نعمة الكندية
هُم كما هُم، مثل ما يسردُ ماضيهم إدوارد سعيد في محاضراته بجامعة كولومبيا الأمريكية ، وكما رآهم رأفت الهجّان بِأمِ عينيه في حاناتهم وحفلاتهم قبل قرنٍ من الزمان؛ ولو أن كِلا الرجُلين بقِيا على قيد الحياة ، لقالوا دون استغراب بأن الصهيونية تلعب الغُميضة اليوم باسم الشرق الأوسط الجديد.
ومهما قدّمنا (حُسن الإنصات ) للصهيوني لِعدة أسباب أولها بحثاً عن حياةٍ لفلسطينية مسنة عالقة في حدودِ رفح ، وطفل الثالثة الذي سُحِب من الشارع المقابل لمنزله على يدِ جنودٍ صهاينة ناحية مركبة عسكرية مُدرّعة ،لوجهةٍ ظلامية لا يعلمها الا الرب؛ لظلّ الصهيوني عدو الإنسانية بعيدًا عن منطق العقلاء والحكماء.
فمنذ أن طلب الفلسطينيون المتمثلون بسلطتهم الرسمية من قائد البلاد (سُلطان عُمان) واتبعوه بطلب لقائه مع الإسرائيليين لتحريك عملية السلام ولتخفيف الجراح التي تناستها سياسات العرب المقتتلين مع بعضهم بحجج أقل ما يمكن أن توصف بالأنانية العوجاء، حرّك بحكمته المعتادة (دفّة السلام) حينما دعاه الأضداد ،وهو المُؤمن بالممكن واللامستحيل تجاه السلام في العالم؛ يلف ويدور الصهاينة لاستغلال وجودهم إعلاميا بشتى الطُرق في عمان.
فالتقرير الذي ظهر في احدى القنوات الصهيونية قبيل زيارة رئيس الكيان الصهيوني دون عِلْم من الجهات المعنية ؛كما أوضحتها بعض الحسابات الصحفية العُمانية وتلى ذلك زيارة وزيرهم لقلعة نزوى خلال افتتاح المؤتمر العالمي للنقل الطرقي المقام هذه الأيام ؛ نشهد لَعِب (الغُميضة) الصهيونية خلال وجودها في الدولة ، البحث خلسةً عما يثبت وجوده وقبوله في الدول الشرق أوسطية ولدى العالم بأدواته التي يستحوذ عليها وعلى نطاق واسع(الإعلام)!
ولنفهم لعبة الغُميضة الصهيونية ،دعونا نستعرض أهم الزيارات لقلعة نزوى والأماكن السياحية التي قام بها باقي الأعضاء المشاركين في هذا الحدث العالمي والبالغ عددهم ٧٧ دولة وظهورهم في القنوات وصحف بلدانهم وحساباتهم في مواقع التواصل؛ إنها صفر!
آلة الاعلام الصهيونية خرجت خلسة لتنشر انطباعين، أولهما (إيهام) الدنيا الترحيب بعلاقات صهيونية قادمة؛ والثاني تصوير الزيارة على أنها (احتفاء) بقدوم شخص مهم للغاية ،ورغم ما كان او سيكون الا ان هذا الظهور خرج دون علم مسبق من إدارة (قلعة نزوى) والتي تقوم بهذه الفعاليات كل يوم. و السؤال الاهم :إن كان ما حدث من تصوير للإعلام الاسرائيلي دون علم بالمختصين ، فكيف سيتم معالجته في قادم الايام وما هي التدابير الرسمية تجاه اي تصوير يمكن استغلاله لمصالح الدول الاخرى داخل المنشآت العمانية أياً كانت الأسباب ؟!
ليس عذرًا ان نقف مُندهشين أمام الإعلام الصهيوني ولعبة الغُميضة التي يلعبونها في المنطقة ، وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة ، الاسوأان لا نطرح حلولا في كيفية مواجهة المُراوغة التي يتفننون بها،والاحتياط لمثل هذه السقطات التي يجب التشديد عليها.
لا تزال عُمان دولة المؤسسات ؛ينظمها قانون أسسه قائد البلاد المُفدّى وسلّمه لرجالٍ ؛وضع جام ثقته فيهم، وعليه فإن على الجهات المعنية ان تكون على قدرٍ من المسؤولية والتبصّر تجاه (الفوضى) التي أحدثتها لعبة الغُميضة الصهيونية حتى لا تتوالى السقطات بأعذار ورقية هشّة تحترق أمام القانون والمجتمع، وليكن لإعلامنا الرسمي دور أكثر وضوحاً في إيقاف اللعبة قبل التخطيط لها.