مسقط-أثير
كتبت: علياء الجردانية
“سلكتُ درب الإدمان بعدما اكتشفت أنني ابنةٌ مجهولة الأبوين”، هكذا تفتح نورة حديثها بحرقة عن سبب إقدامها على إدمان المخدرات.
عبارة نورة تلك حوّلت حياتها إلى جحيم حينما تتذكر سخرية الآخرين منها والشماتة بها من قبل أقرانها، ما تسبب بتوجهها إلى تعاطي الحشيش، ثم شرب الخمر بدءًا من عمر 16 وحتى سن 21.
نورة هي واحدة من الفتيات اللائي قد ينخرطن في عالم الإدمان وقد يهوي بهن الأمر إلى الجحيم ما لم يؤخذ بأيديهن ويتم التعامل مع الإدمان كمرض يحتاج إلى علاج، وليس كعار وخزي على المجتمع.
تقول معبّرة:” بشكل يومي كنت أتعاطى مواد خطرة، فقد أثر ذلك على دراستي وقد دفعنى الأمر إلى الانسحاب من المدرسة والتوجه إلى الزواج في عمر صغير جدًا”.
بعدما قررت نورة الزواج التحقت بالعمل في إحدى الوظائف البسيطة علّها تغطي مصاريفها الشهرية، وتابعت حديثها بتردد:” كان زوجي يشجعني على تعاطي الهيروين، الأمر الذي جعلني أفرط بعملي وأخسره بسبب التغيّب المستمر عن العمل”.
وصلت نورة إلى مرحلة متقدمة من الإدمان حيث تشعر بالألم الشديد والرغبة بالاستفراغ إذا لم تتعاطَ الجرعة بشكل يومي، ناهيك عن الحمى وعدم القدرة على التحرك من السرير، وتستطرد حديثها:” وصل الحال بي إلى الخلاف المستمر مع زوجي والانفصال منه بسبب عدم استطاعته توفير الجرعة لي”.
لمدة 6 سنوات استمرت نورة في درب الهلاك، وفي كل يوم كانت تزداد حالتها سوءًا، فقد وصل الأمر بها إلى سرقة أمها وتزوير توقيعها لسحب مبالغ هائلة من حسابها البنكي، وقد وصل الأمر بها كذلك إلى بيع بعض الحشيش لتوفير حصتها من المخدرات.
ومع ذلك حاولت نورة كثيرًا تغيير نفسها من خلال ذهابها لأداء العمرة والسفر للخارج بحثًا عن عمل، لكن دون جدوى.
وتكمل:” لم تتركني أمي أبدا فقد قامت بمساعدتي والسفر للخارج بحثا عن العلاج، فقد تعبت كثيرا وأدركت أنني خسرت كل شيء ومنها أسرتي التي تبنتني وحاولت أن توفر لي الحياة الكريمة”.
بعد سنوات تداركت نورة ما وصلت إليه من حال لا يطاق، ولملمت شملها وتماسكت بقواها ووقفت على قدميها، وفي عقلها تتردد فكرة “أنا لا أستحق هذه الحياة المزرية، وليس لأهلي ومن حولي ذنب في تحمل معاناتي، ونفسي عزيزة من أن أتذلل في سبيل الحصول على جرعة مخدرات”.
ورغم دخولها للسجن عدة مرات إلا أنها لم تستلم أبدا، حيث تعبّر بتفاؤل “أي إنسان له الحق في أن يغير حياته ويبدأ من جديد وكل ذلك لا يتحقق إلا عند امتلاكنا لإرادة قوية”.
استكملت نورة علاجها في مصحة متخصصة بعلاج الإدمان في إحدى الدول العربية، وبعد علاج استمر 8 أشهر عادت إلى أهلها واستشعرت قيمة أهلها وعائلتها وأصبحت حياتها أفضل، وتقول عن ذلك:” كان عندي كل شيء والآن لا شيء، لكن الله قد أنعم عليّ بالتعافي والقدرة على مساعدة الآخرين”.
عاهدت نورة نفسها أن تحارب الإدمان وأن تمد يد العون والمساندة لكل من يحتاجها، فالإدمان مرض وعلاجه الإرادة والعزيمة والثقة بالله.
إن أسوأ الأيام التي عاشتها نورة في مرحلة التعافي كانت أفضل بكثير من يوم تعيشه في التعاطي. وتختم نورة حديثها:” لا أنكر أسفي على العيش في وهم نشوة التعاطي للمخدرات، لكن ولله الحمد حياتي السابقة لا تقارن بالسعادة التي أعيشها الآن، خصوصًا وأنني على وشك الزواج من مدمن متعافٍ، وهذه أجمل هدايا التعافي”.