أخبار

نساء عُمان يُلهمن كاتبًا بحرينيًا للكتابة عن تفسيرهن للأحلام

نساء عُمان يُلهمن كاتبًا بحرينيًا للكتابة عن تفسيرهن للأحلام
نساء عُمان يُلهمن كاتبًا بحرينيًا للكتابة عن تفسيرهن للأحلام نساء عُمان يُلهمن كاتبًا بحرينيًا للكتابة عن تفسيرهن للأحلام (302090918161101)

مسقط-أثير
إعداد: سُعاد بنت سرور البلوشية


في جزيرة المحرق بمدينة المحرق البحرينية رزقت السيدة شما بنت راشد التي تنتمي لأصول عُمانية بابنها محمد، الذي اعتنت بتعليمه وتربيته جيدًا غارسةً فيه حُب بلدها الأصلي عُمان وحنينها الدائم لديارها بالسلطنة، فكانت سببُا لأن يبحر ابنها الدكتور محمد الزكري القضاعي في رحلة حالمة وثريَة لتتبع إرث العُمانيات مفسرات الأحلام، فكيف ألهمته نساء عُمان للتعمق في الأدب المروي حول تفسير الأحلام في عُمان؟

انتهجت والدة الدكتور محمد الزّكري القضاعي رحمها الله منحنى خاصًا في التعبير عن حبها العميق لعُمان ولإجادتها الشخصية وقدرتها على تفسير الأحلام، فكانت سببًا في تتبع ابنها لتاريخ سرد النساء العُمانيات وغير العُمانيات للقصص والاشتهار في تفسير الأحلام، بمحاكاة الإنسان في داخلها وترجمة مواقفه بحكم ثقافتها وموهبتها ورؤيتها الفكرية الخاصة.

فالدكتور محمد المولود في مدينة المحرق البحرينية من أم عُمانية، والشغوف بالتعمق في السلوكيات البشرية وأبعادها على المجتمعات قديمًا وحاضرًا، درس الأنثروبولوجيا في جامعة إكستر ببريطانيا، وعمل لسنوات طويلة مدرسًا في جامعة وستمنستر البريطانية وجامعة بي تي يو – كوتبس في ألمانيا لمادة التراث العالمي لطلبة وطالبات من مختلف بقاع الأرض، متنقلًا بين حياة البشر وطبيعة الشؤون الإنسانية واستكشاف ما يحيط بها من ثقافات وجوانب تطورها وأثرها وتأثيرها، وبما يحقق الفائدة المرجوة لطلابه، لاسيما المتعلقة بالحياة البدائية والحياة الحديثة مع محاولة التنبؤ بالمستقبل.

يقول الدكتور لـ “أثير”: “رددت عليّ والدتي رحمها الله كثيرًا قبل أن تغادر هذه الدنيا أنها من عشيرة كانت تسكن بين عُمان وساحل عمان، حيث تنوع الاهتمامات التي تبين مدى فاعليتها في مجتمعها، والعادات والتقاليد الفريدة كتجمع النسوة على عتبات البيوت لتناول فوالة الضحى المتمثلة في شرب القهوة وتناول التمر العُماني مع شيء من الفاكهة، والمعالم التراثية والتاريخية العريقة، وأنا أُمني النفس بزيارة خاصة إلى سلطنة عُمان”.

ويضيف: لأن تأثير الوالدة رحمها الله كان كبيرًا، فإن الفضول دفعني وبمرور الأيام للتركيز على دراسة نظرية المعرفة الشعبية ودور المعتقدات الشعبية في توفير رؤية للإنسان ومنها تطوير وعي المرأة، فكانت المنامات وتفسيراتها وصور القرى والأسواق والحارات الضيقة التي تحضر في أحلام السيدات حديث أمي المستمر، ولهذا السبب لم أستطع تجاوز هذه المرحلة وبدأت تأليف كتاب “عمانيات وتراث تفسير الأحلام” باللغة الألمانية عن دار مؤسسة أراب في ألمانيا.

ويُكمِل: “بمضي الأيام كبرت الأحلام حتى وجدت نفسي في عُمان، لملاحقة مكنون ما تمخض من مرويات ساعدتني في تأليف كتاب “عُمانيات وتراث تفسير الأحلام”، حينها استحضرت حديث أمي عن المنامات وتفسيراتها الجميلة، وتفرد العُمانية بعلمها المتماشي مع الإبداع في أحلى تجلياته وتقديم التأويل المناسب، وقدرتها على فك رمزيات الأحلام بشكل لا يضاهيه الرجال، ولتوضيح الدور الفعال للمرأة في كل زمان ومكان، قمت برصد المتداول في الأدبيات من سيرة ونشاط الجدات العُمانيات خلال الفترة من 1930 إلى 2010، إيمانًا بأهمية التراث غير الملموس في إيصال المعارف للآخر، وسلطنة عُمان كبلد له تاريخ وإمكانات استثنائية يُباهى بها بين الأمم، و”جميع المعلومات التي تضمنها الإصدار كانت بالبحث والتقصي الميداني والمقابلات المتكررة ولم يتم اللجوء لمصادر مكتوبة”.

يعكس الكتاب الذي اعتمد فيه الدكتور الزكري على عمل مقابلات مع نساء عُمانيات في صحار ودبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والدوحة بدولة قطر، والمنامة بمملكة البحرين، قيمة تراثية لأجل دراسة تاريخ تشكل القصة وهو برأي القضاعي محاولة لحفر شيء متخيل في أذهان من سيزورون اليوم هذه الأمكنة العمانية الساحرة، حيث يقول: “إنها محاولة لإثراء التجربة التراثية، فأغلب العرب يقصرون كثيرًا بل وقد يخفقون عند تطوير مشاريعهم التراثية في الاستثمار في دراسة “القصة” خلف ذلك التراث، فالقصة هي التي تربط التراث غير الملموس مع التراث الملموس في عقل السائح الذي قدِم من أماكن بعيدة شوقًا للبحث في تراثنا، وبدون قصة تتقلص فائدة النظر إلى معلم أو موقع معين سواءً كان قلعة أو برجًا أو مكانًا تراثيًا، ليشعر بأهميتها بل ويزداد اهتمامه بالتراث”، وللقصة في موضوعنا دور في رسم الفضاءات التي كانت موجودة في فن سرد الحكايات وتفسير الأحلام.

“تنبهت في هذه التجربة إلى أن النساء العُمانيات ممن التقيت بهم، أقرب في تفسير الأحلام إلى أسلوب ابن سيرين عن غيرهم من المفسرين، من خلال وجود دعاء لافتتاح التفسير، واتباع قواعد معينة تتعلق بتفسير رمزية الحلم، والتوظيف العميق للأحلام في معالجة قضايا المرأة بالمجتمع”.

اجتهاد الدكتور محمد القضاعي في رفد المكتبات بمرجع ونتاج أدبي ذي رصيد رصين من المعرفة والثقافة عن المرأة في سلطنة عُمان، يلبي تطلعات الطلبة والباحثين المهتمين بالتراث غير المادي العالمي، كما يُعدّ فرصة لتحليل واستعراض اهتمامات المرأة قديمًا لمستويات عالية من إثراء الفكر والروح، يقول عن ذلك: “أنت بصفتك من ثقافة مختلفة بأمس الحاجة إلى المعلومات الشفهية التي يسردها عليك المرشد السياحي، فقط عندما يتعشق التراث غير الملموس مع التراث الملموس تكتمل عناصر التراث في تصور ومخيلة السائح”.

ويؤكد الدكتور أن تعلق الإنسان العُماني بالميثولوجيا منذ القدم مرتبط بمورث ومخزون فكري، من المرويات التي تدخل من خلال بوابة التنوع الحضري، والبيئة التي تشهدها السلطنة بحيث أن الساحل ووشوشة البحر على شواطئ عُمان الممتدة، تعطي فرصة لإثراء المرويات عن هذا المسطح المائي العالمي ألا وهو البحر، كما أن شموخ الجبال وتطاوله مع أشجار النخيل يعطي نوعًا آخر من المرويات، وتكون النساء على وجه الخصوص ضمن تلك المرويات من التراث غير المادي المرتبطة بالإنسان العُماني في البر والسهل والبحر.

زيارة الدكتور محمد القضاعي إلى السلطنة وتعلقه بها لدرجة أن تصبح معشوقته – كما يؤكد-، والعناية التي حظي بها كفيلة في استنفاد الكثير من جهده لنشر إصداره، ليختم حديثه لـ “أثير” قائلا: “عُمان مكان يحتل في قلبي حيزًا كبيرًا، وأكون سعيدًا بأن أخدمه بأي طريقة إيجابية، وفق الله عُمان سلطانًا وشعبًا”.

Your Page Title