أثير- سيف المعولي
هو نموذجٌ للشاب العُماني الذي لا يعرف اليأس، ومثالٌ لأولئك الذين يتحيّنون الفرص ليقتنصوها، ويتخطون الصعاب لقطفها، بل يتحمّلون الغربة من أجل مذاق حلاوة الانتصار والنجاح.
من بدية حيث الرمال الذهبية كانت الانطلاقة، ثم في مسقط العامرة وتحديدًا في مدرسة “جابر بن زيد” بدأت مرحلة التأسيس، بعدها جاءت مرحلة الغربة في أمريكا للمعرفة والعلم، ثم ألمانيا للعمل وتأكيد الذات، والرجوع منها بالفخر والإنجاز والتميز، وقبل ذلك كله كان والده المهندس هو القدوة والتجربة الناجحة أمام عينيه.

المهندس محمد السالمي
سطورنا الماضية هي عن المهندس المعماري العُماني محمد بن سلطان السالمي الرئيس التنفيذي لشركة “هولر والسالمي”، الذي اختير مؤخرًا ضمن قائمة الأربعين شخصية تحت سن الأربعين لسنة 2018م في مجلة تصميم المباني والإنشاء الأمريكية التخصصية العريقة Building Design+Construction التي تأسست في عام 1950م وتُعدّ من أهم المجلات في مجال الهندسة والبناء، ليكون بذلك السالمي أول شخصية عربية تدخل القائمة منذ إنشاء المجلة.
لكن هذه الجائزة للسالمي ليست الأولى ومؤكدًا أنها لن تكون الأخيرة فهو حاصل على أكثر من 15 جائزة من أماكن مختلفة نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر: المركز 43 في قائمة أقوى 60 خبيرًا للبناء الأكثر تأثيرًا في قائمة الشرق الأوسط. وجائزة أفضل مشروع بناء على مستوى السلطنة المتمثل في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عُمان “جيوتك” ضمن جوائز مجلة ميد للجودة، وجائزة أفضل مشروع تصميم رياضي أو تعليمي مؤسسي عن مركز تاريخ العلوم، وجائزة أفضل مشروع تجاري لعام 2016 عن جامعة البريمي، وجائزة الرؤية الاقتصادية في عام 2016م لجهوده الكبيرة وإسهاماته البارزة وعطائه اللانهائي في خدمة القطاع الخاص والاقتصاد الوطني، وجائزة أفضل شركة أداء من بين المؤسسات المتوسطة ضمن جوائز عمانتل للإجادة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعام 2015م، – الفائز الإقليمي – وجائزة أفضل مدير تنفيذي للبناء لعام 2012م ضمن جوائز أسبوع البناء بدبي، وغيرها الكثير.
سرد السالمي تفاصيل عن مشواره العلمي والمهني في حوار مع “أثير” موضحًا بأنه حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2003م ، الذي تخرج والده منها، ثم عاد إلى السلطنة ولم يجد العمل المتناسب مع شهادته لكنه لم ييأس، وبدأ بالبحث حتى جاءت الفرصة مع أحد من معارف العائلة الالمان، فقرر التغرّب مرة أخرى عن وطنه والذهاب إلى ألمانيا للبحث عن “لقمة العيش”، وهنا بدأ مرحلة جديدة لم يكن يتوقع نتائجها اليوم.

مقر الشركة
جمع المهندس بين العمل ودراسة الدكتوراه التي أراد من خلالها تسليط الضوء على المواقع التاريخية في السلطنة والحفاظ عليها، ونظرًا لتميز تصاميمه وعمله جاءت فكرة افتتاح شركة هي الأولى من نوعها بالتعاون مع شركاء ألمان، وتم ذلك في عام 2009م، ليكون السالمي حينها أصغر مهندس معماري يؤسس شركة تصميم معماري عالمية في السلطنة وهو بعمر 29 عامًا.
بدأ محمد العمل في الشركة التي سُمّيت في البداية بـ “هولر وشركاه للاستشارات المعمارية والهندسية” بمفرده، لكن بالهمّة والنشاط والتميز استطاع توسيع أعماله ليتجاوز عدد الموظفين لديه اليوم 40 موظفا تصل بنسبة العمانيين منهم إلى 60%.
يقول عن ذلك: بفضل من الله استطعنا أن نتميز في أعمالنا وهي من تكون شاهدة علينا الآن، مثل الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في مسقط، وجامعة البريمي، وقاعة المؤتمرات والمعارض في الجامعة الألمانية الجديدة، وصالة عرض بورش مسقط، والسفارة الألمانية في مسقط، والمقر الرئيسي لمجموعة جواد سلطان في القرم والتطوير الجديد في مدينة السلطان قابوس”، وهناك مشاريع قادمة كثيرة بإذن الله

اسم المهندس ضمن قائمة الـ 40
يؤكد السالمي بأن “الشغف” هو من قاده إلى حبّ تخصصه ووظيفته بالرغم من نصائح بعض الأقارب والأصدقاء ، إلا أنه “لبّى رغبة قلبه وعقله” واتجه لدراسة الهندسة المعمارية وأبدع فيها حتى استطاع تجاوز كل التحديات والعقبات التي كانت تحول أمام طلاب آخرين درسوا معه التخصص ولم يُكملوا المشوار.
اليوم يفتخر السالمي – كما يؤكد – بأن اهم لحظات عمره التي سيتذكرها دائما وتعتبر ملهمة له هي عندما وقف أمام صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – حفظه الله- أثناء زيارته لمبنى الجامعة الألمانية للتكنولوجيا، ليشرح له عن التصميم المتميز للمبنى، عادّا استماع جلالته لحديثه ومناقشته في بعض الجوانب المتعلقة بالتصميم “تكريمًا” لمسيرته ومشواره مع الهندسة المعمارية التي بدأ التوسع فيها خارج السلطنة الآن حيث يهدف إلى “التوسع عالميًا بهوية عُمانية”.

وهو يصافح جلالة السلطان في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا بمسقط