مسقط-أثير
إعداد: محمد بن علي الوهيبي- كاتب عماني
في صباح يوم ماطر ساقتني الأقدار لأماكن كدنا ننساها عندما قررت أن أصعد عقبة قريات عبر الطريق الذي ظل يحتفظ بمسافة من الغموض لكنه ظل ذكرى جميلة لمن عبروه ذات زمن.
لا من عابر هنا الآن إلا حنين الرياح وهزيزها
وبقي السحاب وفيًا يمر فيروي المكان ويزهره.
بعد الصعود إلى الأعلى ركنت السيارة بجانب الشارع وتجولت في تلك المساحات الجبلية والمنحدرات الصخرية التي تبدو أغلب مساحاتها وكأنها أراضٍ منبسطة ومهيئة لإقامة مشاريع سياحية عليها بما وهبها الخالق من إطلالات ومناظر ساحرة حيث في الأعالي تتضح بلاغة الملامح.
لا شك أن هذا الطريق كلف البلاد فيما مضى تكاليف عالية، وفي كل الأحوال وجب الآن الاستفادة منه وتوظيفه في مسار آخر ليعود بالخير على البلاد وأهلها، لم ألحظ على الجبل أي تصدع، والأسفلت كما هو وما يزال متماسكًا، يمكن للعابرين من وإلى ولاية قريات اجتيازه، بالطبع أن الطريق الحديث أسهل خاصة لمن يرتاد الطريق بشكل يومي لكنني أود هنا أن ألفت النظر إلى ضرورة عدم إهمال هذا الدرب الجميل وإلى ضرورة استغلال هذا الإرث العظيم والاستفادة من هذه الجبال ومواقعها الخلّابة.
كل هذا الجمال من الجبال التي تستحوذ على مساحات شاسعة من بلادنا عُمان، بلادنا التي نعرف تفاصيلها ونعي قيمتها وظواهرها الطبيعية وأهميتها.

هذا الأمر يدفعنا كي نخطط لاستغلال هذه الثروة خاصة في المجال السياحي بمفهومه الواسع، فما أحوجنا إلى تشجيع المشاريع السياحية المتنوعة التي يمكن أن تُنفّذ بواسطة صندوق استثماري مشترك بين عدة جهات على أن يكون لأهالي ولاية قريات الأولوية ثم الصناديق السيادية أو المحلية ودعمها بكل الوسائل.
إذا حظي هذا الأمر بالمبادرة والتنفيذ والرعاية والاهتمام فإنه سيوفر موارد بديلة لمداخيل النفط الذي هو ثروة ناضبة لا محالة، بينما بلادنا بتنوعها الجغرافي اللافت: بناسها وأهلها وبحرها وسهولها وجبالها ثروة نابضة بالحياة.
إن إقامة مشاريع متكاملة ومتعددة الاستخدامات تمتد على مساحات هذه الجبال المتراصة سيسهم وسيستوعب أعدادًا كبيرة من أبناء هذا الوطن الباحثين عن حياة كريمة في بلادهم. وهذا الأمر بالتأكيد لا تختص به ولاية قريات وحدها بل يندرج على أماكن كثيرة في هذا الوطن الذي يمتلك طبيعة متنوعة ونادرة.
وستشكّل هذه الجبال إذا أردنا الاستفادة منها ملاذًا استثنائيًا تجمع بين طِيب الإقامة، وحُسن الضيافة فالتنزه عبر هذه الإطلالات الطبيعية العالية والخلّابة التي ستوفر لمرتاديها أسلوبًا مختلفًا من الحياة في منتجعات جبلية يُمكنها أن تكون وجهة مثالية للمواطنين والمقيمين والسُياح لممارسة مختلف الأنشطة في بيئة طبيعية مميزة، حيث يمكن إقامة بعض الفعاليات والمناشط الرياضية والترفيهية والخدمات المرتبطة والمصاحبة لها : كالغرف والأجنحة الفندقية والمطاعم المتنوعة والفلل ذات الإطلالات البانورامية الساحرة على سواحل ولاية قريات الفاتنة بمنحدراتها وروابيها الخضراء.
وأخيرا وليس آخرًا فإن كل هذا الشغف والجمال والطموح لا يكون، ولا يكتمل إلا بلمسات محلية.