أثير- مكتب أثير في القاهرة
تتميز السياسة الخارجية لسلطنة عمان بدبلوماسية دولية رفيعة المستوى، تتسم بالهدوء والرصانة والحكمة، غايتها الكبرى دعم أواصر السلام والاستقرار بين دول المنطقة بل والعالم.
وقادت السلطنة خلال الأعوام الماضية وما تزال، العديد من المبادرات والوساطات والعمليات الإنسانية بين مختلف الفرقاء؛ إذ نجحت جهود وساطتها في عودة العلاقات بين السعودية وإيران، وهي تقود الآن مساعي حميدة لعودة العلاقات المصرية الإيرانية؛ فما الصفة المميزة عن بقية دول المنطقة التي أهلت عمان لذلك، فضلا عن دورها في الوساطة بين إيران والغرب، خصوصًا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني؟
ومؤخرًا كشف موقع “أكسيوس” الأمريكي أن الولايات المتحدة تتواصل مع إيران، بخصوص البرنامج النووي، عبر الوسيط العماني. كما أُعلن الأسبوع الماضي بأن مسقط توسطت أيضًا ضمن صفقة تبادل السجناء بين إيران وبلجيكا التي شهدت إطلاق سراح عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فاندكاستيل مقابل الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، وإطلاق إيران سراح ثلاثة أوروبيين آخرين أمس الأول الجمعة.
أدوار سلطنة عمان للوساطة وحل المشكلات شملت أيضًا محاولات لحلحلة الأزمة اليمنية بين مختلف أطراف النزاع؛ حيث تقف على مسافة واحدة وتسعى بجهد حثيث إلى التقريب والمصالحة بين اليمنيين، وكذلك شأن السلطنة في مختلف قضايا الوطن العربي.
في هذا السياق يقول مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير رخا أحمد حسن، في تصريحات خاصة لـ”أثير”: إن سلطنة عمان تقوم بدور الدبلوماسية الهادئة والفعالة، فلا تحيط دبلوماسيتها بضجة، وتتصدى لحل العديد من المشكلات بمساع حميدة أو مبادرات.
وأضاف السفير المصري: لو عُدنا للاتفاق النووي الأول الذي عقد بين إيران والقوى الكبرى، كان لسلطنة عمان دور كبير فيه، بالذات في دخول الولايات المتحدة للمفاوضات وحاليًا ذلك يحدث أيضًا.
وتابع: تسعى السلطنة إلى الحفاظ على أمن جيرانها واستقرارهم، كما في اليمن، وسياستها تتبع النأي بالنفس من ناحية، وفي الوقت نفسه تسعى إلى تحقيق الاستقرار؛ لذا تقوم بمساع حميدة منذ نشوب الأزمة اليمنية وما تزال مستمرة في هذا.
وأوضح السفير “رخا”: السلطنة من دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تقطع علاقتها إطلاقًا مع إيران، وهذه وجهة نظر أرى شخصيًا أنها سليمة؛ فإيران لها دور كبير جدًا في أمن الخليج واستقراره، ولا يمكن أن نتكلم عن ذلك دون طهران، فهي تشهد في إقليمها الضفة الشرقية للخليج، ومن هنا كانت وجهة نظر السلطنة دائمًا، ثم استمرت علاقتها وثبت صحتها، وكل الدول التي قطعت علاقتها مع إيران استعادت تلك العلاقات، وقامت السلطنة بدور وساطة أساسي في هذا.
وأضف السفير رخا أحمد، بأن العلاقات بين السعودية وإيران عادت بضمان دولة كبيرة وهي الصين، لكن سلطنة عمان والعراق هما من قادا جهود عودتها وكان لهما دور كبير فيها.
ونبه إلى طرح جلالة السلطان هيثم بن طارق خلال زيارته لمصر موضوع العلاقات المصرية الإيرانية، قبل أن يناقش الموضوع نفسه خلال زيارته إلى طهران بعد أيام قليلة.
وأكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق، أن كل ذلك يأتي في إطار السياسة العامة العمانية، فعندما يسود السلام ولغة الحوار يكون أفضل للتغلب على المشاكل وتضييق نقاط الخلاف، لأنه لا توجد دول في العالم كله على وفاق بجميع القضايا. كما أكد أن الحوار واستمراره يساعد على احتواء نقاط الخلاف بدلا من التحدي والمواجهة.
من جهته قال د. محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية في تصريحات خاصة لـ”أثير”: إن العلاقات الإيرانية العمانية لها خصوصية شديدة ووطيدة جدًا، فإيران ترى في سلطنة عمان الدولة النزيهة التي يمكنها تأدية أدوار كبيرة في تقريب وجهات النظر بينها ودول أخرى.
وتابع: الأمر نفسه رأته دول أخرى، بينها مصر والسعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، لدرجة أن واشنطن ولندن اتخذتا قرارًا بجعل السلطنة هي المكان الإستراتيجي للحوار والنقاش مع دول الشرق الأوسط وعلى رأسها إيران.
وقال أيضا: العامل الآخر لكون السلطنة وسيطًا نزيهًا، ما بين كل الأطراف، أنه ليس لديها مشاكل مع أحد، وبعيدة كل البعد عن الصراعات الإيديولوجية والسياسية في المنطقة، وعلى هذا النحو أصبحت سلطنة عمان هي الوسيط النزيه المعترف به دوليًا وإقليميًا لحلحلة المشاكل المتعلقة بالشرق الأوسط، ولا ينافسها في ذلك أحد.