مسقط-أثير
تصفّح أوراقه: د. محمد بن حمد العريمي
صدر مؤخرًا عن مؤسسة اللبان للنشر كتاب جديد يعد إضافة مهمّة إلى رفوف المكتبة التاريخية العمانية، ألا وهو كتاب (ولاية العهد في العصر العباسي الأول) للباحثة الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية، وهو في الأصل دراسة أكاديمية نالت بها صاحبتها درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي.
هدف الكتاب الذي يقع في 256 صفحة وقدّمته الأستاذة الدكتورة فاطمة بلهواري أستاذة التاريخ الإسلامي بجامعة السلطان قابوس، إلى تتبع انتقال الحكم ( ولاية العهد) في العصر العباسي الأول، والوقوف على أهم الأحداث الناجمة عن ولاية العهد، كما بحث في الدور الذي لعبته الحاشية وبعض الشخصيات النسائية في هذه القضية، سيّما أنها من القضايا الشائكة التي أثّرت في مجرى الأحداث التاريخية.

اعتمدت الباحثة المنهج التاريخي القائم على وصف وتحليل الروايات التاريخية، والمقارنة بين وجهات النظر المختلفة، واستعراض آراء المؤرخين المحدثين حول القضية في العصر العباسي الأول، كما أنها اعتمدت على أهم المصادر الأولية مثل كتاب (أنساب الأشراف) للبلاذري وكتاب (الوزراء والكتّاب) للجهشياري، وتاريخ ابن خيّاط، و(الأخبار الطوال) للدينوري، و(تاريخ الطبري)، و(الإمامة والسياسة) لابن قتيبة، وغيرها، بالاضافة لبعض المراجع الحديثة التي ناقشت الموضوع ككتاب (العباسيون الأوائل) لفاروق عمر فوزي، و(ولاية العهد في الدولة العباسية) ليوسف ابراهيم شعبان، و(العصر العباسي الأول) لعبد العزيز الدوري، وغيرها.

أقسام الكتاب
قسّم الكتاب إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة، حيث تناولت المقدمة نبذة عن طبيعة الدراسة وأهميتها وأهدافها وتقسيماتها، وإطارها الزماني والمكاني، والمنهجية المستخدمة فيها، والدراسات السابقة التي عالجت موضوع ولاية العهد في العصر العباسي الأول، والمصادر الرئيسة ذات العلاقة بعنوان الموضوع.
تناول التمهيد ولاية العهد قبل وصول العباسيين للسلطة في عام 132هـ، كما تتبع الجذور التاريخية للطموح السياسي العباسي.

بينما ناقش الفصل الأول ولاية العهد في فترة التأسيس (132- 158 هـ)، حيث ألقى هذا الفصل الضوء على كيفية تولي أبي العبّاس السفّاح الخلافة وعهده بولاية العهد لأخيه أبي جعفر المنصور ثم عيسى بن موسى من بعده، كما ناقش الدور الكبير الذي لعبه الخليفة المنصور في القضاء على الطامعين في الخلافة، والجهود التي بذلها في سبيل تولية ابنه المهدي كولي للعهد من بعده.

وركّز الفصل الثاني على ولاية العهد في فترة الاستقرار النسبي والازدهار الحضاري (158- 193 هـ)، ومناقشة القضايا التي أفرزتها ولاية العهد في فترة خلافة المهدي والهادي والرشيد، كما بحث في الدور الذي لعبه المهدي في إزاحة عيسى بن موسى نهائيًا من ولاية العهد، وعهده لولاية العهد لابنه الهادي، ثم وفاته المفاجئة، وتناول محاولة الهادي تولية ابنه جعفر بدل أخيه الرشيد، كما ناقش أيضًا قرار الرشيد بتولية أبنائه الأمين والمأمون والمؤتمن ولاية العهد من بعده.

وتمحور الفصل الثالث حول الوقوف على تداعيات ولاية العهد في أواخر العصر العباسي الأول (193- 247 هـ)، ويشمل خلافة الأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكّل، حيث ناقش الحرب الأهلية بين الأمين والمأمون، وقرار المأمون بولاية العهد لعلي الرضا، ومحاولة العباس بن المأمون الإطاحة بخلافة عمّه المعتصم، كما ألقى هذا الفصل الضوء على قرار المتوكل بولاية العهد لثلاثة من أبنائه المنتصر والمعتز والمؤيّد.

نتائج دراسة الكتاب
وخلص الكتاب إلى نتائج عدة منها: اتخاذ العباسيين مبدأ الوراثة في الحكم، وكانت هذه الوراثة محصورة في البيت العباسي، كما أن وصايا الخلفاء العباسيين لولاة عهـدهـم كان لها قيمة سياسية ودينية، وكان لرجال الحاشية والبلاط وبعض الشخصيات النسائية دورٌ كبيرٌ في قضية ولاية العهـد، وقد تنامى دورهـم أكثر فأكثر كلما كانت شخصية الخليفة يسهـل التأثير عليها.
كما أوضح الكتاب الدور الذي قامت به بعض الشخصيات النسائية في انتقال السلطة خلال هذا العصر من مثل: هند زوجة الخليفة أبو العباس السفاح، والخيزران زوجة الخليفة المهدي ، وزبيدة زوجة الخليفة الرشيد، وقبيحة زوجة الخليفة المتوكل.

يُذكر أن الباحثة الدكتورة أحلام بنت حمود بن مبارك الجهورية حاصلة على شهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة السلطان قابوس، وتعمل باحثة تاريخية في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ولها العديد من الكتب والدراسات وأوراق العمل التي نشرتها وقدمتها في عدد من المطبوعات والملتقيات العلمية من بينها: كتاب(المجتمع العُماني في القرنين (4-5هـ/ 10-11م) من خلال بعض مسائل بيان الشرع لمحمد بن إبراهيم الكندي)، وأوراق عمل منها: “قراءة في مكانة الشيخ جاعِد بن خميس الخروصي من خلال الألقاب والكُنى”، و”التكافل الاجتماعي في المجتمع العُماني في القرنين (4-5هـ/ 10-11م)”، و”القهوة بين الجدل الفقهي والمكانة الاقتصادية”، و”حضور المرأة في المصنفات الفقهية العُمانية (3-6هـ)، بيان الشرع لمحمد بن إبراهيم الكندي أنموذجا”، و” آل كندة ودورهم العلمي في عمان في القرنين (5-6هـ/ 11-12م)”، و”المصطلحات الاجتماعية من خلال كتاب بيان الشرع في القرنين 4 و5هـ/ 10 و11م”، و “عُمان من خلال مجلة العربي، استطلاعات سليم زبال أنموذجا (قراءة تاريخية)”، و”ملامح من الألقاب السياسية في وثائق أهل نزوى خلال القرن 14هـ/ 20م”، كما أنها عضوة في العديد من الجمعيات واللجان من بينها لجنة التاريخ بالجمعية العُمانية للكتاب والأدباء.