أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي معلومات وأخبارًا عن صدور حكم قضائي ضد امرأتين تُسمّيان بـ”مشهورتين”، قضى بإغلاق حساباتهما في هذه الوسائل، الأمر الذي لاقى ترحيبًا من المتابعين الذين طالبوا بمثل هذه الأحكام ضد كل من يخدش الحياء بنشر معلومات أو صور أو مقاطع مرئية تخل بالآداب العامة.
وهنا عبر هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” سنتحدث بشكل مختصر عن أمور ترتبط بهذا الحكم القضائي المُتداول.
أولا: التهمة والعقوبة الأصلية
تتمثل التهمة وفق المُتداوَل في مخالفة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي (الانستجرام، السناب)، وذلك باستخدامها في الإخلال بالآداب العامة، وهي التهمة المؤثمة بنص المادة (17) التي ورد فيها :
“يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في المقامرة، أو في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه المساس أو الإخلال بالآداب العامة أو في الترويج لبرامج أو أفكار أو أنشطة من شأنها ذلك”.
ثانيًا: عقوبات تكميلية
نلحظ من الحكم المتداول بأن العقوبة اشتملت على إغلاق حسابات هاتين المرأتين في وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه العقوبة تدخل ضمن العقوبات التبعية أو التكميلية، التي نصّ عليها القانون في المواد من (56 – 62) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7 / 2018 ، وتعرّف بـ: “تعد العقوبة تبعية إذا كان القانون يقضي بها كأثر حتمي للحكم بالعقوبة الأصلية، وتعد تكميلية إذا كان توقيعها متوقفا على نطق القاضي بها إذا أجاز القانون له توقيعها.”
ومن هذا التعريف الذي اعتمده المشرع للعقوبات التبعية والتكميلية يتضح لنا بأن التعرف على العقوبة بأنها تبعية -أي تابعة للأصل في العقاب- يجب معه أن يصدر ضد المحكوم عليه في جريمة ما عقوبة أصلية ثم يحدد القانون عقوبة تبعية لها تتبعها؛ أي لا يلزم أن ينطق القاضي بها في حكمه فهي تابعة لأصل بقوة القانون، وللقول بذلك يجب أن تكون العقوبة التبعية منصوصًا صراحة عليها في القانون بأنها تتبع العقوبة الأصلية.
ومن هذه العقوبات التبعية والتكميلية:
أ- الحرمان من كل أو بعض الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة (58) من قانون الجزاء العماني .
ب- المصادرة.
ج- منع الإقامة في مكان معين أو ارتياده.
د- الحرمان من مزاولة المهنة.
هـ إلغاء الترخيص.
و- إبعاد الأجنبي.
ز- إغلاق المكان أو المحل.
ح- حل الشخص الاعتباري.
ط- الوضع تحت مراقبة الشرطة.
ي- نشر الحكم.
ك- التكليف بأداء خدمة عامة.
وبالرجوع للحكم الصادر في حق المرأتين نجد أن أداة الجريمة هي حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لهن؛ لذا قررت المحكمة المختصة غلق الحسابات تطبيقا لما ورد في نص المادة (58) من قانون الجزاء العماني، نظرا لتبعية العقوبة بالأصل، أي لولا تلك الحسابات ما حصلت الجريمة المتعلقة بمخالقة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
ثالثًا: من له الحق في تحريك الدعوى الجزائية المشار إليها في المادة (17) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات؟
الادعاء العام له الاختصاص الأصيل في تحريك هذه الدعوى كونها عمومية، ولا تتعلق هذه الجرائم بشكوى خاصة من المتضرر، بل يحق لكل من شهد على مثل هذه السلوكيات إبلاغ مأموري الضبط القضائي، الذين بدورهم يحيلون البلاغ للادعاء العام الذي بدوره إما أن يقرر حفظها أو إحالتها للمحكمة المختصة للفصل فيها حسب الوصف والقيد الوارد في قرار الإحالة.
رابعًا: همسة
نتمنى أن تكون مثل هذه الأحكام وسيلة ردع لكل مَن تُسوِّل له نفسه استغلال هذه الوسائل في مخالفة القوانين. والوسائل الإلكترونية فضاءٌ رحب وُجِد للفائدة التي نتمنى من الجميع استثمارها لصالحهم وصالح مجتمعهم.