبار جرّاء هبوب عواصف الحياة اليوميّة ،الغارقة في تفاصيلها، ونتيجة تراكم تلك الأغبرة ،فإن الروح تتعب، لذا يأتي العيد ليقوم بعمليّة شحن اجتماعي، فيمنحنا فرصة للتجدّد، ومسح الأخطاء، والذنوب، من خلال التزاور، والاجتماع على أطباق الحلوى، وكعك العيد،  وتبادل التهاني، والهدايا، فيصبح العيد ممرّا للقاءات ، وقضاء الحاجات ، التي أهمّها حاجة الإنسان لأخيه ، لمشاركته الأفراح التي لا تكتمل إلّا بمشاركة الجماعة
وقد أثارت هدايا العيد مخيّلة الشعراء، في قصيدة ايليا أبي ماضي “هديّة العيد” التي غنّاها المطرب “ناظم الغزالي “، في مطلع ستينيّات القرن الماضي، ومازلنا نستأنس بسماعها، وترديد كلماتها، كلّ عيد ،وفيها يقف الشاعر حائرا، متسائلا :
أيّ شيء في العيد أهدي إليك
يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟
فيخيّر حبيبته بين عدّة أشياء يهديها لها في العيد، من بينها الذهب، والعقيق الثمين ، ولكن حبيبته،كما يقول ،في غنى عن هدايا، فكل شيء من هذا لديها، عندها يحتار، وفي النهاية لم يجد هديّة يقدّمها لها غير روحه التي هي أصلا بحوزتها، معبّرا عن عظيم حبّه لها، فيفلت من المأزق، بـ”حسن تخلّص”، ولن تحصل منه شيئا، سوى الكلام، وهو بضاعة الشعراء، فيخرج من هذا المأزق، وبالوقت نفسه يرضي محبوبته، لأنّه، ذكر محاسنها، فأرضى غرورها، لكنّه منحها أملا، هذا الأمل هو الحبّ الذي يكنّه لها، يقول همنغواي” لا تفكّر بما لم تحضره، فكّر بما لديك، فكّر بالأمل”، ويبدو إنّ الشاعر محمد البريكي فكّر بالأمل جيّدا عندما أراد هدية ثمينة يقدّمها للمحبّين ، فوجد  إنّ أغلى هدية يمكن أن يقدّمها هي قلبه على طبق من كلمات ،في نص يقول به:
“أقبل العيد
ما الذي سوف أهدي
للمحبين
مثل ورد ٍ بدربي
أقبل العيد
قال لي الشعر هيّا
حينها قلت:
ما سأهديه قلبي”
وفي النهاية، وضع ايليا أبو ماضي روحه لدى الحبيبة
، بينما قلب البريكي يظلّ يخفق بين جوانحه، ولا يحصل المهدى إليه غير الكلام المعسول ، ومع ذلك يخرج “من الحمص “بطحين الصور الجميلة .
أمّا الشاعر العماني  الراحل حميد الجامعي “أبو سرور” فإنّه يجد في وردة تصل إليه عبر البريد، مناسبة للتعبير عن الكثير من المعاني ، التي تضفي لونا جميلا على حياته وأحلامه :
وردة العيد والهنا وصلتني
في جناح البريد تبدي ابتسامه
قبّلت ثغرها النقي شفاهي
وهي ثملى فلونت أحلامه
فالشعراء يرون إن أغلى الهدايا، هي زهر الكلمات ، وهو ما فعله الشاعر عقيل اللواتي بقوله :
أرى الكون يشدو جميل النشيد
وترقص نجماته بالقصيد
ويأتي سؤال الأنا صادحا:
لماذا؟ وما سرّه؟ ما الجديد؟
بصدق التهاني أجاب فؤادي
يغنّي مع الكون “عيد سعيد”
والمهم هنا التعبير عن فرحة كبيرة تملأ أيّامنا بالبهجة هي فرحة العيد التي قدّمها الشعراء على طبق من كلمات .



















Your Page Title