أثير- د.سالم بن سلمان الشكيلي
السيف أصدق إنباءً من الكتُبِ
في حدّهِ الحدُّ بين الجدّ واللعبِ
بِيضُ الصفائحِ لا سُودُ الصحائف في
متونهن ،،،، جلاءُ الشكّ والريَبِ
أستهل مقالي هذا بهذين البيتين للشاعر العبّاسي المعروف أبو تمام ، وهي استعارة معنوية لمعنى البيتين في بنيان مفهوم المعنى الذي يقوم عليه المقال ، وهو بالقطع ليس موجهًا ضدّ أحد بعينه ، وإنما خواطر جيّاشة من غليان القلب الفيّاض بحبّ هذا الوطن ، وقائده المفدى ، وقراءة متواضعة في جانب من جوانب رؤاه الفذّة ، وبالطبع لا يمكنني ، ولن أستطيع ، الإحاطة بجوانب هذه الرؤية ، وإنما هي محاولة لاستلهام الدروس ، من الموضوع الذي يتطرق إليه المقال .
ينطلق في شهر أكتوبر القادم ، التمرين العسكري المسمى بحق « السيف السريع ٣ » بالاشتراك بين قوات السلطان المسلحة والقوات الملكية البريطانية ، وتتزامن انطلاقته مع تباشير الاحتفالات بالعيد الوطني المجيد .
والتمرين في أهدافه العامة يهدف إلى التأكد المستمر من جاهزية واستعداد قوات السلطان المسلحة لمواجهة أي خطر أو عدوان قادم من حاقد أو غادر ، أعمته بصيرته وضحكت عليه نفسه المريضة، أو أغوته بذلك شياطين الجن والإنس ، أو أولئك المتنطّعين المتطلعين إلى أبعدَ من حجمهم وقدراتهم .
فقوات السلطان المسلحة ، تحظى باهتمام بالغ من المقام السامي لجلالته ، من حيث تطوير كل قطاعاتها المختلفة تدريبًا ، وفكرًا ، وثقافة عسكرية ، وتجهيزًا بالعتاد العسكري اللازم ، باعتبارها الحصن الحصين للذود عن حياض الوطن وترابه وسيادته ، وكانت هذه القوات تثبت على مر الدوام مهاراتها الفائقة في المهمات العملياتية التي تسند إليها من القائد الأعلى للقوات المسلحة . وهي بلا شك مفخرة وطنية بامتياز ، تُسعِد كل عماني بما تؤديه من دور جليل ومقدس .
وفي عالم اليوم ، فإن مقياس القوة العسكرية لأي بلد ، لا يقاس فقط بكثرة عددها ، وكثرة طائراتها ، وما تملكه من مخزون الأسلحة ، ولكن يجب أن تتوافر لدى هذه القوات العقيدة العسكرية الراسخة المؤمنة بوحدة الوطن ، إلى جانب الإرادة والعزيمة القتالية للدفاع عن الوطن ومقدساته ، والممارسات الحقيقية التي تحاكي التصدي لمختلف أنواع الاعتداءات المُحتملة ، وهذا ما بناه وغرسه ويؤكد عليه ويتابعه شخصيًا ، عاهل البلاد المفدى ، القائد الأعلى للقوات المسلحة في أفراد قواته البواسل ، حتى أصبحت قوة يشارُ إليها بالبنان ، في اكتمال بنائها العسكري الحديث ، وقوة رادعة لحماية مكتسبات النهضة المباركة .
إن وجود جلالته باستمرار بين القطاعات العسكرية المختلفة ببدلته العسكرية البهيّة ، رسخ مفهوم الولاء لعمان وطنا جامعا ، لا يعتدي على أحد ، لكنه في الوقت نفسه على يقظة واستعداد دائمَين لمواجهة أي متحفز للنيل من عمان وشعبها ، كما رسخ جلالته -حفظه الله – روح التجانس المنسجم بين كافة القطاعات من جانب ، وبين قواته المسلحة وشعبه الوفيّ الذي بلا ريب سيهب في الدفاع عن الوطن إذا دعا الداعي ، وليس من باب الادعاء والمبالغة في القول بأن الشعب العماني يعد جيشا ظهيرا للقوات المسلحة العمانية عند الضرورة .
إن تمرين السيف السريع في نسخته الثالثة ، وبالأحداث العسكرية المرتقب إجراؤها على مسرح العمليات ، بين جيشين لدى كل منهما بيئته التي يعمل فيها ، وخبراته الميدانية التي اكتسبها ، يحقق استفادةً متبادلة بينهما ، تعزز ما لدى كلّ منهما من معارف وقدرات عسكرية ، وتبرز المخزون المهاري الذي يملكه كل طرف ، فبالاطلاع على برنامج التمرين تتضح الجدية في التعاطي مع أهداف محتملة تشكل خطرًا على الأمن الوطني ، وعلى هذه القوات التعامل مع الخطر المحتمل بصرامة عسكرية بارعة ؛ لردع الهدف الوهمي باستخدام قوات برية وبحرية وجوية ، وهذا بالأكيد سيوظف التمرين تدريبا حقيقيا للتعامل مع هكذا أحداث وسيزيد من تراكم الخبرات العسكرية القتالية .
إنّ الضباط والجنود الذين حالفهم الحظ للمشاركة ، ومن خلال تشكيلاتهم المختلفة ، في تمرين السيف السريع٣ ، وكأني أرى محيّاهم وقد ارتسمَت عليه ، قوة العزيمة ، وإصرار تحقيق النجاح ، لتحقيق أمرين :
الأمر الأول : إثبات قدراتهم وإمكاناتهم العسكرية .
الأمر الثاني : الاستفادة القصوى والفعّالة ، ممّا تتيحه لهم أحداث هذا التمرين ووقائعه.
ومما سيرفع من جدية التمرين وفاعليته ، ومدلولاته العسكرية ونتائجه ، وجود مراقبين عسكريين ومدنيين من بعض الدول العربية والإسلامية والصديقة ، وهذا يقينًا سوف يضعه المشاركون في التمرين نصب أعينهم لإثبات الذات ، وتحقيق الأهداف السامية من التمرين .
وعلى الرغم ، من وجود تمارين وتدريبات دورية منتظمة ، فترية أو سنويّة ، بين مختلف قطاعات الأسلحة في الداخل العماني ، أو بين قوات السلطان المسلحة وقوات دول شقيقة أو صديقة بقصد اختبار الكفاءات وزيادة الخبرات العسكرية ، يظل تمرين السيف السريع بحلقاته المتواصلة ، أكثر أهمية وأوسع شهرة؛ نظرًا لحجم القوة المشتركة فيه ، وأنواع الأسلحة القتالية المستخدمة ، إلى جانب أحداث ووقائع التمرين من الناحية العملياتية الصرفة .
يا جنود عمان البواسل : إنّ كل فرد من أفراد هذا المجتمع ، صغيرهم قبل كبيرهم ، ونسائهم قبل رجالهم ، فخورون بكم ، سواء في السلم أو في الحرب ، ويؤكدون لكم أنهم ، كما أنتم ، على العهد والولاء لعماننا الغالية وسلطانها المعظم ، باقون بقاء الجبال الشم ، عالية همَمهم تطاول الشمس علوا وقيمة ، فسيروا والمجد ، وانطلقوا والعز ، تكلؤكم عناية الله ، وتحرسكم عينه التي لا تنام ، وتزودوا بأسلحة ، الإيمان بالله ، و بالوطن ، والولاء للقائد الأعلى للقوات المسلحة ، سلطان عمان وسيدها وولي أمرها ، سِمَتُكم وسيماؤكم الشهامة العمانية المتمايزة ، وعزائم الرجال ، مستلهمين بطولات وتضحيات الأجداد الذين شيدوا حضارة ماجدة شهدت لها الأمم ، إذ كانت سيوفهم على الأعداء أصدق من الكتب ، وكانت أحدّ وأمضى وأسرع فتكًا بمن لبلادهم وأمتهم حاسد أو طامع أو حاقد .
وإن كان هذا المقال يأتي مبكرًا ، عن انطلاقة التمرين ، فإنه بمثابة رسالة فخر واعتزاز وعربون محبة ، لكل أفراد قوات السلطان المسلحة عامة ، وإلى القائمين من المسؤولين والضباط والجنود ، ومنذ وقت أبكر ، للتخطيط ، والإعداد ، والتحضير ، والإشراف ، على تنفيذ تمرين السيف السريع ٣ ليخرج بالمظهر الذي يليق بسمعة السلطنة ، وجدارة قوات السلطان المسلحة .
ليحفظ الله سلطنة عمان آمنةً مطمئنة مستقرة ، ويحفظ سلطانها قائدًا وزعيمًا لها ، وأن يُتم عليه صحته وعافيته ، ونسأله تعالى أن يحفظ الشعب العماني ويُديم عليه نِعمه ظاهرها وباطنها ، وأن يُسدّد قواتنا المسلحة بتوفيق من عنده جلّ وعلا ، فيكونوا للوطن دِرعًا ، وللشعب حُماة بواسل ، وللحق سيفًا بتارًا سريعًا كسرعة وميض البرق إذا ما ادلهمّت غيوم الأحقاد والمِحن والإحَن ، إن فكّر بها أحد .
وآخر القول ، هو ذلك الشعار المعهود للقوات المسلحة الباسلة :-
الإيمان بالله ، الولاء للسلطان ، الذود عن الوطن .