مسقط-أثير
من منطلق التعاون القائم بين “أثير” وجمعية الرحمة؛ تُعيد الصحيفة نشر 25 حوارًا أعدتها الجمعية من قبل وأصدرتها في كتاب تمت طباعته سلفًا.
فإلى تفاصيل الحوار السابع:
هي حائزة على جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي عن مشروعها الإنساني التعليمي (محو أمية أبناء قريتي مسؤوليتي ) في ولاية العلم والعلماء “ولاية نزوى”، حيث بدأ مشروعها بتعليم 5 من الطلبة، لتكبر الفكرة الجادة الصغيرة وتصبح مشروعا يشار إليه بالبنان يؤدي مهمة “المعلم المسؤول” عن مجتمعه نحو تقديم خدماته بلا كلل، أو ملل، مؤمنا برسالته، مثابرا لتحقيق النجاح فيها، مدركا للتحديات التي يمكن أن تواجهه وهو غير مبال إلا بالسير قدما نحو “قرى” تخلو من ” الأمية”، إنها صاحبة الإنجاز “زهرة بنت سالم بن سنور العوفية “.
من 20 إلى 100 طالب
وبثقة المعلم “المسؤول” تسرد العوفية “حكاية” لا تشبه أي حكاية من حكايات الواقع المعيش وتقول حول البدايات: كانت البداية منذ عشرة أعوام عندما أصبح لدي وقت فراغ بعد أن كبر أبنائي وذهبوا إلى الدراسة في الجامعة فصار لدي وقت فراغ كبير فجاءت فكرة إنشاء فصل في البيت وبدأت أعلم أبناء جيراني وكان عددهم عشرين فقط وبعد خمسة أعوام صار عددهم مائة طالب وطالبة.
وهنا أصبحت غير قادرة على توفير المال اللازم لتكريم الطلاب الذين يحفظون القرآن كنت أقتطع من مصروف البيت لتكريمهم . وعندما زاد عددهم قررت أن أبدأ بمشروع منزلي يدر لي دخلا ماديا حتى أتمكن من توفير مبلغ لحفل التكريم. الدافع هو أن الإنسان يجب عليه أن يستغل وقت فراغه في أشياء مفيدة وتنفعه لآخرته وهذا هو الدافع الأكبر.
22 قرية مستفيدة
وأكدت العوفية: أن عدد المواقع التي يغطيها مشروع ” محو أمية أبناء قريتي مسؤوليتي” بلغ 22 ومن ضمنها: “قرى الجبل الشرقي” و”جبل شمس” و”قرية مسفاة العبريين” حيث يبلغ عدد المستفيدين الذين يتم تدريسهم في منزلي بجانب طلاب القرى حوالي ( 500 ) طالب وطالبة من النساء والأطفال.
رسالة مشروع داعم لمشروعي
وحول سؤالها إن كان هناك من يدعمها بالمساعدة قالت العوفية: بالنسبة لإدارة المشروع، فأنا من أديره بنفسي، إلا أننا في ذات الوقت استعنت بالأستاذة (بدرية الشقصية) في جانب الوعظ والإرشاد بعد أن رفض طلبي من قبل الجهة المعنية بالأووقاف لاصطحاب واعظة من نفس ولاية نزوى، حيث واجهت بعض المشكلات بالنسبة للمرافقات حيث كنت أستعين بأمهات مجلس مدرسة الأبرار، لأنه من هذه المدرسة بدأت الذهاب إلى قرى الجبل.
وأوضحت زهرة العوفية بأن استمرارية المشروع تأتي من اعتمادها على “فن الطبخ” لتغطية مصاريف المشروع : إنها منذ البداية اعتمدت على طاقاتها وإمكانياتها لتوفير مصاريف المشروع بخاصة وهي ليس لديها ميول “لجمع المال” من قبل المحسنين، أو استجداء أحد وإن كان مقتدرا، وتقول عن ذلك : اعتمدت على موهبتي في “فن الطبخ”، ولذا الرسالة الوحيدة التي تجرأت وبعثتها للجمهور مفادها الإعلان عن “مشروع طبخ الأكلات المختلفة” والاستعداد لاستقبال الطلبات، مع توضيح أن العائد المادي سيكون داعما لمدارس تعليم القرآن الكريم في القرى الاثنتين والعشرين، بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي.
سخرية واستهزاء
العوفية، كانت مدركة أن الطريق ليس مفروشا بالورود، وأنها لا بد وأن تواجه الصعوبات التي ستبرز أمامها، ولا بد أن تذللها، حتى تواصل الدرب ومن ضمن هذه الصعوبات “نظرة المجتمع” لمشروعها، وقالت حول هذا الأمر: في بداياتي الحقيقة، واجهت سخرية واستهزاء بمشروع الطبخ الداعم لمشروع “محو الأمية”، لأن الجمهور من حولي لم يكن يعرف لماذا أدخل في مشروع “الطبخ” حتى أهلي في ولايتي نزوى، علما أنني أقطن في ولاية الحمراء لكن مسقط رأسي نزوى.
نظرة غير مستحقة
نعم.. النجاح يحتاج للوقت، والاعتراف بالنجاح والجهود المبذولة حوله تحتاج لوقت أكبر، هذا ما بينته زهرة العوفية وأضافت: بعد فوزي بجائزة السلطان قابوس بدأ الناس يعرفون لماذا كنت أطبخ، وربما الاستهزاء والسخرية جاء قبلا، لأن الجمهور لا يعرفون لماذا أنشأت مشروع الطبخ؟ حيث كانوا يعتقدون سابقا أنني أطبخ كي أنفق وأعيل بيتي وأبنائي وكانوا ينظرون إلي بدونية غير مستحقة، علما أنني امرأة مقتدرة وأبنائي يشغلون مناصب مختلفة وزوجي ميسور الحال ولله الفضل.
5 مدارس استجابت لمشروع الطبخ
وبشرح مفصل توضح “صاحبة مشروع (محو أمية أبناء قريتي مسؤوليتي) الأسباب الرئيسية لابتكار مشروع الطبخ وقالت: فضلت في البدايات الصمت وعدم الرد على كل الألسن التي تحط من شأن مشروعي، على الرغم من تكلفة مصاريف التعليم وصلت تقريبا (1000) ريال وهو مبلغ كبير ويحتاج “دعم” عن طريق دخل ثابت، ولهذا تم الاتفاق بيني وبين خمس مدارس حكومية لتوفير وجبات يومية، مع مساعدة مشكورة من بعض جاراتي حيث نجحت في فتح باب فرص رزق لبعضهن اللاتي أثبتن بجديتهن، ومثابراتهن، وكن على “قدر الثقة”، حيث كان دورهن كبيرا أيضا في توزيع الطلبات لهذه المدارس. وأقصد بالمدارس الحكومية ليس الطلبة وإنما زبائننا من “المعلمين والمعلمات” لتجهيز فطور يومي لهم.
خطوات للأمام
# هل المشروع لا يزال يُدعم من خلال الطبخ وهل هنالك جهات، أو أفراد يدعمونك ماليا ؟
– في السابق واجهت مشاكل مالية بسبب كثرة النساء اللاتي يمارسن مهنة الطبخ كأحد المشاريع المنزلية التي يجدن. وكان لا بد من الدفع لهن أجورهن. مما جعلني أستدين من أحد أقاربي لتمويل المشروع من جهة المواد الغذائية للطلبة. لتأتي الخطوة الأهم وهو قراري ممارسة وتبني “مشروع الطبخ” حيث قمت بإرسال “إعلان” مفاده يوضح “أنني أتبنى مشروع الطبخ لصالح مدارس تعليم القرآن الكريم في قرى الجبل في مناطق حددتها في الإعلان ومنذ ذلك القرار والمشروع في نماء وبركة من الرحمن. والحقيقة من المواقف التي ستظل خالدة في ذاكرة هذا المشروع المستمر أن هناك أسماء كان لها فضل كبير في استمرارية العطاء في المشروع ومن بين هذه الأسماء الشيخ إبراهيم بن أحمد الكندي رحمه الله الذي تكفل بدفع راتب معلمتين ضمن خمس وثلاثين معلمة فجزاه الله خير الجزاء.
# كم عدد المستفيدين من المشروع؟
بلغ عدد المستفيدين من المشروع مع الطلاب الذين يتلقون التعليم في منزلي خمسمائة طالب وطالبة، أما عدد المدارس المستفيدة فبلغ اثنتين وعشرين مدرسة في اثنتين وعشرين قرية.
جهد لزيادة الدخل
# أسلفتِ سابقا أن التكلفة تبلغ 1000 ريال ، فهل هذه التكلفة تشمل التكريم السنوي والمصاريف اليومية والمكافآت؟
نعم، 1000 ريال عماني تكلفة التعليم فقط، أما التكريم فله ميزانية خاصة من خلال اشتغالي في شهر رمضان بالتعاون مع النساء اللاتي يزيد عددهن في هذا الشهر الفضيل والتي أعتبرها فرصة، لأن المنافسة تقل لكثرة الطلب وبدوري أستغل الفرصة وأطبخ أطباقا كثيرة لحفل التكريم فقط وأعمل على زيادة الكادر في رمضان حتى أستطيع توفير مبلغ التكريم.
التتويج أسعدني
أما عن التكريم الذي جاء تتويجا لها كامرأة مكافحة لإيصال رسالتها نحو الهدف المنشود قالت العوفية: قصة فوزي بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي جاءت عندما سُجل اسمي في الجائزة من قبل إحدى المعلمات وتدعى هدى القصابية مشكورة، على الرغم من ترددي ورفضي للفكرة، إلا أنها استطاعت إقناعي وتم التسجيل، وجاء الفوز الذي كان نقلة غيرت مجرى حياتي، لأن الناس الذين كانوا يسخرون ويستهزئون أصبحوا يقدرون صنيعنا واجتهادنا.
الواثق يمشي ملكا.
# من عملك كل هذه السنوات في المشروع ومن كل المعوقات التي واجهتيها خلال مسيرتك ما هي نصائحك للمجتمع العماني بشكل عام وللمتطوعين بشكل خاص؟
– رسالتي لكل أم بإمكانك أيتها الأم أن تكوني أما لأبنائك، وأما لفكرة تفيد مجتمعك، فالأفكار لا تحتاج لشهادات عالية ولا لمبالغ طائلة، وإنما تحتاج لنية صافية من القلب هذه هي رسالتي للمجتمع والأم هي نصف المجتمع إن لم تكن كله ورسالتي لكل متطوع، بأنه لا ييأس مهما واجه من مشاكل ومعوقات وسخرية وحتى التهديدات يضرب بها عرض الحائط ويستمر ويتوكل على الله فمن توكل على الله ما خاب أبدا ، الواثق بربه يمشي بين الناس ملكا.