
بناء على الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه يفتتح مجلس عمان بجناحيه( الدولة والشورى) اليوم الاثنين الثاني عشر من نوفمبر المجيد، دور الانعقاد السنوي الرابع وهو دور الانعقاد الأخير من الفترة السادسة لمجلس الدولة والفترة الثامنة لمجلس الشورى، ترجمة صحيحة لنهج الشورى العماني بخصوصيته وتفرده الذي أسسه وأرسى قواعد عمله جلالة السلطان منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، وقد مرت فيه تجربة الشورى بمراحل متطورة بعد أن تكاملت لها أسباب النجاح وتهيأت لها ظروف العمل التي واكبت الحالة العمانية بكل معطياتها وتحولاتها وأسست لسلوك الوعي الشوروي لدى المواطن العماني، في ظل ما يحمله دور الانعقاد السنوي من أنشطة برلمانية متعددة واستراتيجيات متنوعة في الأداء البرلماني الفاعل في ظل المهام والاختصاصات والصلاحيات التشريعية والرقابية الممنوحة لمجلس عمان (الدولة والشورى) والتي تحددت في: مراجعة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة، ومناقشة مشروعات القوانين المقترحة من المجلسين والمتعلقة بسن قانون جديد أو تعديل لقانون نافذ، واقتراح السياسات والأحكام التشريعية التي يراها للمصلحة العامة في مختلف جوانب العمل التنموي الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والتعليمية والثقافية والإعلامية والقانونية، وفق إطار عمل تشريعي حدده النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني (101/ 96) في المادة (58) منه مكررا.
وتبقى الطموحات مستمرة في ظل النهج الرصين للشورى العمانية، وما انتجته على مسار تطورها الرشيد من ممارسة أصيلة ترجمتها العديد من مشروعات القوانين والسياسات التنموية التي عبرت عن إرادة وطنية وطموح مؤسسي ودور فاعل للمواطن في تلمس معطيات الحياة البرلمانية وتهيئة الظروف المناسبة لها لنموها وتقدمها، وما شكّلته من انموذج في العمل الوطني المتناغم مع هوية المجتمع وقيمه مبادئه ومرتكزات بناء الدولة العمانية ومقتضيات الواقع العماني، المتفاعل مع المستجدات الحاصلة، واستلهاما للرؤية الوطنية الذي قامت عليها هذه المجالس في سبيل تحقيق أهدافها العليا وغاياتها السامية التي تضع المواطن أمام صورة مكبرة من الوعي والعمل المسؤول، نحو تلمس أفضل الممارسات وأنضج الأساليب التي يمكن أن يساهم بها في تشخيص معالم التطور وأنجع المعالجات والبدائل لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن وتوفير سبل العيش الكريم له.
ولمّا كان تعاطي المواطن مع المفردات البرلمانية دليل تحضّره ورقيه ووعيه، وشعوره بما يؤسسه البرلمان لمستقبل الوطن ويتيحه من فرص التكامل في برامج وخطط التنمية، وما يستدعيه ذلك من تقريب الصورة الذهنية للشورى والعمل البرلماني في فكر المواطن وقناعاته وطريقة وآلية تعاطيه لمشروعات التنمية وبرامج التطوير، والقيمة المضافة التي تحملها في مسيرة التطور عبر تعميق صورة العمل الجمعي المتوازن التي تصنعها الثنائية البرلمانية العمانية في ظل مرتكزات النظام الأساسي للدولة ، ونظرا لما يشكله مجلس عمان ( الدولة والشورى) من سلطة تشريعية في موقعا الشامخ وحضورها المهيب في منظومة العمل الوطني؛ لذلك يأتي طموحنا نحو ابراز هذا اليوم في النسق التعليمي الوطني بصورة أوسع انتشارا وأكثر عمقا وأنضج تعبيرا، تعظيما لقيمته وإبرازا لمحوريته واستلهاما للنهج السامي لقائد المسيرة المظفرة جلالة السلطان المعظم في افتتاح مجلس عمان وخطابه السامي الذي يحمل مستقبل الوطن المشرق ومسيرة النهضة المباركة ويستلهم منه أبناء عمان وبناتها معين المبادرة والعطاء والحب والإخلاص لعمان وقائدها المفدى حفظه الله، في تعريف مجتمع الطلبة بمراحل التطوير التي مرت بها الشورى العمانية وتأصيل ثقافة البرلمان في مؤسسات التعليم: مدارسه ومعاهده ومراكزه وجامعاته، كونه تعبيرا عن نهج وطني ينبغي ان يحاط بالرعاية والاهتمام ويحظى بالرصد والمتابعة له في أروقة التعليم، بحيث يقرأ فيه الطلبة مساحات الوعي بالبرلمان ودوره في رسم سياسات تنموية أكثر نضجا تلامس واقع حياة المواطن وتتناغم فيه نواتجه مع طموحاته وتوقعاته.
وعليه يأتي تأكيدنا على أهمية هذا النهج استمرار للدور المعهود للتعليم ومؤسساته في ترسيخ الثقافة الشورية والبرلمانية في سلوك المتعلمين، والتي عبرت عنها السياسات التعليمية الوطنية من خلال مرتكزين أساسيين، يقوم الأول: على تعزيز المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية والمنهجية بالمفاهيم والمصطلحات والقيم التي تعكس ثقافة العمل البرلماني، من خلال ما أفردته المناهج الدراسية في صفحاتها ومحتواها من مفردات تتعلق بالشورى والبرلمان ومجلس عمان واختصاصات مجلس الدولة واختصاصات مجلس الشورى واليات العمل بالمجلسين ومفهوم دور الانعقاد واليات العمل بالمجلسين وقراءة في النطق السامي في مجلس عمان، أما الثاني : فيتعلق بما أوجدته الممارسة التعليمية من الحاجة إلى تعزيز حضور المجالس الطلابية التي تعني في بعض جوانب عملها بالعمل الشوروي وتمارس أدوارا ديمقراطية يؤكد عليها البرلمان، والتي تمثها: المجالس الاستشارية للطلبة بجامعة السلطان قابوس والجامعات والكليات بوزارة التعليم العالي، بالإضافة إلى مجلس ولجان الإدارة الطلابية بالمدارس، والتي يمكن أن تستنطق القيم الشوروية والبرلمانية عبر الفعاليات والمناشط التعليمية والتثقيفية والإعلامية الموجهة لمجتمع الطلبة، واتاحه فرص البحث والتعبير والرصد لمهام واختصاصات مجلسي الدولة والشورى، من خلال القنوات الاعلامية وشغف البحث في منصات التواصل الاجتماعي للمجلسين وانشطة العمل فيهما، وتستحضر في أجندتها مراحل التطور التي مرت بها الشورى العمانية منذ بدايات النهضة المباركة والجولات الكريمة السامية لجلالة السلطان في ربوع عمان والمجلس الاستشاري للدولة ثم مجلس الشورى ثم إصدار النظام الأساسي للدولة الذي نّصت المادة (58) منه على: “يتكون مجلس عُمان من: مجلس الدولــــة ومجلس الشـــورى.
فهل ستسدرك مؤسسات التعليم فرصة دور الانعقاد السنوي لمجلس عمان، في قراءة النهج الشوروي في الممارسة التعليمية بصورة أكثر قربا من واقع حياة الأجيال بما تعظّمه فيهم من شغف البحث ورغبة المعرفة وتؤسسه فيهم من حب الفضول والمشاركة القادمة في توعيه المجتمع باختيار مرشحيه أعضاء مجلس الشورى للفترة التاسعة؟، ولتصبح أدوار الانعقاد السنوية أفضل المواسم النشطة لتسليط الضوء على الشورى العمانية ودور مجلس الدولة ومجلس الشورى في مسيرة التنمية الوطنية، استنهاضا للروح الوطنية المعطاءة في حب عمان وقائدها وفاء لمنجزات الثامن عشر من نوفمبر المجيد.