فضاءات

د.بدر المسكري يكتب: إضاءات على قانون مجلس عمان رقم 7/2021 المادة (24)

د.بدر المسكري يكتب: إضاءات على قانون مجلس عمان رقم 7/2021 المادة (24)
د.بدر المسكري يكتب: إضاءات على قانون مجلس عمان رقم 7/2021 المادة (24) د.بدر المسكري يكتب: إضاءات على قانون مجلس عمان رقم 7/2021 المادة (24)

الدكتور بدر المسكري – كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس

منذ تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق الحكم على أرض عمان الطيبة والسلطنة تشهد كثيرا من التغيرات التي يلمسها المواطن والمقيم، لعل من أبرزها إلغاء النظام الأساسي السابق وإصدار النظام الأساسي الجديد وقانون مجلس عمان.

نحاول في سلسلة من الحلقات تسليط الضوء على قانون مجلس عمان؛ وذلك بالتعليق على بعض نصوصه وأحكامه. ويكون التركيز في البداية على نص المادة 24 من القانون التي تنص على الآتي (للسلطان في الحالات التي يقدرها حل مجلس الشورى والدعوة إلى انتخابات جديدة خلال أربعة أشهر من تاريخ الحل). قبل الولوج في التعليق على هذا النص يبدو من المهم التوضيح للقارئ الكريم ما المقصود بسلطة رئيس الدولة في حل البرلمان؟ كما هو معلوم أن الأنظمة البرلمانية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات مع الإشارة إلى وجود تعاون ورقابة متبادلة بين السلطة التشريعية والتنفيذية ويعد الحل إحدى أدوات هذه الرقابة المتبادلة. يعرف بعض الفقهاء حل البرلمان على أنه (إنهاء مدة البرلمان قبل نهاية المدة المقررة في الدستور لنيابة هذا المجلس).

وقد استقر الأمر على اعتبار حل البرلمان عملًا من أعمال السيادة وفقا لمعيار القائمة القضائية الذي يأخذ به القضاء العماني والمقارن؛ باعتبار أن الحل يصدر من السلطة التنفيذية في علاقتها بالسلطة التشريعية، ويترتب على ذلك خروج مرسوم الحل من كل رقابة قضائية.

عند مقارنة نص القانون العماني مع بعض التشريعات العربية، نجد أن أغلب التشريعات العربية منحت رئيس الدولة سلطة حل البرلمان، لكنها اختلفت في مدى هذه السلطة؛ إذ يختلف موقف الدساتير المقارنة من سلطة الحل بين دساتير تعطي لرئيس الدولة سلطة كاملة ينفرد بها ، وثانية يشارك فيها رئيس الدولة في قرار الحل البرلمان نفسه أو الحكومة أو هما الاثنان ، وثالثة يشارك فيها رئيس الدولة القضاء الدستوري الرأي فيها الحل ، وأخيرة يكون فيها الحل بعد استفتاء الشعب باعتباره مصدر وجود البرلمان كما هو الحال في نص المادة 137 من دستور مصر 2014 التي تنص ( لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبقرار مسبب ،وبعد استفتاء الشعب ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذي حل من أجله المجلس السابق ، ويصدر رئيس الجمهورية قرارًا بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء على الحل خلال عشرين يومًا على الأكثر، فإذا وافق المشاركون في الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة ، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يوما على الأكثر من صدور القرار …)

وبالعودة مرة أخرى لنص المادة 24 من قانون مجلس عمان؛ نجد أنه يشترط لصحة حل مجلس الشورى توافر مجموعة من الضوابط يمكن إجمالها في؛ أولا أن تكون أداة الحل مرسوما سلطانيا وليس أمرا ساميا، ثانيا: أن تكون هناك أسباب قوية تدعو إلى حل المجلس؛ حيث إن سلطة رئيس الدولة في كل الأحوال حتى ولو بدت تقديرية إلا أنها ليست مطلقة؛ حدها وجود سبب قوي للحل يقتضي إهدار إرادة الشعب في اختيار نوابه، ثالثا أن يتضمن مرسوم الحل الدعوة إلى انتخابات جديدة خلال أربعة أشهر من تاريخ الحل. ويبقى التساؤل مطروحا: ماذا لو تم تجاوز هذه المدة؟ هل هذه المدة ملزمة؟ وهل يترتب على تجازوها أثر قانوني معين؟

وتجدر الإشارة إلى أن منح الرئيس صلاحية حل البرلمان دون أسباب تستدعي الحل، كأن يكون المجلس غير قادر على إنجاز مهامه الدستورية أو غير متجانس؛ فإن استخدام هذه الصلاحيات المطلقة من شأنه أن يؤثر على العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية ومن شأنه التأثير على مبدأ الفصل بين السلطات على قيام المجلس بمهامه على الوجه الأفضل.
مما تقدم يتضح أن أغلب الدساتير العربية تتفق في صلاحية منح الرئيس الحق في حل البرلمان، لكنها تختلف في مدى هذه الصلاحية وضوابطها وترتيبا على ذلك، نوصي بتعديل نص المادة 24 من قانون مجلس عمان بإشراك الشعب في قرار حل مجلس الشورى أو على الأقل وضع ضوابط واضحة ومحددة لحل المجلس.


Your Page Title