أخبار

العُماني حفيد صانع السفن الذي “أصبح له نصيبٌ من اسمه”

العُماني حفيد صانع السفن الذي “أصبح له نصيبٌ من اسمه”
العُماني حفيد صانع السفن الذي “أصبح له نصيبٌ من اسمه” العُماني حفيد صانع السفن الذي “أصبح له نصيبٌ من اسمه”

أثير- سيف المعولي

مِن “فتح الخير” الراسية على أحد شواطئ صور “العفية” تبدأ الحكاية، ومن الأمواج المتحركة على شطآن البصرة، وعدن، وبندر عباس والهند تتكشف التفاصيل، ومن “نعمة” إلى “مسقط” فـ “واشنطن” ثم “لندن” تكتمل المشاهد، لتعلن لنا عن شابٍ عُماني لم يتجاوز الستة والثلاثين عامًا، لكنه أصبح “له نصيبٌ من اسمه”.

نُقِش اسمُ جده “محمد بن خميس” على السفينة التي ترمز إلى التفاؤل؛ بعد هطول المطر في اليوم الأول لصناعتها، فأراد لـ “النقش” أن يستمر بطريقة أخرى عبر “القرم” ، و”الخوض” وقريبًا في “بركاء”، ليكون امتدادًا لعائلة تجارية بدأت منذ 100 عامٍ الدخول في عالم المال والأعمال بصناعة السفن.

استشرف والدُه ريادَته، فأسّس شركة تحمل اسمًا حمله هو بعد 9 أعوامٍ من تأسيسها، وكأنه أراد أن يُحمّله رسالة مفادها “كُن اسمًا على مسمى”، فبدأت رحلته التي لم تكن “مفروشة بالورود” كما يظن البعض، لكنها “مليئة بالأمواجِ التي تصنعُ بحارةً جيدين”.

وقف الشيخ رائد بن عبدالله العريمي نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة “الرائد” –المقصود بالكلمات أعلاه- والفرحة تعلو محياه، وهو يشرحُ للإعلاميين والصحفيين عن “العريمي بوليفارد” المشروع الذي عدّ إنجازَه “الفرحة الكبرى” في حياته، بعدما “شكّك” البعض في إمكانية تحقيق ذلك، ليثبت “قدرة العُماني” على الإنجاز، حينما يحضر الإصرار.

ولم يكن “العريمي بوليفارد” بما فيه من جديد هو التفرد بعينه؛ وإنما كانت وراءه قصةُ رجل يعتقدُ بأن “المرء إذا أراد الثريا لنالها”، فحاولنا في “أثير” سبر الأغوار لنعرفَ ولو جزءًا من هذه القصة الـ”شائقة”، التي بطلها شخصٌ يُجبِرك حديثه على الإنصات، ويُجيب عن الأسئلة بـ “السهل الممتنع”.

“أثير”

التعليم هو الأساس

وُلِد الشيخ رائد في عام 1982م، أي بعد 9 سنوات من إنشاء “مجموعة الرائد” التي أسسها والده الشيخ عبدالله بن علي العريمي، وأنهى الثانوية العامة من مدارس الصحوة الخاصة بمجموع 94% ثم توجه لدراسة تخصص المالية وإدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية بواشنطن، وبعد أن أنهى مرحلة البكالريوس في 2003م، اتجه مباشرة إلى دراسة الماجستير في جامعة وستمنستر بالعاصمة البريطانية لندن، واختار تخصص المالية الدولية، وجاءت أطروحته حول تطوير آلية الاستثمار في الصيرفة الإسلامية وتمويل المشاريع من خلالها.

البداية بموظف

بعد الحصول على الماجستير التحق الشيخ رائد بشركة والده “مجموعة الرائد”، لكنه لم يدخل في الإدارة مباشرةً أو في منصب قيادي، وإنما بدأ في المحاسبة، ثم التأجير، ثم إدارة العمليات، حتى ترقى إلى نائب رئيس مجلس إدارة المجموعة. يقول عن ذلك “التسلسلية التي مررت بها مهمة جدًا، حتى تكون لدي الخبرة الكافية لطريقة تفعيل كل دائرة، ومعرفة تحدياتها، وكيفية مواجهتها”.

الوظيفة الحكومية شرف ولكن!

يعتقد الشيخ رائد بأن الحصول على الوظيفة الحكومية هو “شرف” كون الموظف يخدم بلده ووطنه، لكنه يرى بأن خدمة والده ومساعدته في أعماله هو “الشرف الأكبر”، إذ إنه أكبر أبناء الشيخ عبدالله العريمي، لذلك استغنى عن “شغفه” واتجه إلى دراسة التجارة.

الشغف الذي لم يتكمل

كان لدى الشيخ رائد شغفٌ بالطب، وتمنى أن يُصبح جراحًا، وشاركه في ذلك ابن عمه، وبعد الانتهاء من الثانوية العامة ودراسة اللغة ارتأت العائلة أن يتجه هو إلى التجارة، بينما واصل ابن عمه المشوار وأصبح استشاريًا أول في وزارة الصحة، لكن الشيخ رائد يعتقد جازمًا بأن ما حدث هو “خيرٌ من الله”.

القراءة ثم القراءة ثم…. القراءة

رغم دراسته للتجارة والمالية إلا أن حديثه وإجاباته عن الأسئلة كانت تتضمن أبياتًا شعرية، وحكمًا، وأقوالًا مأثورة، وعندما سألته عن ذلك أجاب بأن السر هو في “القراءة ثم القراءة ثم… القراءة”، حيث كانت لدى والده مكتبة فيها “من كل بستان زهرة”، لتحيلني إجابته إلى سؤال آخر، وهو كيف يوفّق بين العمل والأسرة والهواية، فكانت إجابته بأن “التحدي الأكبر” الذي يواجهه هو عملية المواءمة بين هذه الضروريات، بحيث لا يطغى أمرٌ على آخر.

المال ليس كل شيء

يعتقد البعض بأن المال “يجلب السعادة”، بينما يرى آخرون بأن “الأثرياء غير سعداء”، إلا أن الشيخ رائد عندما سألته عن ذلك أجاب بأن له نظرة أخرى تمثلت في: “إلهي ماذا وجد من فقدك، وماذا فقد من وجدك”، و “إن هناك من الناس من هم في فقر مدقع بحيث إن كل ما لديهم هو المال”، و”إذا عافاك فقد أغناك”. مؤكدًا بأن العلاقة الروحية مع الله هي من تعطي السعادة للإنسان سواء كان غنيًا أم فقيرًا.

الغني لماذا يدرس؟

كانت إجابته عن السؤال أعلاه بـ “رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه” و “لا تحسبن المجد تمرًا أنت آكله..لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا”، موضحًا بأن حياة الإنسان عبارة عن “ذكرى ومسيرة”؛ فالذكرى ما يُذكَر به بعد رحيله، والمسيرة هي ما يقدمها في حياته، لذلك عليه أن يُكمل ما انتهى إليه آباؤه وأجداده، وأن يكون بسيطًا ولا يغتر بالمال أو المنصب. فـ “الكفاية بالمال ليس معناها أن تتوقف عن البحث عن كل جديد يقدّم فرصة لإسعاد الآخرين” – كما يعبّر-.

كيف يُكتسب المال بسهولة؟

يرى الشيخ رائد بأن اكتساب المال سهل إذا استطاع الإنسان فهم الفرص المتاحة أمامه، وكيفية الاستفادة منها، مُعتقدًا بأن “أسوأ ما يستطيع أن يفعله الشخص هو الادخار”، لأن الريال الواحد المُدّخر اليوم يبقى هو نفسه بعد عشر سنوات، موجهًا نصائح إلى رائد الأعمال المبتدئ تمثلت في: أن يكون صادقًا في عمله، ومثابرًا لتحقيق النجاح، والتوكل على الله وعدم التواكل، وأن يقرأ، ثم يقرأ، ثم يقرأ؛ لفهم المحيط الذي هو فيه من كافة الجوانب بشكل عميق.

طاحونة في وجه العاصفة

يرى العريمي بأن “البحر الهائج يصنع بحارة جيدين” و “في وجه العاصفة إما أن تبني ملجأ تحمي نفسك فيه أو تبني طاحونة تستفيد منها”، لذلك يستطيع المرء أن يحوِّل “المطب الأصعب” إلى “منحة”، مُعتقدًا بأن “مواجهة الإنسان للتحديات معناها أنه يتم تأهيله في المستقبل لتحديات أكبر، ويكتسب المزيد من الخبرة”.

المُحارب الذي لا يستريح

لم يهدأ للشيخ رائد بالٌ حتى انتهى من رؤية “الفرحة الكبرى” حقيقةً على مرأى البصر، لكن ذلك لا يعطي “المحارب” فرصة للاستراحة، فما نُقِش سابقًا في القرم عبر “مجمع العريمي”، واليوم في “العريمي بوليفارد” بالخوض، ينتظره نقش أكبر في بركاء عبر “ممشى العريمي” خلال عام 2020م؛ فالنفوس إذا كانت كبيرة “نشطت” في مرادها الأجسام.

Your Page Title