أثير- جميلة العبرية
يقع فلج صعراء في ولاية البريمي، وهو أحد الأفلاج الداؤودية ويبلغ طول مساره ٦٥٠٠ متر تقريبا في قناة تحت سطح الأرض، ويصل عمق منبعه إلى ٢٥م تحت الأرض.
وشكل الفلج مؤخرًا مزارًا سياحيًا يستقطب السائح من داخل المحافظة وخارجها؛ بسبب ما شهده من تطوير جعل منه مكانًا مقصودًا للتمتع بواحته الجميلة.

“أثير” تواصلت مع صاحب مبادرة تطوير الفلج طالب بن أحمد الجابري (وكيل الفلج حاليًا) الذي أخبرنا بأن فلج الصعراني تعود تسميته إلى واحة صعراء التي يغذيها هذا الفلج، حيث تبلغ الرقعة الزراعية التي يغذيها ما يقارب الـ ٢٠٠ فدان مزروعة بأنواع كثيرة من المزروعات كالنخيل والمانجو والليمون بأنواعه، والورقيات والأعلاف الحيوانية وأشجار الفاكهه كالتين والعنب.
“أثير”

ويذكر الجابري: الفلج تعرض للجفاف تمامًا عام ٢٠٠٠م تقريبًا حيث نتج عن هذا الجفاف موت معظم المزارع إن لم تكن جميعها، وفي بداية عام ٢٠١٧م جاءت فكرة إعادة إحياء وترميم هذا الفلج حيث قمت بحث المجتمع والأهالي أصحاب الفلج والجهات الحكومية، ونظرًا لعدم اقتناع معظم تلك الجهات قمت بالمبادرة بنفسي بعد أن أخذت الموافقة من الجهة المختصة (دائرة موارد المياه بالبريمي) ، والعمل عليه بتمويل شخصي، واستئجار الاحتياجات من معدات وعمال.

ويضيف: كنت أصوّر مقاطع مرئية وصورًا مختلفة للعمل وأرسلها إلى الأهالي، لحثهم على الانضمام معي، وبعد مضي ما يقارب العشرة أيام بدأ التجاوب منهم، واستمر العمل بالمعدات حتى الوصول لعمق الفلج وهو ٢٠ مترًا تحت سطح الأرض، حيث تم تصوير قناة الفلج القديمة والتي انبهرنا بشكلها وهندستها ووفرة المياه بها، بعد ذلك قامت الحكومة بالتجاوب مع المبادرة وكذلك الأهالي جميعا، وشكلنا فريقًا وهدفًا واحدًا وهو إحياء هذا الإرث العظيم الذي بناه الأجداد من آلاف السنين.
ويشير الجابري إلى الذين أسهموا في هذه المبادرة ماديًا ومعنويًا، قائلا: قام الأهالي بالمساهمة المادية نقدًا، كما قامت وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه (سابقا) بإسناد مشروع صيانة القناة الناقلة للمياه بطول ٦٠٠ م وبعدها بطول ٢٤٥٠م وجميعها تحت سطح الأرض، وما تزال الأعمال الحكومية مستمرة في صيانة القناة حتى الآن، وكذلك تم طرح مناقصة من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه كدعم لهذه المبادرة وذلك بتطوير نظم الري الحديثة، حيث تم الانتهاء من إعداد تصاميم ودراسة المشروع وهو الآن في مرحلة طرحه كمناقصة للشركات المختصة في هذا المجال.

وعن عودة المياه لمجراها في الفلج يوضح الجابري: بعد أن وصلت المياه إلى الشريعة (نهاية صب المياه) وبدأت المياه تدب في المزارع والنخيل وعودة الفرحة لأهالي المنطقة جاءت فكرة أن يتم عمل قيمة مضافة لهذا الفلج وذلك بأن يكون هذا الفلج معلمًا سياحيًا وثقافيًا وترفيهيًا وأيضا أثريًا وتاريخيًا، حيث تم إنشاء بوابة على هيئة قناه تنزل بها الأعماق هذا الفلج ويمكن دخول أي شخص له الرغبة بالاستكشاف والمغامرة والدراسة، وتم توفير سبل الأمان بها وهي تعد أول بوابة لفلج داؤودي بالسلطنة، كما تم تجهيز مجلس لاستقبال الضيوف عند أم (منبع) الفلج.

ويذكر: كذلك تم تطوير الشريعة وذلك بتخصيص جزء للسباحة، وتصميمه بطراز عمراني عماني يحاكي البيئة والثقافة المحلية، وتجهيز مجلس للرجال، ومجلس للنساء وتكسية قناة الفلج بالشريعة بالسيراميك والأحجار الطبيعية ووضع إنارة للشريعة بالكامل وكذلك عمل شبكة ري حديثة لري المزروعات، ومن رأيي هذا التطوير جعلها من أجمل المواقع بالولاية يرتادها الزوار والسياح من مختلف الأرجاء، كما بدأت بعض الفنادق والمنتجعات باستقطاب فئة كبيرة من زوار وسياح الفلج وكذلك بعض المطاعم والمقاهي.
ويطلعنا طالب عن الذي حققته مبادرة تطوير فلج الصعراني من نتائج:
- – وجود متنفس وموقع سياحي لولاية البريمي بشكل خاص والمحافظة بشكل عام.
– زرع ثقافة المحافظة على مكتسبات الوطن وتراثه في الأجيال القادمة.
– انطلقت من هذه المبادرة مبادرات أخرى في معظم ولايات ومحافظات السلطنة، حيث تم تشكيل فرق أهلية والبدء في صيانة وإحياء أفلاجهم.
– وجود اسم السلطنة بالمحافل الدولية حيث تمت المشاركة باسم هذه المبادرة في مؤتمرات دولية تحت إشراف منظمة التراث العالمي (اليونيسكو) بجمهورية الهند، وكذلك بالمملكة المغربية.
ويختم الجابري حديثه لـ “أثير” مؤكدًا بأن العمل لا يزال مستمرًا في صيانة الفلج، وكذلك التخطيط وفق الاستراتيجية المستقبلية لما سيتم إضافته من مرافق كالمتحف وسوق للحرفيين وكذلك مطعم يقدم المأكولات العمانية التقليدية وغيرها من المشاريع.