أثير- موسى الفرعي
إن من سمات جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- الهدوء والتأني وهي سمات فطرية تتيح فسحة للتفكير الصحيح والتخطيط السليم، وقد تجلّت حكمة جلالته منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، فهو رجل يتقن الرؤية من الزوايا الصحيحة ويطل على المشهد من علٍ رغم تشابكه مع هموم أبنائه واحتياجات المرحلة.
وقد أثبت أنه -رعاه الله- رجل الوقت حيث القرارات المناسبة المنتجة، ولا يقفز فوق المراحل إيمانا منه بأن التفاصيل الصغيرة هي مكوِّن النتائج الكبرى، وهذا الأمر قد تجلى في قدرته على تجاوز الأمة العمانية للكثير من التحديات منها جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية، واستطاع بهدوئه السلطاني أن يوقف الهدر المالي وأنابيب تدفقه غير المنطقي مما حقق اتزانا في المصروفات العامة، ووضع خطة للتوازن المالي والتي أنتجت تحسنا في الدين العام، وتحسنا في التصنيف الائتماني، وترشيد الإنفاق ورفع موازنة المحافظات واللامركزية في الهيكل العام لمؤسسات الدولة.
ولا شك بأن هناك ضريبة لابد لها أن تدفع وهذا من طبائع الأمور، ففي كل مرحلة بناء أو قيام لابد من خسارات وتنازلات وصبر في سبيل الغاية التي نسعى إليها والصورة التي نحلم أن تكون عليها البلاد، وليس من المنطق أن نطالب بقمة البناء ونحن ما زلنا نضع الأساس، ليس من المنطق أن نكتب بقلم قد جف حبره أو نرى من نافذة مغلقة، وهنا تتضح الصورة أكثر حين أن أبناء هذا الجيل المغتسل بالنهضة العمانية المتجددة الشاهدين على مرحلتين هم أركان الأمة في مسيرة النهضة المتجددة، هم لأنهم أدركوا الأخطاء ويعيشون الآن فترة إصلاح ما عرفوا، لأنهم شهدوا بناء عمان بسواعد أبنائها فشمروا هم أيضا عن سواعد الجد، لأن مراحل ما كان حفرت في عقولهم وعملية الإسراع للوصول بعمان إلى بر الأمان والمكانة العالية اللائقة بها مرسومة على صفحات أعينهم وتخفق بها قلوبهم، فكيف لا يكون هذا الجيل هم الأركان الأشد صلابة التي تقوم عليها البلاد، وكيف لا يكون ذلك وهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
إن ما هو كائن من استقرار وتحسن تدريجي للوضع الاقتصادي في عُمان ينبئ عن نقلة نوعية في حياة الفرد خلال العامين المقبلين بإذن الله، فهناك خطة توازن بدأت بعض ثمارها بالنضج لكن موعد الحصاد ما زال منتظرا على أبواب 2025م، لذلك علينا جميعا أن نتخالق بصفات هذا القائد الفذ في الهدوء والتأني مؤمنين بكرم الله على هذه الأمة الكريمة حيث سخر لها من انتشلها من غيابات جب الفقر والجهل والمرض -رحمه الله- ومن يمضي صاعدا بها في فضاءات الكرامة والعزة والأنفه -حفظه الله وأبقاه-. وإن كان الشباب العماني هم من هم فعلى المسؤولين أيضا أن يقوموا بدورهم وأن يكونوا أهلا لهذا التكليف والأمانة التي ألقيت على عاتقهم لأن التاريخ لن يرحم الكسالى المتخاذلين والحاضر لن يقف في صفهم، والإنسان العماني ووطنه الكريم وقائده المعظم هم الهدف الأسمى الذي يتعالى على المصالح والأهداف الشخصية، والمجد العام أهم من الشخصي لأن هذا الأخير زائل لا محالة ولا تتقن الذاكرة الاحتفاظ به؛ فالمناصب أوراق روزنامة تتغير وتُنسى.