أثير- موسى الفرعي
الثبات على القيم والمبادئ أمر عُماني بامتياز، وهذا يتجلى لنا في مواقف عديدة، نترك أكثرها لنتحدث عن أهمها الذي يقاس بالتقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعيد بدورها تشكيل الكثير من الناس وتتسع للكثير، كلٌ حسب ما فيه من ماء عذب، وآخر راكد كثرت فيه الطحالب السامة ووجد له متسعًا في مواقع التواصل الاجتماعي، فما إن يشتغل البعض على نشر معلومة زائفة أو حقيقية، حتى تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة نزال تكون الأسلحة فيها البذاءة والانحدار الأخلاقي، وهذا الأمر لا نجده مطلقًا لدى العُمانيين المستخدمين لهذه المواقع.
لست أدعي بكل تأكيد الفضيلة الكاملة بل أؤكد وجود فاسد أو منافق أو مزيف حقائق هنا وهناك، غير أن الحديث هنا عن النسبة الأكبر في عُمان التي تشكل موجة كبيرة تغسل ما تصنعه القلة على رمل الساحل، في حين نجد في الجانب الآخر بأن النسبة الأكبر هي ممن يبحث لاهثًا عن خيط واحد في حقيقة ليصنع منه أكاذيب عديدة غلافها البذيء من الكلمات، واختلاق الأحداث ليمرر إساءة ما لمن خالفه الرأي وعارض مصالحه حتى وإن غمز في شرفه وطعن في أخلاقه وهذا الانتصار السياسي الوحيد الذي لم يعد خليجنا العربي الواحد – واأسفاه – قادرًا على شيء سواه.
تراشق بسوء هنا، واتهام بفاحشة هناك، والعُمانيون ثابتون على قيمهم ومبادئهم التي حصدوها من تعاليم دينهم الحنيف وأخلاقيات مجتمعهم الأصيل وقبل ذلك ما تمليه عليهم إنسانيتهم، وما أصعب أن يظل المرء متمسكًا بكل هذا وسط هذا الجنون الأخلاقي المتحكم بالكثيرين، ولكن بذور الصلاح العماني التي سقيت بماء عذب صالح هي الرهان الحقيقي الذي يُبقي العمانيين بهذا الثبات والعلو الأخلاقي.
كلنا في عمان فردًا فردًا ندعو للبيت الخليجي الواحد الثابت الأركان، البيت الذي تكسوه المحبة والسلام والأنفة والكبرياء و”الأخلاق”، أما الصورة التي تُصدِّرها مواقع التواصل الاجتماعي لنا من خلال هذه ” الهاشتاجات ” فلا علاقة لنا بها ولا يمكنها أن تتسرب إلينا؛ فالثوب العماني ثوب ناصع البياض يشهد له القاصي والداني، ويبرأ من كل ما يمكن أن يسهم في عملية الانسلاخ الكلي من القيم الإنسانية التي تُرجع الإنسان إلى جاهلية فكرية وتسبب له انسدادا في المعبر الأخلاقي. أما آن لهذا الخليج في بعض مفاصله أن يقف أمام المرآة ويحاسب نفسه بنفسه وينظر إلى أي هاوية أخلاقية يقود الشعوب إليها، فإذا انصلح الأمر السياسي ذات يوم فمن سيعيد غسل القلوب والألسنة وآثارها؟
إن واقعنا العماني اليوم يقدم أبهى صوره للآخر، ليس لوجه التباهي، فالتواضع من شيم العمانيين، لكنه يقدم هذه الصورة البهية لعل الآخر يقيس ما هو عليه اليوم من سقوط أخلاقي، بما عليه الإنساني العماني من علو وفضيلة.
الشكر والحمد لله أننا نحيا على هذه الأرض الطيبة التي لم ولن تنبت إلا طيبًا.